في مدة الخلافة في
الإسلام
قال الإمام أحمد : حدثنا بهز حدثنا
حماد بن سلمة حدثنا سعيد بن جمهان عن سفينة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : الخلافة ثلاثون عاماً ، ثم يكون بعد ذلك الملك أخرجه أصحاب السنن
، و صححه ابن حيان و غيره .
قال العلماء : لم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه
و سلم إلا الخلفاء الأربعة و أيام الحسن .
و قال البزار : حدثنا محمد بن سكين
حدثنا يحيى بن حسان حدثنا يحيى بن حمزة عن مكحول عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أول دينكم بدأ نبوة و رحمة ، ثم يكون خلافة و
رحمة ، ثم يكون ملكاً و جبرية حديث حسن .
و قال عبد الله بن أحمد : حدثنا
محمد بن أبي بكر المقدسي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن الشعبي عن جابر
بن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال هذا الأمر عزيزاً ينصرون على
من ناوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش أخرجه الشيخان و غيرهما ، و له
طرق و ألفاظ : منها [ لا يزال هذا الأمر صالحاً ] ، ومنها [لا يزال الأمر ماضيا ]
رواهما أحمد ، ومنها عند مسلم [ لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا إن أول
دينكم بدأ نبوة و رحمة ، ثم يكون خلافة و رحمة ، ثم يكون ملكاً و جبرية حديث حسن .
و قال عبد الله بن أحمد : حدثنا
محمد بن أبي بكر المقدسي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن الشعبي عن جابر
بن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال هذا الأمر عزيزاً ينصرون على
من ناوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش أخرجه الشيخان و غيرهما ، و له
طرق و ألفاظ : منها [ لا يزال هذا الأمر صالحاً ] ، ومنها [لا يزال الأمر ماضيا ]
رواهما أحمد ، ومنها عند مسلم [ لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا ؟ فقال :
سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال اثنا عشر كعدة
نقباء بني إسرائيل ] .
قال القاضي عياض : لعل المراد بالاثنى عشر في هذه
الأحاديث و ما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة و قوة الإسلام و استقامة
أموره و الاجتماع على من يقوم بالخلافة ، و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى
أن اضطرب بني أمية و وقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد ، فاتصلت بينهم إلى أن
قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم .
قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح
البخاري : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث و أرجحه ، لتأييده بقوله
في بعض طرق الحديث الصحيحه : [ كلهم يجتمع عليه الناس ] و إيضاح ذلك أن المراد
بالاجتماع انقيادهم لبيعته ، و الذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ، ثم عمر ،
ثم عثمان ، ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة ،
ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، و لم ينتظم
للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد
الملك بن مروان بعد قتل الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان
ثم يزيد ثم هشام ، و تخلل بين سليمان و يزيد عمر بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد
الخلفاء الراشدين ، و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه
لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، و انتشرت الفتن و
تغيرت الأحوال من يومئذ ، و لم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك ، لأن يزيد
بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته ، بل ثار عليه قبل أن
يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ، و لما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فقتله
مروان ، ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل ، ثم كان أول خلفاء بني العباس السفاح
، و لم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنه
المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس ، و استمرت في أيديهم متغلبين عليها
إلا أن تسموا بالخلافة بعد ذلك ، و انفرط الأمر إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم
في البلاد بعد أن كان في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع الأقطار
من الأرض شرقاً و غرباً يميناً و شمالاً مما غلب عليه المسلمون و لا يتولى أحد في
بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة .
و من انفراط الأمر أنه كان في المائة الخامسة بالأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى
بالخلافة ، و معهم صاحب مصر العبيدي و العباسي ببغداد خارجاً عمن كان يدعي الخلافة
في أقطار الأرض من العلوية و الخوارج .
قال : فعلى هذا التأويل يكون المراد بقوله : [ ثم يكون الهرج ] يعني القتل الفاشي
عن الفتن وقوعاً فاشياً و يستمر و يزداد ، و كذا كان .
و قيل : إن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة إسلام إلى يوم القيامة يعملون
بالحق و إن لم تتوال أيامهم ، و يؤيد هذا ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير عن أبي
الخلد أنه قال : [ لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل
بالهدى و دين الحق ، منهم رجلان من أهل بيت محمد صلى الله عليه و سلم ] و على هذا
فالمراد بقوله : [ ثم يكون الهرج ] أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة : من خروج الدجال
و ما بعده ، انتهى .
قلت : و على هذا فقد وجد من الاثني عشر خليفةً الخلفاء الأربعة ، و الحسن ، و
معاوية ، و ابن الزبير ، و عمر بن عبد العزيز ، هؤلاء ثمانية ، و يحتمل أن يضم
إليهم المهتدي من العباسيين ، لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية ، و كذلك
الطاهر لما أوتيه من العدل ، و بقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من آل بيت
محمد صلى الله عليه و سلم . |