بــــــــسم الله الـــــــرحـمن الــــــرحيــــم
الحمد لله
رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد.......
فلقد أخذ
الله سبحانه وتعالى على العلماء والدعاة الميثاق أن يبينوا للناس بإخلاص
حقائق الدين ، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، ولايكتموا مما أمر الله
تعالى بتبليغه شيئاً ، لأنهم حماة الأمة في عقيدتها وشريعتها وأخلاقها التي
ارتضاها الله تعالى لها
ومن هنا
فقد درج علماء الإسلام عبر العصور منذ عصر الصحابة الكرام على بيان حقائق
الدين ، والدفاع عن بيضة الأمة ، حينما وقفوا أمام محاولات التحريف
والتغيير والتزييف التي قادها الملاحدة وكهنة الأفكار المصنوعة ولاهوتيو
الأديان المحرفة ، لإفساد دين الله الحق ، فألحقوا بهم الهزائم المتلاحقة ،
وأنقذوا الاسلام من ركام الهجمات المنظمة ، صافياً أبيض نقياً ، وألفوا في
ذلك الكتب والرسائل مايمكن أن تزين به جدران مكتبة كبيرة
وعندما
واجه المسلمون في العصر الحديث غزواً فكرياً ساحقاً وشاملاً ، من لدن
الكفرة المارقين من المستعمرين وأضرابهم ، قاصدين القضاء المبرم على مبادئ
الاسلام ، شمر علماء الإسلام عن سواعد الجد ، فنزلوا إلى حلبة الصراع وردوا
تلك الافتراءات بالحجج البيانية والبرهانية ، فأنقذوا الأجيال الجديدة من
هجمات الماديين والإباحيين ، التي كادت أن تأتي على كل أمر مقدس تتميز به
أمتنا الاسلامية الشاهدة
إن
المناهج الاستشراقية والحملات التبشيرية الضخمة والفلسفات المادية
اللادينية الجاحدة ، لم تستطع ـ والحمد لله ـ أن تنال من الإسلام الحنيف
الحق ، ومن حضارته الإنسانية الكريمة ، فذهبت جهودهم أدراج الرياح أمام قوة
ووضوح كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ومابناه المسلمون
بجهادهم الطويل عليهما من علوم نافعة ومعارف قيمة وأنجازات حضارية مشهودة
ـواليوم
يريد الغرب الحاقد بقيادة أمريكا الصهيونية أن يغزو بأسلوب شيطاني جديد خدع
العالم بما يسميه "بالعولمة" وهو إنما يريد السيطرة الكاملة على بلاد
المسلمين وماعندهم من ثروات ، وتشويه دينهم ونظام حياتهم ومحاربة أخلاقهم
العالية بالإباحية الجديدة ، التي يعقد لها المؤتمرات تلو المؤتمرات في ظل
الأمم المتحدة التي أنشأتها دول الطغيان ومن ورائها اليهودية العالمية
لإخضاع الشعوب الفقيرة ونهب ثرواتها ، والقضاء النهائي على ثقافتها
وحضارتها العريقة من منطلق تعظيم الحضارة المادية الجديدة المنكرة للأديان
والرافضة لخصوصيات الشعوب وثقافتها الاجتماعية وقيمها الحضارية
لقد كتب
الكثير من الباحثين المختصين من المسلمين وغير عن أخطار العولمة ، وبينوا
مستقبل الشعوب ، ولاسيما شعوب الأمة الاسلامية ، وبينوا سلبياتها القاتلة ،
وخططها الجهنمية في ابتلاع أصالة الشعوب ، ومصالحها المشروعة ، غير إن
القليل من هؤلاء تعرضوا إلى موقف الإسلام التفصيلي من هذه الهجمة الخطيرة
من هنا
فقد أردت بهذا البحث المتواضع أن أملأ بإذن الله تعالى ولو جانباً من هذه
الثغرة المخيفة ، بعد أن قرأت كل ماوصل إلي من كتب وأبحاث رصينة علمية حول
موضوع "العولمة" وبعد أن لم يبق عندي شك بأن الأمة الإسلامية ستنتحر
عقيدياً وحضارياً ، إن استسسلمت إلى خيوط هذه المؤامرة الواسعة ، ولم تهيئ
الخطط الإيمانية العلمية الواقعية لمقاومة طغيانها والوصول إلى حالى
التوازن المفيد معها
وهذا
لايكون إلا باستعادة أمتنا لذاتها ووعيها ووحدتها وحضارتها الإيمانية
العقلانية المفتوحة ، كي تنتصر بإذن الله في هذه المعركة الجديدة ذات
الوجوه المغرية الخلابة ، كما انتصرت في معاركها التاريخية السابقة ، والله
هو الموفق وحده لاشريك له
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين |