موسى وهارون عليهما السلام
الجزء
الأول
قال تعالى في سورة
طه:
وَهَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى
نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم
مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى
(11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ
نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى
(13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا
لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ
بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى
(17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ
عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
(18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى
(20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ
سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ
بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى
(23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ
طَغَى (24) قَالَ
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ
لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ
عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27)
يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي
وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ
أَخِي (30) اشْدُدْ
بِهِ أَزْرِي (31)
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ
نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33)
وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ
كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ
قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى
(37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ
مَا يُوحَى (38) أَنِ
اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ
بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ
مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ
أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ
عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ
وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى
قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي
لا نعرف ماذا نقول تعليقا
على قول الله تعالى لعبد من عباده..
يَا
مُوسَى (40)
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي
اختار الله موسى واصطنعه
لنفسه.. سبحانه.. وتلك قمة من قمم التشريف لا نعرف أحدا بلغها في ذلك الزمان البعيد
غير موسى عليه الصلاة والسلام.. قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره
رسولا إلى فرعون.. انحدر موسى بأهله قاصدا مصر.
يعلم الله وحده أي أفكار
عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصدا مصر.
انتهى زمان التأمل، وانطوت أيام الراحة،
وجاءت الأوقات الصعبة أخيرا، وها هو ذا موسى يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش
أعظم جبابرة عصره وأعتاهم.
يعلم موسى أن فرعون مصر طاغية.
يعلم أنه لن يسلمه بني
إسرائيل بغير صراع.
يعلم أنه سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل.. لقد
أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون.. أن يدعوه بلين ورفق إلى الله.
أوحى الله لموسى
أن فرعون لن يؤمن.
ليدعه موسى وشأنه.. وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن
تعذيبهم.
قال تعالى لموسى وهارون:
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ
هذه هي المهمة المحددة.
وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات.
إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من
الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو
كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر. يعلم موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه
الأساسي على استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة، فهل
يفرط الفرعون في بناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟
ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت
مشقة الطريق.. ورفع الستار عن مشهد المواجهة
|