البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

 الغزو الفكري

 

الكاتـــب
تقديم: عمر عبيد
مقـد مـة
لفصل الأول
لفصل الثاني
الفصل الثالث

مصطلح الغزو الفكري الغزو الفكري أسباب الغزو الفكري
مظاهر الغزو الفكري تيارات الغزو الفكري أهداف الغزو الفكري

الغزو الفكري

لقد وضح لنا: أن هناك (غزو فكري) مقصود، يعمل لإذابة الشعوب، وانسلاخها عن عقائدها، ومذاهبها، وحضاراتها، لتصبح مسخاً شائهاً تابعاً لغيره، يؤمر فيطيع. . ولقد عمل هذا الغزو على تضليل المجتمعات الإنسانية، وخداعها، والتمويه عليها، وقلب الحقائق، وتشويه الحقيقة، عن طريق تصنيع الكلمة، وزخرفة القول، والدخول إلى المخاطب، من نقطة الضعف، والاستغفال لإغرائه، والإيقاع به، والإيحاء إليه بسلامة الفكرة، وصحة المفهوم المزيف الذي تحمله كلمات الغزو.

ولكم تهاوت أمم وشعوب وأجيال، وتساقطت في هاوية الضلال والانحراف، والفساد الخلقي، والعقدي، والاجتماعي، بسبب تصورات (الغزو) المزخرفة الخداعة، التي يرقص السذج، والجهال على نغم إيقاعها، ويفتنون بسماعها وأناقة ظاهرها.

ولكم عانى الإنسان والشعوب من أولئك الذين يصنعون (الغزو الفكري)، ويصدرونه في موجات، تقتحم الديار والبيوت، لقد قيدت الإنسانية إلى هاوية الضلال، والانحراف.  ولقد كان (للغزو الفكري) في كل جيل، وفي كل عصر دوره التخريبي، في حياة الناس، إلا أن البشرية لم تشهد في مرحلة من مراحل حياته وضعا كان فيه (للغزو الفكري) خبراء، ومتفلسفون، وأجهزة، ومؤسسات، كعصرنا الحاضر هذا، الذي اتخذ فيه (الغزو الفكري) صبغة الفلسفة، والنظرية، والمبدأ، الذي يعتنقه الأتباع، ويدافعون عنه، وينقادون له. .

و قضية الغزو الفكري، أصبحت اليوم، من أشد القضايا خطراً، وتبدو ظواهر هذا الغزو المدمر، في قلوب وعقول كثير من المثقفين، في هذا العصر واضحة بينة، والسلاح الذي يستعمله (الغزو الفكري) مدمر قتّال،  يؤثر  في الأمم والمجتمعات، أكثر مما يؤثر المدفع والصاروخ والطائرة، وقد ينزل إلى الميدان، ويعظم خطره، حين تخفق وسائل الحديد والنار، في تحقيق الهدف، والوصول إلى الغاية، والخطر الذي يحتجنه هذا الغزو أكثر بكثير من قتل الأفراد، بل من قتل جيل بأسره.  إذ يتعدى ذلك إلى قتل أجيال متعاقبة، والسلاح الذي يستعمله هذا الغزو هو سلاح الحيلة والشبهات وتحريف الكلم، والخديعة، في العرض.

ومما لا ينكر: أنه لم يواجه دين من الأديان، ولا عقيدة من العقائد، مثل ما واجه الإسلام من تحديات،  فقد واجه الإسلام  منذ فجر تاريخه، تحديات عنيدة من مخالفيه، فقد واجه المشركين في مكة، واليهود في المدينة، ثم لما فتحت الأمصار، وانتشر الإسلام فيها واجهت الثقافة الإسلامية أفكاراً شعوبية إلحادية، وفلسفات وثنية، كالفلسفات الفارسية، واليونانية والهندية، وغيرها.  ولكن الإسلام ثبت أمام هذه التحديات، وانتصر عليها.  فقد كان المجتمع الإسلامي آنذاك يعي الإسلام  وعياً كاملاً، ويدرك أخطار الأفكار والاتجاهات التي كان يطرحها الفلاسفة والزنادقة، وما تحمله من شبهات، وهي في جملتها تعمل على نقل الفكر، من مجال أصالة الفطرة، ومنطق العقل الصحيح، وطريق التوحيد، وطابع الإيمان، إلى مجال الإلحاد والإباحية.  غير أن المجتمع تصدى لهم، وأخذ يكشف زيفهم، ويبين ما انطوت عليه قلوبهم من كيد، ولم تستطع أن تنال من الإسلام عبر العصور.

على أن من أخطر هذه التحديات هي تلك التي تواجهها المجتمعات  الإسلامية اليوم، وهي تحديات تتمثل بالمواجهة السافرة حيناً، والمستترة أحياناً، هذا التحدي الذي يتمثل حالياًّ  بالغزو الفكري الغربي.

 
 
 

يتبع لطفا"