البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الخــلافـــة الأســلاميه

1

الخــــلافة في الإســــلام

2

قواعد الحكــم في الإسلام

3

أبو بكر الصديق(رضي الله عنهم)

4

عمر بن الخطـــاب(رضي الله عنهم)

5

عثمــان بن عفـــان(رضي الله عنهم)

6

علي بن أبي طــالب(رضي الله عنهم)
7 الحسـن بن علي بن أبي طــالب(رضي الله عنهم) 8 عمر بن عبد العزيز(رضي الله عنهم)

 
عثمــان بن عفـــان ( رضي الله عنه )

- نسبه ، و مولده ، و لقبه
عثمان بن عفان : بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، القرشي ، الأموي ، المكي ، ثم المدني ، أبو عمرو ، و يقال : أبو عبد الله ، و أبو ليلى .
ولد في السنة السادسة من الفيل ، و أسلم قديماً ، و هو ممن دعاه الصديق إلى الإسلام ، و هاجر الهجرتين : الأولى إلى الحبشة ، و الثانية إلى المدينة ، و تزوج رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل النبوة ، و ماتت عنده في ليالي غزوة بدر ، فتأخر عن بدر لتمريضها بإذن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ضرب له بسهمه و أجره ، فهو معدود في البدريين بذلك .
وجاء البشير بنصر المسلمين ببدر يوم دفنوها بالمدينة ، فزوجه رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدها أختها أم كلثوم ، و توفيت عنده سنة تسع من الهجرة .
قال العلماء : و لا عرف أحد تزوج بنتي نبي غيره ، و لذلك سمي ذا النورين ، فهو من السابقين ا لأولين ، و أول المهاجرين ، و أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، و أحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و عنهم راض ، و أحد الصحابة الذين جمعوا القرآن بل قال ابن عباد : لم يجمع القرآن من الخلفاء إلا هو ، و المأمون .
و قال ابن سعد : استخلفه رسول الله صلى الله عليه و سلم على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع و إلى غطفان .
روي له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مائة حديث ، و ستة و أربعون حديثا .
روى عنه زيد بن خالد الجهني ، و ابن الزبير ، و السائب بن يزيد ، و أنس بن مالك ، و زيد بن ثابت ، و سلمة بن الأكوع ، و أبو أمامة الباهلي ، و ابن عباس ، و ابن عمر ، و عبد الله بن مغفل ، و أبو قتادة ، و أبو هريرة و آخرون من الصحابة رضي الله عنهم .
و خلائق من التابعين : منهم أبان بن عثمان ، و عبيد الله بن عدي ، و حمران ، و غيرهم .
أخرج ابن سعد : عن عبد الرحمن بن حاطب قال : ما رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا حدث أتم حديثاً ، و لا حسن ، من عثمان بن عفان ، إلا أنه كان رجلاً يهاب الحديث .
و أخرج عن محمد بن سيرين قال : كان أعلمهم بالمناسك عثمان ، و بعده ابن عمر .
و أخرج البيهقي في سننه ، عن عبد الله بن عمر أبان الجعفي قال : قال لي خالي حسين الجعفي : تدري لم سمي عثمان ذا النوريين ؟ قلت : لا ، قال : لم يجمع بين بنتي نبي منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان ، فلذلك سمي ذا النوريين .
و أخرج أبو نعيم عن الحسن قال : إنما سمي عثمان ذا النورين ، لأنه لا نعلم أحداً أغلق بابه على ابنتي نبي غيره .
و أخرج خيثمة في فضائل الصحابة ، و ابن عساكر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عثمان ؟ فقال : ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله صلى الله عليه و سلم على ابنتيه .
و أخرج الماليني بسند فيه ضعف ، عن سهل بن سعد قال : قيل لعثمان [ذو النورين ] لأنه ينتقل من منزل إلى منزل في الجنة ، فتبرق له برقتين ، فلذلك قيل له ذلك .
و قال : إنه كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو ، فلما كان الإسلام ولدت له رقية عبد الله ، فاكتنى به .
و أمه : أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، و أمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم ، توأمة أبي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأم عثمان بنت عمة النبي صلى الله عليه و سلم .
قال : ابن إسحاق : و كان أول الناس إسلاماً بعد أبي بكر ، و علي ، و زيد بن حارثة و أخرج ابن عساكر من طرق أن عثمان كان رجلاً ربعة : ليس بالقصير ، و لا بالطويل ، حسن الوجه ، أبيض ، مشرباً حمرة ، بوجهه نكتات جدري ، كثير اللحية ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، خدل الساقين ، طويل الذراعين شعره قد كسا ذراعيه ، جعد الرأس ، أحسن الناس ثغراً ، جمته أسفل من أذنيه ، يخضب بالصفرة ، و كان قد شد أسنانه بالذهب .
و أخرج ابن عساكر عن عبد الله بن حزم المازني قال : رأيت عثمان بن عفان فما رأيت قط ذكراً و لا انثى أحسن وجهاً منه .
و أخرج عن موسى بن طلحة قال : كان عثمان بن عفان أجمل الناس .
و أخرج ابن عساكر عن أسامة بن زيد قال :بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى منزل عثمان بصحفة فيها لحم ، فدخلت ، فإذا رقية رضي الله عنها جالسة فجعلت مرة أنظر إلى وجه رقية و مرة أنظر إلى وجه عثمان ، فلما رجعت سألني رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال لي :
دخلت عليهما ؟ قلت نعم ، قال : فهل رأيت زوجاً أحسن منهما ؟ قلت لا يا رسول الله
.
و أخرج ابن سعد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، قال : لما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية ، فأوثقه رباطاً ، و قال : ترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث ؟ و الله لا أدعك أبداً حتى تدع ما أنت عليه ، فقال عثمان : و الله لا أدعه أبداً ، و لا أفارقه ، فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه .
و أخرج أبو يعلى عن أنس ، قال : أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم صحبهما الله ! إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط .
و أخرج ابن عدي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما زوج النبي صلى الله عليه و سلم ابنته أم كلثوم قال لها : إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم و أبيك محمد .
و أخرج ابن عدي و ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم .


 - الأحاديث الواردة في فضله
و أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم جمع ثيابه حين دخل عثمان قال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟ .
و أخرج البخاري عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عثمان حين حوصر أشرف عليهم ، فقال : أنشدكم بالله ، و لا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من جهز جيش العسرة فله الجنة ؟ فجهزتهم ، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من حفر بئر رومة فله الجنة ، فصدقوه بما قال .
و أخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن خباب قال : شهدت النبي صلى الله عليه و سلم و هو يحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان : يا رسول الله علي مائة بعير بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ، ثم حض على الجيش ، فقال عثمان : يا رسول الله علي مائتا بعير أحلاسها و أقتابها في سبيل الله ، ثم حض على الجيش ، فقال عثمان : يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها و أقتابها في سبيل الله ، فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يقول : ما على عثمان ما عمل بعد هذه شيء .
و أخرج الترمذي عن أنس ، و الحاكم و صححه ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه و سلم بألف دينار حين جهز العسرة فنثرها في حجره ، فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبلها و يقول : ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ، مرتين .
و أخرج الترمذي عن أنس قال : لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهل مكة ، فبايع الناس ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن عثمان بن عفان في حاجة الله و حاجة رسوله ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى ، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه و سلم لعثمان خير من أيديهم لأنفسهم .
و أخرج الترمذي عن ابن عمر قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم فتنة فقال : يقتل فيها هذا مظلوماً ، لعثمان .
و أخرج الترمذي ، و الحاكم و صححه ، و ابن ماجه ، عن مرة بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر فتنة يقربها ، فمر رجل مقنع في ثوب فقال : هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت إليه بوجهي ، فقلت : هذا ؟ قال نعم .
و أخرج الترمذي و الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يا عثمان ، إنه لعل الله يقمصك قميصاً ، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني .
و أخرج الترمذي عن عثمان أنه قال يوم الدار : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه .
و أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : اشترى عثمان الجنة عن النبي صلى الله عليه و سلم مرتين : حيث حفر بئر رومة ، و حيث جهز جيش العسرة .
و أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عثمان من أشبه أصحابي بي خلقاً .      
و أخرج الطبراني عن عصمة بن مالك قال : لما ماتت بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت عثمان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : زوجوا عثمان ، لو كان لي ثالثة لزوجته ، و ما زوجته إلا بالوحي من الله .
و أخرج ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول لعثمان : لو أن لي أربعين ابنة زوجتك واحدة بعد واحدة حتى لا يبقى منهن واحدة .
و أخرج ابن عساكر عن زيد بن ثابت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : مر بي عثمان و عندي ملك من الملائكة فقال : شهيد يقتله قومه ، إنا نستحي منه .
و أخرج أبو يعلى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله و رسوله .
و أخرج ابن عساكر عن الحسن أنه ذكر عنده حياء عثمان ، فقال : إن كان ليكون في جوف البيت ـ و الباب عليه مغلق ـ فيضع ثوبه ليفيض عليه الماء فيمنعه الحياء أن يرفع صلبه .      


 - خلافته ، و ما حدث في عهده من الأحداث
بويع بالخلافة بعد دفن عمر بثلاث ليال ، فروي أن الناس كانوا يجتمعون في تلك الأيام إلى عبد الرحمن بن عوف يشاورونه و يناجونه ، فلا يخلوا به رجل ذو رأي فيعدل بعثمان أحداً ، و لما جلس عبد الرحمن للمبايعة حمد الله و أثنى عليه و قال في كلامه : إني رأيت الناس يأبون إلا عثمان . و أخرجه ابن عساكر عن المسور بن مخرمة ، و في رواية : أما بعد يا علي فإني نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً ، ثم أخذ بيد عثمان فقال : نبايعك على سنة الله و سنة رسوله و سنة الخليفتين بعده ، فبايعه عبد الرحمن ، و بايعه المهاجرون و الأنصار .
و أخرج ابن سعد عن أنس قال : أرسل عمر إلى أبي طلحة الأنصاري قبل أن يموت بساعة ، فقال : كن في خمسين من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى ، فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت ، فقم على ذلك الباب بأصحابك فلا تترك أحداً يدخل عليهم ، و لا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم .
و في مسند أحمد عن أبي وائل قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم عثمان و تركتم علياً ؟ قال : ما ذنبي ؟ قد بدأت بعلي فقلت : أبايعك على كتاب الله و سنة رسوله و سيرة أبي بكر و عمر ؟ فقال : فيما استطعت ، ثم عرضت ذلك على عثمان فقال : نعم .
و يروى أن عبد الرحمن قال لعثمان في خلوة : إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ قال : علي ، و قال لعلي : إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ قال : علي أو عثمان ، ثم دعا سعداً فقال : من تشير علي ؟ فأما أنا و أنت فلا نريدها ، فقال : عثمان ، ثم استشار عبد الرحمن الأعيان فرأى هوى أكثرهم في عثمان .
و أخرج ابن سعد و الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما بويع عثمان : أمرنا خير من بقي و لم نأل .
و في هذه السنة من خلافته فتحت الري ، و كانت فتحت و انتقضت ، و فيها أصاب الناس رعاف كثير ، فقيل لها : سنة الرعاف ، و أصاب عثمان رعاف حتى تخلف عن الحج و أوصى ، و فيها فتح من الروم حصون كثيرة ، و فيها ولى عثمان الكوفة سعد بن أبي وقاص و عزل المغيرة .
و في سنة خمس و عشرين عزل عثمان سعداً عن الكوفة ، و ولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط ـ و هو صحابي أخو عثمان لأمه ـ و ذلك أول ما نقم عليه ، لأنه آثر أقاربه بالولايات ، و حكي أن الوليد صلى بهم الصبح أربعاً و هو سكران ، ثم التفت إليهم فقال : أزيدكم ؟ .
و في سنة ست و عشرين زاد عثمان في المسجد الحرام و وسعه و اشترى أماكن للزيادة ، و فيها فتحت سابور .
و في سنة سبع و عشرين غزا معاوية قبرس ، فركب البحر بالجيوش ، و كان معهم عبادة بن الصامت و زوجته أم حرام بنت ملحان الأنصارية ، فسقطت عن دابتها ، فماتت شهيدة هناك ـ و كان النبي صلى الله عليه و سلم أخبرها بهذا الجيش ، و دعا لها بأن تكون منهم ـ فدفنت بقبرس ، و فيها فتحت أرجان ، و درا بجرد ، و فيها عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر و ولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فغزا أفريقية فافتتحها سهلاً و جبلاً ، فأصاب كل إنسان من الجيش ألف دينار ، و قيل : ثلاثة آلاف دينار ، ثم فتحت الأندلس في هذا العام .


 - لطيفة
كان معاوية يلح على عمر بن الخطاب في غزوة قبرس ، و ركوب البحر لها ، فكتب عمر إلى عمرو بن العاص أن صف لي البحر و راكبه ، فكتب إليه : إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير ، إن ركد خرق القلوب ، و إن تحرك أراع العقول ، تزداد فيه العقول قلة و السيئات كثرة ، و هم فيه كدود على عود ، إن مال غرق ، و إن نجا فرق ، فلما قرأ عمر الكتاب كتب إلى معاوية : و الله لا أحمل فيه مسلماً أبداً ، قال ابن جرير : فغزا معاوية قبرس في أيام عثمان فصالحه أهلها على الجزية .
و في سنة تسع و عشرين فتحت إصطخر عنوة ، و فسا ، و غير ذلك ، و فيها زاد عثمان في مسجد المدينة و وسعه ، و بناه بالحجارة المنقوشة ، و جعل عمده من حجارة ، و سقفه بالساج ، و جعل طوله ستين و مائة ذراع ، و عرضه خمسين و مائة ذراع .
و في سنة ثلاثين فتحت جور و بلاد كثيرة من أرض خراسان ، و فتحت نيسابور صلحاً ، و قيل : عنوة ، و طوس و سرخس كلاهما صلحاً ، و كذا مرو ، و بيهق ، و لما فتحت هذه البلاد الواسعة كثر الخراج على عثمان ، و أتاه المال من كل وجه ، حتى اتخذ له الخزائن و أدر الأرزاق ، و كان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة في كل بدرة أربعة آلاف أوقية .
و في سنة إحدى و ثلاثين توفي أبو سفيان بن حرب والد معاوية ، و فيها مات الحكم بن أبي العاص عم عثمان رضي الله عنه .
و في سنت اثنتين و ثلاثين توفي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم و صلى عليه عثمان ، و فيها توفي عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة من السابقين الأولين ، تصدق مرة بأربعين ألفاً و بقافلة جاءت من الشام كما هي ، و فيها مات عبد الله بن مسعود الهذلي أحد القراء الأربعة ، و من أهل السوابق في الإسلام ، و من علماء الصحابة المشهورين بسعة العلم ، و فيها مات أبو الدرداء الخزرجي الزاهد الحكيم ، ولي قضاء دمشق لمعاوية ، و فيها توفي أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري صادق اللهجة ، و فيها مات زيد بن عبد ربه الأنصاري الذي أري ا لأذان .
و في سنة ثلاث و ثلاثين توفي المقداد بن الأسود في أرضه بالجرف و حمل إلى المدينة ، و فيها غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح الحبشة . و في سنة أربع و ثلاثين أخرج أهل الكوفة سعيد بن أبي العاص و رضوا بأبي موسى الأشعري .
و في سنة خمس و ثلاثين كان مقتل عثمان .
قال الزهري : ولي عثمان الخلافة اثنتي عشرة سنة يعمل ست سنين لا ينقم الناس عليه شيئاً ، و إنه لأحب إلى قريش من عمر بن الخطاب ، لأن عمر كان شديداً عليهم ، فلما وليهم عثمان لان لهم و وصلهم ، ثم توانى في أمرهم و استعمل أقرباءه و أهل بيته في الست الأواخر ، و كتب لمروان بخمس إفريقية ، و أعطى أقرباءه و أهل بيته المال ، و تأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها ، و قال : إن أبا بكر و عمر تركا من ذلك ما هو لهما ، و إني أخذته فقسمته في أقربائي ، فأنكر الناس عليه ذلك ، أخرجه ابن سعد .
و أخرج ابن عساكر من وجه آخر عن الزهري قال : قلت لسعيد بن المسيب : هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان ؟ و ما كان شأن الناس و شأنه ؟ و لم خذله أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم ؟ فقال ابن المسيب : قتل عثمان مظلوماً ، و من قتله كان ظالماً ، و من خذله كان معذوراً ، فقلت : كيف كان ذلك ؟ قال : إن عثمان لما ولي كره ولايته نفر من الصحابة ، لأن عثمان كان يحب قومه ، فولي الناس اثنتي عشرة سنة ، و كان كثيراً ما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صحبه ، فكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحابه محمد ، و كان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم ، و ذلك في سنة خمس و ثلاثين ، فلما كان في الست الأواخر استأثر بني عمه فولاهم و ما أشرك معهم ، و أمرهم بتقوى الله ، فولى عبد الله بن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين ، فجاء أهل مصر يشكونه و يتظلمون منه ، و قد كان قبل ذلك من عثمان هنات إلى عبد الله بن مسعود ، و أبي ذر ، و عمار بن ياسر ، فكانت بنو هذيل و بنو زهرة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود ، و كانت بنو غفار و أحلافها و من غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها ، و كانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر ، و جاء أهل مصر يشكون من ابن أبي سرح ، فكتب إليه كتاباً يتهدد فيه ، فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان ، و ضرب بعض ، و ضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر ممن كان أتى عثمان فقتله ، فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل ، فنزلوا المسجد و شكوا إلى الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم ، فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد ، و أرسلت عائشة رضي الله عنها إليه فقالت : تقدم إليك أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم و سألوك عزل هذا الرجل فأبيت ؟ فهذا قد قتل منهم رجلاً فأنصفهم من عاملك ، و دخل عليه علي بن أبي طالب فقال : إنما يسألونك رجلاً مكان رجل ، و قد ادعوا قبله دماً ، فاعزله عنهم و اقض بينهم ، فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه ، فقال لهم : اختاروا رجلاً أوليه عليكم مكانه ، فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر ، فقالوا : استعمل علينا محمد بن أبي بكر ، فكتب عهده و ولاه و خرج معهم عدد من المهاجرين و الأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر و ابن أبي سرح ، فخرج محمد و من معه ، فلما كان على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير خبطاً يطلب أو يطلب ، فقال له أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم : ما قصتك و ما شأنك ؟ كأنك هارب أو طالب ، فقال لهم : أنا غلام أمير المؤمنين ، وجهني إلى عامل مصر ، فقال له رجل : هذا عامل مصر ، قال : ليس هذا ما أريد ، و أخبر بأمره محمد بن أبي بكر ، فبعث في طلبه رجلاً ، فأخذه ، فجاء به إليه ، فقال : غلام من أنت ؟ فأقبل مرة يقول : أنا غلام أمير المؤمنين ، و مرة يقول : أنا غلام مروان ، حتى عرفه رجل أنه لعثمان ، فقال له محمد : إلى من أرسلت ؟ قال : إلى عامل مصر ، قال : بماذا ؟ قال : برسالة ، قال : معك كتاب ؟ قال : لا ، ففتشوه فلم يجدوا معه كتاباً ، و كانت معه إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل فحركوه ليخرج ، فلم يخرج ، فشقوا الإداوة فإذا بها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح ، فجمع محمد من كان عنده من المهاجرين و الأنصار و غيرهم ، ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه : إذا أتاك محمد و فلان و فلان فاحتل في قتلهم ، و أبطل كتابه ، و قر على عملك حتى يأتيك رأيي ، و احبس من يجيء إلي يتظلم منك ليأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله تعالى ، فلما قرأوا الكتاب فزعوا و أزمعوا فرجعوا إلى المدينة ، و ختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه ، و دفع الكتاب إلى رجل منهم ، و قدموا المدينة ، فجمعوا طلحة ، و الزبير ، و علياً و سعداً ، و من كان من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم ، ثم فضوا الكتاب بمحضر منهم و أخبروهم بقصة الغلام و أقرؤوهم الكتاب ، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق على عثمان و زاد ذلك من كان غضب لابن مسعود و أبي ذر و عمار بن ياسر حنقاً و غيظاً ، و قام أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فلحقوا بمنازلهم ، ما منهم أحد إلا و هو مغتم لما قرؤوا الكتاب ، و حاصر الناس عثمان سنة خمس و ثلاثين ، و أجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم و غيرهم ، فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة و الزبير و سعد ، و عمار و نفر من الصحابة كلهم بدري ، ثم دخل على عثمان و معه الكتاب ، و الغلام ، و البعير ، فقال له علي : هذا الغلام غلامك ؟ قال : نعم ، قال : و البعير بعيرك ؟ قال : نعم ، قال : فأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال : لا ، و حلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ، و لا أمرت به ، و لا علم لي به ، قال له علي : فالخاتم خاتمك ؟ قال : نعم ، قال : فكيف يخرج غلامك ببعيرك و بكتاب عليه خاتمك لا تعلم به ؟ فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ، و لا أمرت به ، و لا وجهت هذا الغلام إلى مصر قط ، و أما الخط فعرفوا أنه خط مروان ، و شكوا في أمر عثمان و سألوه أن يدفع إليهم مروان ، فأبى ، و كان مروان عنده في الدار ، فخرج أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم من عنده غضاباً ، و شكوا في أمره ، و علموا أن عثمان لا يحلف بباطل ، ، إلا أن قوماً قالوا : لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحثه ، و نعرف حال الكتاب ، و كيف يأمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم بغير حق ؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه و إن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان ، و لزموا بيوتهم ، و أبى عثمان أن يخرج إليهم مروان ، و خشي عليه القتل ، و حاصر الناس عثمان ، و منعوه الماء ، فأشرف على الناس فقال : أفيكم علي ؟ فقالوا : لا ، قال : أفيكم سعد ؟ قالوا : لا ، فسكت ثم قال : ألا أحد يبلغ علياً فيسقينا ماء ؟ فبلغ ذلك علياً ، فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء ، فما كادت تصل إليه ، و جرح بسببها عدة من موالي بني هاشم و بني أمية حتى وصل الماء إليه ، فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله ، فقال : إنما أردنا منه مروان ، فأما قتل عثمان فلا ، و قال للحسن و الحسين : اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه ، و بعث الزبير ابنه ، و بعث طلحة ابنه ، و بعث عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان ، و يسألونه إخراج مروان ، فلما رأى ذلك الناس رموا باب عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن علي بالدماء على بابه ، و أصاب مروان سهم و هو في الدار ، و خضب محمد بن طلحة ، و شج قنبر مولى علي ، فخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن و الحسين فيثيروها فتنة ، فأخذ بيد الرجلين فقال لهما : إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن كشف الناس عن عثمان و بطل ما نريد ، و لكن اذهبوا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم به أحد ، فتسور محمد و صاحباه من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان و لا يعلم أحد ممن كان معه ، لأن كل من كان معه كانوا فوق البيوت ، و لم يكن معه إلا امرأته ، فقال لهما محمد : مكانكما ، فإن معه امرأته حتى أبدأكما بالدخول ، فإذا أنا ضبطته فادخلا فتوجآه حتى تقتلاه ، فدخل محمد فأخذ بلحيته ، فقال له عثمان : و الله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني ، فتراخت يده ، و دخل يده الرجلان عليه فتوجآه حتى قتلاه ، و خرجوا هاربين من حيث دخلوا ، ، و صرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما كان في الدار من الجلبة ، و صعدت امرأته إلى الناس فقالت : إن أمير المؤمنين قد قتل ، فدخل الناس فوجدوه مذبوحاً ، و بلغ الخبر علياً ، و طلحة ، و الزبير ، و سعداً ، و من كان بالمدينة فخرجوا ـ و قد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم ـ حتى دخلوا على عثمان ، فوجدوه مقتولا ، فاسترجعوا ، و قال علي لابنيه : كيف قتل أمير المؤمنين و أنتما على الباب ؟ و رفع يده فلطم الحسن و ضرب صدر الحسين و شتم محمد بن طلحة ، و عبد الله بن الزبير ، و خرج ـ و هو غضبان ـ حتى أتى منزله و جاء الناس يهرعون إليه ، فقالوا له : نبايعك فمد يدك فلا بد من أمير ، فقال علي : ليس ذلك إليكم إنما ذلك إلى أهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة ، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً ، فقالوا له : ما ترى أحداً أحق بها منك ؟ مد يدك نبايعك ، فبايعوه ، و هرب مروان و ولده ، و جاء علي إلى امرأة عثمان فقال لها : من قتل عثمان ؟ قالت : لا أدري ، دخل عليه رجلان لا أعرفهما و معهما محمد بن أبي بكر ، و أخبرت علياً و الناس بما صنع محمد ، فدعا على محمداً فسأله عما ذكرت امرأة عثمان ؟ فقال محمد : لم تكذب ، قد و الله دخلت عليه و أن قتله فذكرني أبي فقمت عنه و أنا تائب إلى الله تعالى ، و الله ما قتلته و لا أمسكته ابن سعد فقال امرأته : صدق و لكنه أدخلهما .
و أخرج ابن عساكر عن كنانة مولى صفية و غيره قالوا : قتل عثمان رجل من أهل مصر أزرق أشقر ، يقال له : حمار .
و أخرج أحمد عن المغيرة بن شعبة أنه دخل على عثمان ـ و هو محصور ـ فقال : إنك إمام العامة ، و قد نزل بك ما نرى أعرض عليك خصالاً ثلاثا: إحداهن : إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عدداً و قوة ، و أنت على الحق و هم على الباطل ، و إما لك بابلاً سوى الباب الذي هم عليه ، فقعد على راحلتك ، فتلحق بمكة ، فإنهم لن يستحلوك و أنت بها ، و إما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام و فيهم معاوية ، فقال عثمان : أما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يلحد رجل من قريش بمكة عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا ، و أما ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي و مجاورة رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و أخرج ابن عساكر عن أبي ثور الفهمي قال : دخلت على عثمان ـ و هو محصور ـ فقال : لقد اختبأت عند ربي عشراً ، إني لرابع أربعة في الإسلام ، و أنكحني رسول الله صلى الله عليه و سلم ابنته ، ثم توفيت فأنكحني ابنته الأخرى ، و ما تغنيت ، و لا تمنيت ، و لا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ما مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا و أنا أعتق فيها رقبة إلا أن لا يكون عندي شيء فأعتقها بعد ذلك ، و لا زينت في جاهلية و لا إسلام قط ، و لا سرقت في جاهلية و لا إسلام قط ، و لقد جمعت القرآن على رسول الله صلى الله عليه و سلم . و كان قتل عثمان في أوسط أيام التشريق من سنة خمس و ثلاثين ، و قيل : قتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة ، و دفن ليلة السبت ، بين المغرب و العشاء في حش كوكب بالبقيع ، و هو أول من دفن به ، و قيل : كان قتله يوم الأربعاء ، و قيل : يوم الاثنين لست بقين من ذي الحجة ، و كان له يوم قتل اثنتان و ثمانون سنة ، و قيل : إحدى و ثمانون سنة ، و قيل : أربع و ثمانون ، و قيل : ست و ثمانون سنة ، و قيل : ثمان أو تسع و ثمانون ، و قيل : تسعون ، قال قتادة : صلى عليه الزبير و دفنه و كان أوصى بذلك إليه .
و أخرج ابن عدي و ابن عساكر من حديث أنس مرفوعاً [ إن لله سيفاً مغموداً في غمده ما دام عثمان حياً ، فإذا قتل عثمان جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة ] تفرد به عمرو بن فائد ، و له مناكير .
و أخرج ابن عساكر عن يزيد بن أبي حبيب قال : بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جنوا .
و أخرج عن حذيفة قال : أول الفتن قتل عثمان ، و آخر الفتن خروج الدجال ، و الذي نفسي بيده لا يموت رجل و في قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه ، و إن لم يدركه آمن به في قبره .
و أخرج عن ابن عباس قال : لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء .
و أخرج عن الحسن قال : قتل عثمان و علي غائب في أرض له ، فلما بلغه قال : اللهم إني لم أرض و لم أمالئ .
و أخرج الحاكم و صححه عن قيس بن عباد قال : سمعت علياً يوم الجمل يقول : اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، و لقد طاش عقلي يوم قتل عثمان و أنكرت نفسي و جاؤوني للبيعة فقلت : و الله إني أبايع قوماً قتلوا عثمان و إني لأستحي من الله أن أبايع و عثمان لم يدفن بعد ، فانصرفوا ، فلما رجع الناس فسألوني البيعة ؟ قلت : اللهم إني مشفق مما أقدم عليه ، ثم جاءت عزيمة فبايعت ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، فكأنما صدع قلبي ، و قلت : اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى .
و أخرج ابن عساكر عن أبي خلدة الحنفي قال : سمعت علياً يقول : إن بني أمية يزعمون أني قتلت عثمان ، و لا و الله الذي لا إله إلا هو ما قتلت و لا مالأت ، و لقد نهيت فعصوني .
و أخرج عن سمرة قال : إن الإسلام كان في حصن حصين ، و إنهم ثلموا في الإسلام ثلمة بقتلهم عثمان لا تسد إلى يوم القيامة ، و إن أهل المدينة كانت فيهم الخلافة فأخرجوها و لم تعد فيهم .
و أخرج عن محمد بن سيرين قال : لم تفقد الخيل البلق في المغازي و الجيوش حتى قتل عثمان ، و لم يختلف في الأهلة حتى قتل عثمان ، و لم تر هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتى قتل الحسين .
و أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن حميد بن هلال قال : كان عبد الله بن سلام يدخل على محاصري عثمان فيقول : لا تقتلوه ، فو الله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله أجذم لا يد له ، و إن سيف الله لم يزل مغموداً ، و إنكم و الله إن قتلتموه ليسلنه الله ، ثم لا يغمده عنكم أبداً ، و ما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفاً ، و لا خليفة إلا قتل به خمسة و ثلاثون ألفاً قبل أن يجتمعوا .
و أخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن مهدي قال : خصلتان لعثمان ليستا لأبي بكر و لا لعمر رضي الله عنهما : صبره على نفسه حتى قتل ، و جمعه الناس على المصحف .
و أخرج الحاكم عن الشعبي قال : ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب ابن مالك حيث قال :
فكف يديه ثم أغلق بابه       و أيقن أن الله ليس بغافل
و قال لأهل الدار : لا تقتلوهم عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صب عليهم ال عداوة و البغضاء بعد التواصل ؟
و كيف رأيت الخير أدبر بعده عن الناس إدبار الرياح الجوافل ؟
أخرج ابن سعد عن موسى بن طلحة قال : رأيت عثمان يخرج يوم الجمعة و عليه ثوبان أصفران فيجلس على المنبر فيؤذن المؤذن و هو يتحدث يسأل الناس عن أسعارهم و عن مرضاهم ؟
و أخرج عن عبد الله الرومي قال : كان عثمان يلي و ضوء الليل بنفسه ، فقيل له : لو أمرت بعض الخدم فكفوك ، قال : لا الليل لهم يستريحون فيه .
و أخرج ابن عساكر عن عمرو بن عثمان بن عفان قال : كان نقش خاتم عثمان [ آمنت بالذي خلق فسوى ] .
و أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عمر أن جهجاه الغفاري قام إلى عثمان و هو على المنبر يخطب ، فأخذ العصا من يده فكسرها على ركبته ، فما حال الحول على جهجاه ، حتى أرسل الله في رجله الأكلة ، فمات منها .      


 - أولياته
قال العسكري في الأوائل : هو أول من أقطع القطائع ، و أول من حمى الحمى ، و أول من خفض صوته بالتكبير ، و أول من خلق المسجد ، ، و أول من أمر بالأذان الأول في الجمعة ، و أول من رزق المؤذنين ، و أول من أرتج عليه في الخطبة فقال : أيها الناس ، إن أول مركب صعب ، و إن بعد اليوم أياماً ، و إن أعش تأتكم الخطبة على وجهها ، و ما كنا خطباء و سيعلمنا الله . أخرجه ابن سعد ، و أول من قدم الخطبة في العيد على الصلاة ، و أول من فوض إلى الناس إخراج زكاتهم ، وأول من ولي الخلافة في حياة أمه ، و أول من اتخذ صاحب شرطة ، و أول من اتخذ المقصورة في المسجد خوفاً أن يصيبه ما أصاب عمر ، هذا ما ذكره العسكري قال : و أول ما وقع الاختلاف بين الأمة فخطأ بعضهم بعضاً في زمانه في أشياء نقموها عليه ، و كانوا قبل ذلك يختلفون في الفقه ، و لا يخطئ بعضهم بعضاً .
قلت : بقي من أوائله أنه أول من هاجر إلى الله بأهله من هذه الأمة كما تقدم ، و أول من جمع الناس على حرف واحدة في القراءة .
و أخرج ابن عساكر عن حكيم بن عباد بن حنيف قال : أول منكر ظهر بالمدينة حين فاضت الدنيا و انتهى سمن الناس ، طيران الحمام ، و الرمي على الجلاهقات فاستعمل عليها عثمان رجلاً من بني ليث سنة ثمان من خلافته فقصها و كسر الجلاهقات .


- الذين ماتوا في عهده من الأعلام
مات في أيام عثمان من الأعلام : سراقة بن مالك بن جعشم ، و جبار بن صخر ، و حاطب بن أبي بلتعة ، و عياض بن زهير ، و أبو أسيد الساعدي ، و أوس بن الصامت ، و الحارث بن نوفل ، و عبد الله بن حذافة و زيد ابن خارجة الذي تكلم بعد الموت ، و لبيد الشاعر ، و المسيب والد سعيد ، و معاذ بن عمرو بن الجموح ، و معبد بن العباس ، و معيقب ابن أبي فاطمة الدوسي ، و أبو لبابة بن عبد المنذر ، و نعيم بن مسعود الأشجعي ، و آخرون من الصحابة .
و من غير الصحابة : الحطيئة الشاعر ، و أبو ذؤيب الشاعر الهذلي .