بيان أن النبي
صلى الله عليه و سلم لم يستخلف أحداً يلي الأمر بعده
قال البزار في مسنده : حدثنا عبد
الله بن وضاح الكوفي ، حدثنا يحيى بن اليماني ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي اليقظان عن
أبي وائل عن حذيفة ، قال : قالوا : يا رسول الله ألا تستخلف علينا ؟ قال : إني إن
أستخلف عليكم فتعصون خليفتي ينزل عليكم العذاب أخرجه الحاكم في
المستدرك ، و أبو اليقظان ضعيف .
و أخرج الشيخان عن عمر أنه قال حين طعن : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني ـ
يعني أبا بكر ـ و إن أترككم فقد ترككم من هو خير مني ـ يعني رسول الله صلى الله
عليه و سلم ـ .
و أخرج أحمد و البيهقي في دلائل
النبوة بسند حسن عن عمرو بن سفيان قال : لما ظهر علي يوم الجمل قال : أيها
الناس : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئاً ،
حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر ، فأقام و استقام حتى مضى لسبيله ، ثم إن أبا
بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر ، فأقام و استقام حتى ضرب الدين بجرانه ، ثم إن
أقواماً طلبوا الدنيا فكانت أمور يقضي الله فيها .
و أخرج الحاكم في المستدرك
و صححه البيهقي في
الدلائل عن أبي وائل قال : قيل لعلي : ألا تستخلف علينا ؟ قال : ما استخلف
رسول الله صلى الله عليه و سلم فأستخلف ، و لكن إن يرد الله بالناس خيراً فسيجمعهم
بعدي على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم .
قال الذهبي : و عند الرافضة أباطيل في أنه عهد إلى علي
رضي الله عنه ، و قد قال هذيل بن شرحبيل : أكان أبو بكر يتأمر على علي وصي رسول
الله صلى الله عليه و سلم و ود أبو بكر أنه وجد عهداً من رسول الله صلى الله عليه و
سلم فخزم أنفه بخزام ؟ أخرجه ابن سعد و البيهقي في
الدلائل ، و أخرج ابن سعد
عن الحسن قال : قال علي : لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم نظرنا في أمرنا
فوجدنا النبي صلى الله عليه و سلم قد قدم أبا بكر في الصلاة ، فرضينا لدنيانا عمن
رضي رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه لديننا ، فقدمنا أبا بكر .
و قال البخاري في تاريخه
: روي عن ابن جمهان عن سفينة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لأبي بكر و عمر و عثمان : هؤلاء الخلفاء بعدي ، قال
البخاري ، و لم يتابع على هذا ، لأن عمر و علياً و عثمان قالوا : لم يستخلف
النبي صلى الله عليه و سلم ، انتهى .
و الحديث المذكور أخرجه ابن حيان قال :
حدثنا أبو يعلى ، حدثنا يحيى الجماني حدثنا حشرج عن سعيد بن
جمهان عن سفينة : لما بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجد وضع في البناء
حجراً و قال لأبي بكر : ضع حجرك إلى جنب حجري ، ثم قال لعمر : ضع حجرك إلى جنب حجر
أبي بكر ، ثم قال لعثمان : ضع حجرك إلى جنب حجر عمر ، ثم قال : هؤلاء الخلفاء بعدي
قال أبو زرعة : إسناده لا بأس به ، و قد أخرجه
الحاكم في المستدرك و صححه
البيهقي في الدلائل و غيرهما .
قلت : و لا منافاة بينه و بين قول عمر و علي أنه لم يستخلف ، لأن مرادهما أنه عند
الوفاة لم ينص على استخلاف أحد ، و هذا إشارة وقعت قبل ذلك فهو كقوله صلى الله عليه
و سلم في الحديث الآخر عليكم بسنتي و سنة الراشدين المهديين من
بعدي أخرجه الحاكم من حديث العرباض بن سارية ،
و كقوله صلى الله عليه و سلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر
و عمر و غير ذلك من الأحاديث المشيرة إلى الخلافة . |