مقـد مـــة
الحمد لله رب
العالمين. جعل الدين عنده الإسلام. والصلاة والسلام على رسول الإنسانية محمد الصادق
الأمين.
أما بعد:
فإن التيارات الفكرية،
والحركات المعاصرة، تشكل تياراً جارفاً يزحف على المجتمعات الإنسانية في خبث ومكر
ودهاء. ليصرف المجتمعات عن حركة الحياة، ويشغلها بما هو بعيد عنها.
ولقد عانت المجتمعات
الإسلامية من التيارات الفكرية الزاحفة، وشغل الناس بها. مما صرف الناس عن المواكبة
العلمية، والفهم الصحيح لمبادئ الإسلام . ومما لا يخفى على عاقل: أن التيارات
الفكرية، تعمل بكل ما تمتلك من إمكانات على غزو المجتمعات الإسلامية، غزواً يفتت
الأمة ويضعف من انطلاقها، ويقيد حركاتها، ويبعدها عن الواقع.
ولكم تهاوت أمم وشعوب
وأجيال، وتساقطت في هاوية الفساد بسبب هذه التيارات . والتي يرقص السذج
والجهال على نغم إيقاعها. ويفتنون بمظاهرها وواجهاتها.
وقد لا يخفى: أن
الأمم، تسعد، وتشقى، وتصح وتمرض، وهي بحاجة إلى علاج إذا سقطت فريسة الأوبئة، التي
تنتاب النفوس المظلمة، التي فقدت مناعتها، فخارت قواها.
ولا توجد مدرسة تتناول
بالرعاية والعناية، النفس الإنسانية، كمدرسة الإيمان. لأن الإيمان يخط
المسار، ويضع المنهاج، ويحول بين النفس، وبين دواعي الانحراف، بما يوفر من قيم
فعالة، تعالج ما قد يبتلى به الإنسان.
وقد لا يكون المرء
مجانباً للصواب، إذا ما تأكد لديه: أن ما تعانيه المجتمعات الإسلامية من هزائم
فكرية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية، هو نتيجة حتمية لانهدام الشخصية
الإسلامية.
ويكاد يكون معروفا، أن
أخطر ما تتعرض له الأمة هو هدم شخصيتها الإسلامية هدما عقدياً، وثقافياً
وسلوكياً.
ولعل طبيعة الهدم، لم
تنشأ إلا من جراء انهدام الشخصية، وما أعقب ذلك من غياب الفاعلية في حياة
المسلم.
ولهذا جاء هذا الكتاب
ليبين: أن الأمة الإسلامية هدف ثمين من أهداف تصدير الأفكار. وأن سوق الأفكار من
أخطر أسواق المنتجات، وأكثرها تقبلاً للتزييف والإفساد.
ومن حق مجتمعات الأمة
الإسلامية أن تتنبه للأخطار الفكرية، والتيارات الهدامة التي تحدق بالأمة.
ومن حق الأمة
الإسلامية أن تتبصر المواقع ، وتتعرف على طريق الصواب.
ولا بد لهذه الأمة
أن تدرك وجودها ، وتبحث عن مكانتها التي نيطت بها.
وإن أمة تخطو إلى
الأمام، لا بد وأن تنطلق بقوة، ووعي، مسترشدة بمبادئ وتعاليم الإسلام.
|