موسى وهارون عليهما السلام
الجزء
الثاني
وصل فرعون بجيشه إلى
منتصف البحر.. تعدى منتصفه وكاد يصل إلى الضفة الأخرى.. وأصدر الله تعالى أمره إلى
جبريل فحرك جبريل الموج.. انطبقت الأمواج على فرعون وجيشه.. وغرق فرعون وجيشه.. غرق
العناد ونجا الإيمان بالله..
ورأى فرعون وهو يغرق
مقعده من النار.. أدرك وقد انكشف عنه الحجاب،
ودخل في سكرات الموت، أن موسى كان
صادقا وأنه ضيع نفسه بمعاداته وحربه.. وآمن فرعون.
قال
تعالى:
حَتَّى
إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي
آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وقد كانت توبته غير
مقبولة ولا صحيحة. فهي توبة تجيء بعد معاينة العذاب والدخول في الموت.
قال له
جبريل:
(آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ).
بمعنى لا توبة..انتهى وقت التوبة المحدد
لك وهلكت. انتهى الأمر ولا نجاة لك.. سينجو جسدك وحده.. ستموت وتقذف الأمواج جثتك
إلى الشاطئ.. لتكون آية لمن خلفك.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً
وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
كان ما وقع لفرعون تحقيقا
لسنة أزلية خلت في عباد الله.. لا ينفع الإيمان بعد العذاب.. قال تعالى في سورة
غافر:
فَلَمَّا
رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا
بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ
يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي
قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ
قص الله تعالى موقف
المواجهة بين فرعون وموسى في قوله تعالى في سورة الشعراء:
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ
(52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي
الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ
هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
(57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
(58)
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ
مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ
كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب
بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
(63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ
(64) وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ
أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ
أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ
أسدل الستار على طغيان
الفرعون.
ولفظت الأمواج جثته إلى الشاطئ. لا نعرف على أي شاطئ لفظت الأمواج جثة
الرجل الذي يدعي الألوهية. الرجل الذي لم يعارضه أحد!
أغلب الظن أن الأمواج لفظت
جثته على الشاطئ الغربي.. فرآه المصريون وأدركوا أن إلههم الذي عبدوه وأطاعوه كان
عبدا لا يقدر على دفع الموت عن رقبته.
بعد ذلك.. نزل الستار
تماما عن المصريين.. لا يحدثنا القرآن الكريم عما فعلوه بعد سقوط نظام الفرعون
وغرقه مع جيشه.. لا يحدثنا عن ردود فعلهم بعد أن دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه
وما كانوا يعرشون ويشيدون.
يسكت السياق القرآني
عنهم.. ويستبعدهم تماما من التاريخ والأحداث.
|