البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

 الأول والأخر و...
 الغني و ...
 الرب و ..
 الوكيل و ...
 القابض والباسط و ..
 المولى و ....

 
 

المكتبـــة العـــامـــه

أسـماء الله الحســنى

 

 المَوْلَى 

(المولى) اسم يقع على جماعة مثيرة فهو : الرب ، والمالكُ ، والسيدُ ، والمُنعمُ ، والمُعْتِقُ ، والناصِر ، والمحب ، والتابعُ ، والجارُ ، وابن العم ، والحليف ، والصهر ، والعبد ، والمنعم عليه ، وأكثرها قد جاء في الحديث فيضاف كل واحد إلى مايقتضيه الحديث الوارد فيه وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مَوْلَاهُ ، وَوَليهُ ، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء : فَالوَلايةُ ـ بالفتح ـ في النسب ، والنصرة والمُعْتِق . 
والوِلاية ـ بالكسر ـ في الإمارة ، والوَلاءُ المُعْتَق ، والموالا مَن والى القوم . 
والله عز وجل هو المولى:{ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} سورة الشورى الآية 11.
فهو المولى ، والرب الملك ، السيد ، وهو المأمول منه النصر والمعون' . لأنه هو المالك لكل شيء . وهو الذي سمى نفسه عز وجل بهذا الإسم فقال سبحانه { فَأَقِيمُوا الصلاةَ وءَاتُوا الزكَاةَ واعْتَصِموُا باللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الموْلىَ وَنَعْمَ النصِيرُ } . سورة الحج الآية 78 .  وقال سبحانه وتعالى : { وَإِن تَوَلوا فَاعْلَمُوّاْ أَن اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الموْلى وَنِعْمَ النَصِيرُ } سورة الأنفال الآية 40 . وقال الله سبحانه : { ذَلِكَ بَأَن اللهَ مَوْلى الذينَ آمنُواْ وَأَن الكَافِرِينَ لامَوْلى لَهُمْ } سورة محمد الآية 11 .  والله سبحانه وتعالى هو مولى الذين آمنوا وهو سيدهم وناصرهم ، على أعدائهم فنعم المولى ونعم النصير ، فالله عز وجل هو الذي يتولى عباده المؤمنين ويوصل إليهم مصالحهم ، وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية (ونعم النصير ) الذي ينصرهم ويدفع عنهم كيد الفجار وتكالب الأشرار ومن الله مولاه وناصره فلا خوف عليه ومن كان الله عليه فلا عزلة ولا قائمة تقوم له . فالله سبحانه هو مولى المؤمنين فيدبرهم بحسن تدبيره فنعم المولى لمن تولاه فحصل له مطلوبه ونعم النصير لمن استنصره فدفع عنه المكروه " وقال الله عز وجل :{ بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيرُ النَاصِرِينَ } . سورة آل عمران 150 ، ومن دعاء المؤمنين لربهم تبارك وتعالى ماأخبر الله عنهم بقوله : { أَنْتَ مَوْلانَا فاَنْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكِافِرِينَ } سورة البقرة الآية 286 . 
أي أنت ولينا وناصرنا وعليك توكلنا وأنت المستعان وعليك التكلان ولا حول ولا قوة لنا إلا بك . وقال عز وجل :{ إِن تَتُوبَآ إِلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِن اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ والمؤْمِنِينَ } . سورة التحريم الآية 4 . وقال :{ قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ العَلِيْمُ الحَكِيمُ } . سورة التحريم الآية 2 . 
وقد أرشد النببي (صلى الله عليه وسلم ) الصحابة حينما قال لهم أبو سفيان لنا العُزى ولا عُزى لكم فقال :"قولوا الله مولانا ولا مولى لكم " .

 النصِيرُ 

النصير : فعيل بمعنى فاعل أو مفعول لأن كل واحد من المتناصرين ناصرُ ومنصورٌ وقد نصره ينصره نصراً إذا أعانه على عدوه وشد منه . 
والنصير هو الموثوق منه بأن لايسلم وليه ولا يخذله . والله عز وجل النصير ونصره ليس كنصر المخلوق { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السمِيعُ البَصِيرُ } سورة الشورى الآية 11 . وقد سمى نفسه تبارك وتعالى باسم النصير فقال : { وَكَفَى بِربِكَ هَادِيَاً وَنَصِيراً } سورة الفرقان الآية31 {وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المولى وَنِعْمَ النصِيرُ } سورة الحج الآية 78 . {فَاعْلَمُوّاْ أَن اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الموْلىَ وَنِعْمَ النصِيرُ } سورة الأنفال الآية 40 . 
والله عز وجل هو النصير الذي ينصر عباده المؤمنين ويعينهم كما قال عز وجل :{ إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الذِى يَنصُرُكُم من بَعُدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكلِ المؤمِنُونَ } . سورة آل عمران الآية 160 .   وقال عز وجل :{ يَآأَيهَا الذِيْنَ ءَامَنُوّاْ إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبتْ أَقْدَامَكُمْ } . سورة محمد الآية 7 . {إِنا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالذِيْنَ ءَامَنُوا في الحياةِ الدُنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ } . سورة غافر الآية 51 .   {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرحِيمُ } .سورة الروم الآية 5 ، {وَلْيَنصُرَن اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِن اللهَ لَقَوِىٌ عَزِيزٌ } . سورة الحج الآية 40 ، {وَكَانَ حَقاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنينَ} سورة الروم الآية 47 ،{ مَن كَانَ يَظُن أَن لن يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إَلَى السمَاءِ ثُم لِيَقْطَعَ فَلْيَنظُر هَلْ يُذْهبن كَيْدَهُ مَا يَغِيظُ } ، سورة الحج الآية 15 . 
ونصرة الله للعبد ظاهرة من هذه الآيات وغيره فهو ينصر من ينصره ويعينه ويسدده . أما نُصرَة العبد لله فهي : أن ينصر عباد الله المؤمنين والقيام بحقوق الله عز وجل ، ورعاية عهوده ، واعتناق أحكامه ، والإبتعاد عما حرم الله عليه فهذا من نصرة العبد لربه كما قال عز وجل : { إن تنصروا الله ينصركم } وقال : { كُونُوْ أَنصَارَ اللهِ } سورة الصف الآية 14 . وقال :{ وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ وَلِيَعلمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ ورُسُلَهُ بِالغَيْبِ إِن اللهَ قويٌ عَزِيزٌ } . سورة الحديد الآية 25 . ومن نصر الله بطاعته والإبتعاد عن معصيته نصره الله نصراً مؤزراً ، والله عز وجل : ينصر عباده المؤمنين على أعدائهم ويبين لهم مايحذرون منهم ، ويعينهم عليهم فولايته تعالى فيها حصول الخير ونصره فيه زوال الشر . 
وقد كان (صلى الله عليه وسلم) يقول إذا غزا : " اللهم أنت عضدي ، وأنت نصيري ، بك أجولُ وبك أصولُ ، وبك أقاتلُ " والله عز وجل ينصر عباده المؤمنين في قديم الدهر وحديثه في الدنيا ويُقر أعْيُنَهم ممن آذاهم ففي صحيح البخاري يقول الله تبارك وتعالى : " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " . ولهذا أهلك الله قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وأصحاب الرس ، وقوم لوط ، وأهل مدين ، وأشباههم ، ممن كذب الرسل وخالف الحق وأنجى الله تعالى من بينهم المؤمنين فلم يهلك منهم أحداً وعذب الكافرين فلم يفلت منهم أحداً " وهكذا نصر الله نبيه محمداً (صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه على من خالفه وكذبه ، وعاداه ، فجعل كلمته هي العليا ودينه هو الظاهر على سائر الأديان .. ودخل الناس في دين الله أفواجاً وانتشر دين الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها . 
وقد وعد الله من ينصره بالنصر والتأييد فمن نصر الله بالقيام بدينه والدعوة إليه ، وجهاد أعدائه وقصد بذلك وجه الله ، ونصره الله وأعانه وقواه ، والله وعده وهو الكريم وهو أصدق قيلاً وأحسن حديثاً فقد وعند أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه ، وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره . وقد بين الله عز وجل علامة من ينصر الله فمن ادعى أنه ينصر اله وينصر دينه ولم يتصف بهذا الوصف فهو كاذب . قال عز وجل : {وَلَيَنصُرَن اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِن اللهَ لَقوىٌ عَزِيزٌ ، الذِينَ إِن مكناهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصلَاةَ وَءَاتواْ الزكَاةَ وَأمَرُواْ بِالمَعْرُوفِ وَنَهواْ عَنِ المُنْكَرِ وللهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ } سورة الحج الآية 40ـ41 ، فهذه علامة من ينصر الله وينصره الله . 
وقد أمر الله عباده المؤمنين بنصره عز وجل فقال : { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله } ومن نصر دين الله تعلم كتاب الله وسنة نبيه ، والحث على ذلك ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 

 الشافِي 

الشفاء في اللغة هو البرء من المرض . يقال : شفاه الله يشفيه ، واشتفى افتعل منه ، فنقله من شفاء الأجسام إلى شفاء القلوب والنفوس . 
والله سبحانه وتعالى هو الشافي فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول " اللهم رب الناس اذهب واشفه وأنت الشافي ، لاشفاء إلا شفاؤك شفاء لايغادر سقماً " .
وقال أنس رضي الله عنه لثابت البناني حينما اشتكى إليه : ألا أرقيك برقية رسول الله (صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى . قال : " اللهم رب الناس مُذهِب البأس اشف أنت الشافي لاشافي إلا أنت شفاءَ لا يغادر سقَماً " .
فالله عز وجل هو الشافي من الأمراض والعلل والشكوك وشفاؤه شفاءآن أو نوعان : 
النوع الأول : الشفاء المعنوي الروحي وهو الشفاء من علل القلوب . 
النوع الثاني : الشفاء المادي وهو الشفاء من علل الأبدان . وقد ذكر الله عز وجل هذين النوعين في كتابه وبين ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في سنته فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء " . 
النوع الأول : شفاء القلوب والأرواح . 
قال الله عز وجل : { يآ أَيها الناسُ قَدْ جَآءَتْكُم موعِظَةٌ مِن ربكُمْ وَشِفَآءٌ لِمَا في الصدُورِ وَهُدَىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ } . سورة يونس الآية 57 .
والموعظة : هي ماجاء في القرآن الكريم من الزواجر عن الفواحش والإنذار عن الأعمال الموجبة لسخط الله عز وجل المقتضية لعقابه والموعظة هي الأمر والنهي بأسلوب الترغيب والترهيب ، وفي هذا القرآن الكريم شفاءٌ لما في الصدور من أمراض الشبه ، والشكوك ، والشهوات ، وإزالة مافيها من رجسٍ ودنسٍ . فالقرآن الكريم فيه الترغيب والترهيب ، والوعد ، والوعيد وهذا يوجب للعبد الرغبة والرهبة ، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشر ونمتا على تكرر مايرد إليها من معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصار مايرضى الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه . وكذلك مافيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف ، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة في الحق ، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين . وإذا صلح القلب من مرضه تبعته الجوارح كلها فإنها تصلح بصلاحه ، وتفسد بفساده . 
وهذا القرآن هدى ورحمة للمؤمنين . وإنما هذه الهداية والرحمة للمؤمنين المصدقين الموقنين كما قال تعالى : { وننزلُ مِنَ القُرءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحمةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظالمينَ إلا خَسَاراً } سورة الإسراء الآية 82 .
وقال عز وجل : { قُلْ هُوََ للذينَ ءَامنوا هدىً وَشِفآءٌ وَالذينَ لايؤمِنونَ فِي آذانِهم وَقرٌ وهو عَلَيهم عَمىً أولئك يُنَادَوْنَ من مكانٍ بعيد } سورة فصلت الآية 44 .
فالهدى هو العلم بالحق والعمل به ، والرحمة مايحصل من الخير والإحسان ، والثواب العاجل والآجل ، لمن اهتدى بهذا القرآن العظيم . فالهدى أجل الوسائل ، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب ولكن لايهتدي به ولا يكون رحمةً إلا في حق المؤمنين ، وإذا حصل الهدى ، وحصلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة ، والربح ، والنجاح ، والفرح والسرور . ولذلك أمر الله بالفرح بذلك فقال :{ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحمتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيرٌ مما يجْمَعُونَ } سورة يونس الآية 58 .
والقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد وإنما ذلك كله للمؤمنين به المصدقين بآياته العاملين به . أما الظالمون بعد التصديق به ، أو عدم العمل به ، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً . إذ به تقوم عليهم الحجة . 
والشفاء الذي تضمنه القرآن شفاء القلوب .ز وشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها . 
فالله عز وجل يهدي المؤمنين { قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء } يهديهم لطريق الرشد ، والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة . 
ويشفيهم تبارك وتعالى بهذا القرآن من الأسقام البدنية والأسقام القلبية لأن هذا القرآن يزجر عن مساوئ الأخلاق واقبح الأعمال ويحث على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشف القلوب . 
وأما الذين لايؤمنون بالقرآن ففي آذانهم صَمَمٌ عن استماعه وإعراض وهو عليهم عمىً فلا يبصرون به رشداً ولا يهتدون به ولا يزيدهم إلا ضلالاً . وهم يُدعون إلى الإيمان فلا يستجيبون وهم بمنزلة الذي يُنادى وهو في مكان بعيد لايسمع داعياً ولا يجيب منادياً والمقصود : أن الذين لايؤمنون بالقرآن ، لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولايستفيدون منه خيراً لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم ويجد الإنسان مصداق هذا القول في كل زمان وفي كل بيئة  فناس يفعلُ هذا القرآن في نفوسهم فينشئها إنشاءةً ويحييها إحياءً ويصنع بها ومنها العظائم في ذاتها وفيما حولها . وناس يثقل هذا القرآن على آذانهم وعلى قلوبهم ولايزيدهم إلا صمماً وعمىً وقلوبهم مطموسة لاتستفيد من هذا القرآن .
وما تغير القرآن ولكن تغيرت القلوب . 
والله عز وجل يششفي صدور المؤمنين بنصرهم على أعدائهم وأعدائه قال سبحانه : {قَاتِلُوهُمْ يُعَذبهُمُ اللهُ بِأَيديكُمْ وَيخُزهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِم وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَن يَشَاءُ واللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . سورة التوبة الآية 14ـ15 .
فإن في قلوب المؤمنين الحنق والغيظ عليهم فيكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم ، والهم ، إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين لله ولرسوله ساعين في إطفاء نور الله فيزيل الله مافي قلوبهم من ذلك وهذا يدل على محبة الله للمؤمنين واعتنائه بأحوالهم . 
النوع الثاني شفاء الله للأجساد والأبدان : 
والقرآن كما إنه شفاء للأرواح والقلوب فهو شفاء لعلل الأبدان كما تقدم فإن فيه شفاء الأرواح والأبدان . فعن أبي  سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم ) أتوا على حي من أحياء ا لعرب ، فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك فقالوا : هل معكم من دواء أوراقٍ ؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل ، فبرأ ، فأتوا بالشاء فقالوا :لا نأخذه حتى نسأل النبي (صلى الله عليه وسلم ) فسألوه فضحك وقال " وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم " .
وعن عائشة رضي الله عنها " أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها " .
قال ابن القيم رحمه الله ومن المعلوم ان بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة ، والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أُنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته قال تعالى : { وَنُنزِلُ مِنَ القُرْآنِ مَاهُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ  } . سورة الإسراء الآية 82 .
ومِنْ هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا هو أصح القولين " وعلى هذا فالقرآن فيه شفاءٌ لأرواح المؤمنين وشفاء لأجسادهم . 
والله عزوجل هو الشافي من أمراض الأجساد وعلل الأبدان قال عز وجل { وَأَوْحَى رَبكَ إِلى النحْلِ اَنِ اتخِذِى مِنَ الجبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشجَرِ وَمما يَعْرِشُونَ ثُم كُلِىِ من كُل الثمَرَاتِ فَاسْلُكِىِ سُبُلَ رَبكِ ذُلُلاً يخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مختلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلناسِ إِن في ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ }  . سورة النحل الآية 68ـ69 .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى : { يخرج من بطونها شرابٌ مختلف ألوانه فيه شفاءٌ للناس ورحمة } مابين أبيض ، وأصفر ، وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها منها وقوله { فيه شفاء للناس } أي العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم قال بعض من تكلم على الطب النبوي لو قال فيه الشفاء للناس لكان دواء لكل داء ولكن قال فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحدٍ من أدواء باردة فإنه حارٌ والشىءُ يُداوى بضده .. والدليل على أن المراد بقوله تعالى { فيه شفاء للناس } هو العسل مارواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) فقال : إن أخي استطلق بطنه . فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) " أسقه عسلاً " فسقاه . ثم جاءه فقال :إني سقيتُهُ عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً فقال له ثلاث مرات . ثم جاء الرابعة فقال: "أسْقِهِ عسلاً " فقال سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم : "صدق الله وكذب بَطْنُ " أخيك " فسقاه فَبَرأ . 
قال بعض العلماء بالطب كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً فاعتقد الأعرابي ان هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ثم سقاه فازداد ثم سقاه فازداد فكذلك فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه الصلاة والسلام .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " الشفاء في ثلاث :شربةِ عسلٍ وشرطة محجم ، وكيةِ نار ، وأنا أنهي أمتي عن الكي " رفع الحديث . 
والله عز وجل هو الذي هدى هذه النحلة الصغيرة هذه الهداية العجيبة ويسر لها المراعي ثم الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها فيه شفاء للناس من أمراض عديدة . فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى وتمام لطفه بعباده وأنه الذي ينبغي أن لايُحبُ غيره ولايُدعى سواه .
وأخبر الله عز وجل عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله تبارك وتعالى : { الذِي خَلَقَنِىِ فَهُوَ يَهْدِينِ وَالذِي هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ . وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } .سورة الشعراء الآية 78 ـ 80 .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى :{ وإذا مرضتُ فهو يشفين } أسند إبراهيم عليه الصلاة والسلام المرض إلى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه ، وخلقه ولكن أضافه إلى نفسه أدباً . 
ومعنى ذلك : إذا وقعت في مرضٍ فإنه لايقدر على شفائي أحد غيره بما يُقدر تبارك وتعالى من الأسباب الموصلة إلى الشفاء . 
وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم ) يرشد الأمة إلى طلب الشفاء من الله الشافي الذي لاشفاء إلا شفاءه ومن ذلك ما رواه مسلم وغيره عن عثمان بن العاص أنه اشتكى إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) " ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ماأجد وأُحاذِر " 
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال :" من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض " . فهذا تعليم من النبي (صلى الله عليه وسلم ) لأمته أن يعتمدوا على ربهم مع الأخذ بالأسباب المشروعة فإن الله عز وجل هو الشافي لاشفاء إلا شفاءه وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو ربه بالشفاء ، لأنه هو الذي يملك الشفاء والشفاء بيده تبارك وتعالى قال (صلى الله عليه وسلم ) لسعدٍ " اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً " .
وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم ) يرقي بعض اصحابه ويطلب الشفاء من الله الشافي "بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا " .
وقد أوضح صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي ينزل الدواء وهو الشافي فقال (صلى الله عليه وسلم ) " ماأنزل الله داء إلا أنزل له سفاءً " 
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنه قال :" لكل داءٍ دواءٌ فإذا أصيب دواءُ الداءِ بَرأَ بإذن الله عز وجل " وقال عليه الصلاة والسلام " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواءً فتداووا ولا تداووا بحرامٍ " 
وجاءت الأعراب فقالت : يارسول الله ألا تتداوى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " نعم ياعباد الله تداووا ، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً أو دواءً ، إلا داءً واحدا " فقالوا يارسول الله ماهو ؟ قال : " الهرم " .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال : " ماأنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله " . 
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها ويجوز أن يكون قوله "لكل داء دواء " على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لايمكن للطبيب أن يبرئها ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدويةً تُبرئها ، ولكن طوى عِلمهَا عن البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلاً لأنه لاعلم للخلق إلا ما علمهم الله ..   .
فالله عز وجل هو الشافي الذي يشفي من يشاء ويطوى علم الشفاء عن الأطباء إذا لم يرد ا لشفاء . فنسأل الله الذي لاإله إلاهو بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا أن يششفي قلوبنا وأبداننا من كل سوء ويحفظنا بالإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم . وصلى الله وسلم وبارك على عبده رسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .