البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــة العـــامـــه

قصص الأنبيــاء(عليهم السلام)

 

موسى وهارون عليهما السلام

الجزء الثالث

وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم.
تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة ألف.. لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال.. وراح هذان الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال..
قالا: إن مجرد دخولهم من الباب سيجعل لهم النصر.. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن ويرتعشون في أعماقهم..
مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوما يعكفون على أصنامهم.. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل، واعتادوا الذل، فلم يعد في استطاعتهم أن يحاربوا.. وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي الله موسى وربه..وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة:

فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ

هكذا بصراحة وبلا التواء.

أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء.
مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة.
عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلا نفسه وأخاه.. دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم..

وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل.. كان الحكم هو التيه أربعين عاما.. حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة.. ويولد بدلا منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل، ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأن ينتصر.
قال تعالى في سورة المائدة:

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ

بدأت أيام التيه.. بدأ السير في دائرة مغلقة.. تنتهي من حيث تبدأ، وتبدأ من حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد.. ليلا ونهارا وصباحا ومساء.
دخلوا البرية عند سيناء..عاد موسى إلى نفس المكان الذي التقى فيه بكلمات الله أول مرة.. نزل بنو إسرائيل حول الطور وصعد موسى الجبل وحده.. وهناك أنزلت عليه التوراة.. وكلمه ربه تعالى.. قبل أن يصعد موسى إلى ميقات ربه، استخلف أخاه هارون في قومه.
تركه مسؤولا عنهم ومضى إلى ربه.

قال تعالى في سورة الأعراف:

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ

قال القدماء إن موسى صام ثلاثين يوما ليلا ونهارا بغير أن يذوق طعاما قط، ثم كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول من نبات الأرض فمضغه،
فقال له ربه: لماذا أفطرت؟
وهو أعلم بما كان.
قال: أي رب، كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح.
قال أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك؟
ارجع فصم عشرة أيام ثم ائتني.
ففعل عليه السلام ما أمره ربه به.

ونحن لا نعرف - معرفة يقينية - لماذا صام موسى أربعين ليلة بدلا من ثلاثين.

كل ما نعرفه أن الله تعالى قد زاد على الثلاثين ليلة عشر ليال أخرى من الصوم وأنزلت التوراة على موسى. أنزلت عليه الوصايا العشر.
وكانت هذه الوصايا العشر هي:

1- الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له.
2- النهي عن الحلف بالله كذبا.
3- الأمر بالمحافظة على السبت (بمعنى تفريغ يوم من أيام الأسبوع للعبادة).
4- الأمر بإكرام الأب والأم.
5- معرفة أن الله وحده هو الذي يعطي ويمنح.
6- لا تقتل.
7- لا تزن.
8- لا تسرق.
9- لا تشهد شهادة زور.
10- لا تمدن عينيك إلى بيت صاحبك أو امرأته أو عبده أو ثوره أو حماره.

قال علماء السلف إن مضمون هذه الوصايا العشر قد تضمنته آيتان من القرآن، هما قوله تعالى في سورة الأنعام:

قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ