إن التماسّ الجاد مع
الحياة، على مستوى الفكر أو الواقع، يدفع المفكر المسلم - بين الحين والآخر - إلى أن
يقول ما عنده، استناداً إلى رؤيته الإسلامية ، وقدرته على معالجة المفردات، من
المنظور العقدي، الذي ينفتح على العالم، فلا يكاد يدع صغيرة ولا كبيرة، إلا وشكل
إزاءها الموقف الفكري، الذي يضعها في مكانها الصحيح، من مسلسل الصراع الأبدي، بين
الحق والباطل.. والوجود والضياع.. من أجل أن يتبيّن المسلم، والإنسان عمومًا موطئ
قدميه في دنيا مكتظة، لا تكف عن التمخض، وفي عالم لاهث، لا تدعه المتغيرات
المتلاحقة، يجد "نفسه" أو يستقرّ على حال.
وإزاء كل خبرة، أو
فكرة، أو واقعة، هنالك "الصراط" الذي يشكله هذا الدين، وليس وراءه سوى
الضلال.
ومهمة المفكر المسلم،
أن يكشف عن الصراط، وأن يحذر من الذهاب إلى الطرق المعوجّة، التي ضيعت الإنسان، ولا
تزال.
هذه المهمة التي هي
بالتأكيد، ليست ترفًا، ولا اختيارًا، ولكنها فرض عين على كل قادر، من أجل تأكيد
مصداقية هذا الدين، في دائرة الأفكار، أو ساحات التجارب، والوقائع
والخبرات..
هي مهمة متجددة، لا
تنتهي أبدًا:
(وأن هذا صراطي
مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم
تتقون) (الأنعام:153).
والى الله وحده نتوجّه
بالأعمال.