إعــداد
القــوة ضــرورة حياتيـــة
الصراع بين الأحياء من
طبيعة الحياة، وقد ثبت بالتجربة، أنه أمر لا بد من وقوعه بين الناس، مهما ارتقت
أفكارهم، أو تقدمت وتطورت معارفهم وحضارتهم، والدليل الواضح على ذلك، ما يقع بين
الأمم من الحروب العالمية، وهذا التسابق المحموم في أسلحة الفتك والدمار والخراب،
رغم ما توصلوا إليه من العلم والحضارة المادية، والتقدم.
فالحرب لا يمكن أن
تزول من الدنيا، أو تخف حدتها، أو تحصر ويلاتها، ذلك أنها بكل ما فيها من مرارة
وآلام، وبكل ما تنطوي عليه من قسوة، وبطش، وإخلال بالأمن والسلام، سر من أسرار
الحياة، وجوهر من جواهرها.. لأن الحياة هي الحركة، والحركة هي التي تحوِّل المادة
وتغيرها، بما تحدثه من احتكاك وصدام، وصراع مستمر..
إن كل ما في الكون، من
عناصر مركبة، أو بسيطة في كفاح مستمر، بين أجزائه المختلفة. . فالماء، والهواء،
والحرارة، وبقية العناصر، كلها في حرب دائمة. . ومن هذه الحرب تنشأ جميع الظواهر
الطبيعية والجغرافية، التي تؤلف مسرح الحياة.
فالرياح، والعواصف،
والسحب، والبروق، والرعود، والصواعق، والسيول، والأمطار، والزلازل، والبراكين. . هي
مظهر هذا القتال، فما من ذرة من ذرات الكون إلا ويجري فيها هذا الصراع.
وحسبك أن تنظر إلى
قطرة من الماء من خلال مجهر، أو ترى قطرة من الدم لترى فيها جيوشاً جرارة، في كر،
وفر، وإقبال،وإدبار، يلتهم بعضها البعض الآخر، بعد أن يصرعه..
فإذا شئت أن ترى ذلك
مكبراً بالعين المجردة، فما عليك إلا أن تلقي بنظرة على الغابة، حيث تغص بالحيوانات
الكاسرة، والطيور الجارحة، التي لا تنفك في حرب متواصلة، لا تفتر لحظة، أو تهدأ،
ابتداء من الدودة الصغيرة، إلى الفيل الضخم. . ولو نظرت إلى قاع المحيط، لوجدت مثل
ذلك جيوشا لا يدركها الحصر، تتباغى وتتقاتل وتتصارع حول الحياة
والموت.
وما كان الإنسان ليشذ
عن هذه القاعدة، وهو أرقى صور الحياة وأملها، غير أن العقل والأديان، قد نظمت قواه،
وحدت من غرائزه، التي تدفعه للقتال، دائماً وأبداً.. لكنها لم تقض على هذه
الغريزة.. وإلا لقضت على الحياة في أساسها، فبقيت غريزة القتال كامنة في النفوس، لا
تلبث أن تحتدم، متى وجدت دواعيها، وتهيأت أسبابها.. وما أكثر الأسباب والدوافع،
التي تفضي إلى المنافسة بين أبناء البشر.
والإنسان حين يفقد
سلامه النفسي في داخله، يفقد سلامه الاجتماعي والعالمي في خارجه، ويعدم
الراحة، والهدوء، والانضباط، ويتلفت عن يمين وشمال، فلا يرى إلا جيوش الأهواء
والنزوات، وفيالق الأثرة والمطامع تدق طبولها، معلنة، على قراره الذاتي، وسلامه
النفسي، حربا ضروساً، لا تلبث إلا ريثما يضيق بها ميدان وجدانه، ومجال مشاعره، لتمد
ألسنتها، حامية الوطيس، مشتعلة الأوار، خارج هذا النطاق، لتأتي على الأخضر
واليابس، من علائق الأفراد والجماعات، والأمم، ومقدراتها، وممتلكاتها، ومناطق
نفوذها، وما سطرته يراع الإنسانية من معالم الحضارة، ومشاهد التقدم، ووسائل
المدنية، التي ترمي إلى ترقية الحياة، وتهذيبها..
والويل كل الويل، يوم
يذر قرن الفتنة، وتشرئب الأهواء النافرة، والنزعات الشاردة، والمطامع الفاغرة،
معلنة إصرارها على طمس الحق وأهله. لهذا كان حرص الإسلام البالغ، على أن يتصف
أهل الإيمان بالقوة، وعلى أن يكونوا دائما على استعداد، لمواجهة أهل الباطل، مهما
تكن التضحيات في النفس، والأهل والمال. . والتحفظ الوحيد الذي وضعه الإسلام على قوة
المسلمين، هو أن تكون قوتهم في خدمة العدل والسلام، وأن تنأى عن البغي
والعدوان.
قال تعالى:
(ولو لا دفع الله الناس بعضهم
ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرنّ الله من
ينصره إن الله لقوي عزيز )(الحج:40).
ذكر القرطبي في تفسيره: أنه لولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من
قتال الأعداء، لا ستولى أهل الشرك، وعطلوا ما بنته أرباب الديانات، من مواضع
العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال، ليتفرغ أهل الدين للعبادة. . فالجهاد
أمر متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع، واجتمعت المتعبدات.
حقاً إن الإسلام حين
يضطر إلى القتال، فإنما يمارس أشرف أنواع القتال وأنبله، ذلكم الذي لم
ولن تعرف الدنيا له عدلا ولا نظيراً، من قريب أو بعيد، من حيث أسبابه، وأهدافه،
وغاياته، وملابساته، وظروفه. .
إن أسباب القتال جميعا
تلتقي عند درء العدوان،ورد الهجوم، واسترداد الحق السليب، والكرامة المهيضة، والأمل
الشريد، واقتلاع جذور الظلم، وكسر حدته، وانحسار موجته. . ولو لا أن يغري الله به
المؤمنين، لا عتلت المفاهيم، واختلت الموازين، واضطرب أمر الحياة، ولخلا
وجهها من الحق وجنده. وتلتقي أيضا بواعث القتال عند درء الفتنة، إذا
ذرقرنها، واستيقظ شرها، وتطاير شررها، فإن طاقات النفس محدودة، وقدراتها تحت
مطارق الفتن، وصروف الهوان قاصرة، يخشى حالئذ أن تلين، أو تهون، أو
تتشتت، فتعطي خصمها الدنية في ذاتها، ويقينها. . إذ التلويح، والتلميح، والمساومة،
والإلحاح، والرغبة، والرهبة. . من أخطر الأساليب التي تمس أغوار النفس، في ظروف
العسف، والقهر، والبغي، والطغيان. . فيلين عودها، ويتبخر ريها، وتأتي على ما
في قرارها من يابس وأخضر. . وما لم يتدارك هؤلاء تحت العذاب والفتن، ومعاول الهدم..
فإنهم لا يلبثون إلا ريثما تضيق على أعناقهم قبضة الفتن، فإذا هم ساقطون. .
إن القتال حينئذ حبل إنقاذ، ينقذ المحطومين، ويمنع المتآمرين، من
التوسع والمزيد. . ولا ملام في هذا، فمن أشعل الفتنة صلى نارها، ومن سل سيف البغي
صُرع به.
وإن القتال في الإسلام
كما يكون لأهل العدوان والاضطهاد، والفتن، يكون أيضاً، لمن يهددون الأمن، ويقلقون
السلم. . ويكون لمن يدسون الدسائس، ويزرعون الوقيعة، ويبثون الخدع، وينشرون
الأراجيف، وينفثون السموم، ويروجون لأساليب الهدم والدمار، من المذبذبين، وذوي
الضمائر الفاسدة، والذمم الخربة، وأهل النكث والخيانة. ومن لديهم الاستعداد
إلى الانسلاخ من كل مبدأ، والتلون بكل لون، وتغيير جلودهم ، حسب الملابسات والظروف.
وما كانت أسباب القتال
في الإسلام راجعة يوما (ما) إلى عدوان منه، أو بغي أو تسلط، أو قسر، أو إكراه.. وما
كانت أيضا معاداة، ولا باطلاً. وإنما كان الأمر معه على العكس. . فالمسلمون
كانوا على مر العصور ضحايا القسر والتعذيب، والطغيان، والقهر.. ولذا لجأ المسلمون
لمحاربة القوة بالقوة، لأنه لا تحارب القوة بالحجة، ولكن بمثلها، فلا يفل الحديد
إلا الحديد، فكانت حروبه جميعاً لاتقاء هجوم مبيت، من قبل طغاة متجبرين، لا يألون
جهداً، في مباغتة الإسلام بالهجوم عليه، والإيقاع به، وفض الناس عنه..
إذن حتمية
المواجهة تستدعي من المسلمين -أمة، أو مجموعة من المجتمعات- ضرورة التهيؤ،
والاستعداد، وليس شرطاً أن ينتظر المسلمون، حتى يروا أمارات السوء، والشر والعدوان،
من عدو معروف لهم، فيبدءون في أخذ وسائل الدفاع. . إنما عليهم أن يدركوا طبيعة
الحياة في هذه الزاوية الهامة، التي تحكم بوجود الصراع، تجربة، وتاريخاً، واقعاً،
بين الناس، فيبذلون قصارى جهدهم ، في إعداد القوة، حتى ولو لم يكن أمامهم عدو
معروف، ومعلوم لهم.
وإلى هذا المعنى يوجه القرآن الكريم
المؤمنين، فيقول تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله
وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله
يوف إليكم وأنتم لا تظلمون )(الأنفال:60) .
فالله سبحانه وتعالى
أمر المؤمنين بالاستعداد للحرب التي لا بد منها لدفع العدوان وحفظ الأنفس.
والحق، والفضيلة. . ويكون ذلك بأمرين:
الأمر الأول: إعداد
المستطاع من القوة، ويختلف هذا باختلاف الزمان، والمكان، والواجب على المسلمين في
هذا العصر، صنع المدافع والطائرات والدبابات وإنشاء السفن الحربية،
والغواصات، ونحو ذلك، كما يجب عليهم تعلم الفنون والصناعات، التي يتوقف عليها صنع
هذه الأشياء وغيرها من قوى الحرب.
وقد استعمل الصحابة
المنجنيق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في غزوة (خيبر) وغيرها. روى مسلم
عن عقبة بن عامر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تلا هذه الآية.
يقول: (ألا إن القوة الرمي) قالها ثلاثاً. وذلك أن رمي العدو على بعد،
بما يقتله، أسلم من مصاولته على القرب بسيف أو رمح أو حربة، أو نحو ذلك.
وهذا يشمل السهم
وقذيفة المنجنيق والطيارة والمدفع والبندقية ونحوها. . فاللفظ يشملها وإن لم تكن
معروفة في عصره صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني: مرابطة
الفرسان في ثغور البلاد وحدودها. . إذ هي مداخل الأعداء ومواضع مهاجمتهم للبلاد. .
والحكمة في هذا، أن للأمة الإسلامية جند دائم، مستعد للدفاع عنها، إذا فاجأها
العدو على غرة. . (ترهبون به
عدوّ الله وعدوكم ) أي أعدوا لهم المستطاع
من القوة الحربية، ومن الفرسان المرابطة، لترهبوا أعداء الله الكافرين به..
فالكفار -إذا علموا
استعداد المسلمين، وتأهبهم للجهاد، واستكمالهم لجميع الأسلحة والآلات، خافوهم، وإلى
هذا يشير أبو تمام إذ يقول:
وأخـــافـكــم كــي
تغمــــدوا أسيـافكم
إن
الـــــــدم المـغير يحرســـه الــــدم
وهذا الخوف يفيد
المسلمين من وجوه: -
1- يجعل أعداءهم لا
يعينون عدوًّا آخر عليهم..
2- يجعلهم يؤدون
الالتزامات المطلوبة منهم..
3- ربما حملهم ذلك على
الدخول في الإسلام والإيمان بالله ورسوله.
والخلاصة: إن تكثير
آلات الجهاد، وأدواته، كما يرهب الأعداء الذين نعلم أنهم أعداء، يرهب كذلك الأعداء،
الذي لا نعلم أنهم أعداء، (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم). . فالاستعداد
للحرب يرهبهم جميعاً، ويمنعهم من الإقدام على القاتل.. وهذا ما يسمى في العصر
الحديث، (السلام المسلح).
ولعل الباحث يعرف أن
إعداد القوة في الإسلام، والذي جاء الأمر به، ليس المقصود به إعداد قوة مماثلة لقوة
الأعداء، ..لأن فريضة الجهاد في الإسلام، لا تنتظر حتى يتم إعداد قوة مماثلة
لقوة العدو، لأن ذلك قد يطول.. ولو انتظر المسلمون في غزوة بدر الكبرى، حتى تتكافأ
قوتهم، وقوة عدوهم، ما قامت للإسلام والمؤمنين قائمة.
إنما القلة المؤمنة
بالله، والمعتزة بعقيدتها، اعتزازاً يفوق كل اعتبار، استعدت بقدر ما استطاعت، ثم
خاضت المعركة فكان فيها الفرقان.
والآية الكريمة التي
أمرت بإعداد القوة، فيها كلمة (تُرهبون) وقد جاءت بصيغة الفعل المضارع، وتشير
إلى الغرض من إعداد القوة، وهو إلقاء الرهبة في قلوب أعداء الله، وأعداء المسلمين،
المعلومين منهم للمسلمين والمجهولين . . وكم للإسلام والمسلمين من أعداء، لو يفقه
المسلمون..
والآية الكريمة
(وأعدوا) على اختصارها جمعت أنواع الإعداد للجيوش التي تتلاءم مع كل عصر وزمن،
كالإعداد المادي، والإداري، والفني، والمالي، والتخطيط، والدراسة، الموضوعية
لمقتضيات الأحوال..
ولقد فرض الإسلام على
الأمة الإسلامية الإعداد بكل ما تشمله كلمة (إعداد) من معنى، وأن تبذل الأمة فيه
أقصى الجهود الصادقة، ولم تغفل الآية الإعداد وقت السلم، ووقف القتال، حتى تكون
الجيوش الإسلامية أشد فعالية، وأكثر قدرة قتالية..
والقتال في الإسلام
مجرد من كل غاية أرضية، ومن دافع شخصي ليتمحض خالصاً لله لتحقيق كلمة الله، وإقامة
العدل، ابتغاء رضوان الله.
قال تعالى:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة
ولما يعلمِ الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )(آل عمران:142).
والإسلام في هذه الآية
الكريمة، يربط هذه الغاية الموجودة - دخول الجنة - بالسلوك العملي في الحياة
الدنيوية، بحيث تصبح المقياس والميزان، الذي يدل على صحة الارتباط بالدين نفسه. .
وقال تعالى: (قاتلوهم يُعذبهم
الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب
الله على من يشاء والله عليمُ حكيم * أم حسبتم أن تُتْركوا ولما يعلم الله
الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير
بما تعملون )(التوبة 14-16).
فكلمة (بأيديكم) في
الآية تنفي تماماً معاني التواكل، والإهمال، والكسل، وتؤكد حظ الجهد البشري
في المواجهة لأهل الظلم والباطل. كما تفيد المسلمين، أنه لا أمل لهم إلا في
أنفسهم. . وكلمة (أم حسبتم أن تتركوا) في الآية، فيها الدلالة الواضحة على أنه لا
يجوز أن يتصور أهل الإيمان قيام الحياة ونظمها، على الخلو من معاناة الجهاد،
والصبر، والبذل، والتضحية، وأن أي تصور يجنح إلى تجربة الحياة من غير هذه
الخصائص، وهم باطل، لا بد من محاربته، حتى يكون المؤمن مستعداً استعداداً واقعياً،
يتمشى مع طبيعة الحياة.
والله سبحانه وتعالى
لا يرضى أن يكون حملة الإسلام، وحماة الدعوة الإسلامية من الجامدين الكسالى، الذين
ينتظرون النصر، لمجرد أنهم مسلمون. .
والأمة الإسلامية في
أشد الحاجة إلى استيقاظ كل الخلايا فيها، واحتشاد كل القوى، وتوفر كل استعداد،
وتجميع كل الطاقات، كي يتم النمو، ويتكمل البناء، لأن تحركات الأعداء لا تتوقف،
وتكالب الأعداء، يزداد شراسة وسعاراً، ولا جرم، فإن الحق الأعزل ضائع.
ولما كانت ظاهرة
الصراع تتعلق باستمرار ذاتها، كان للاستعداد لها، والاعتراف بها، المكان المقدم
في الإسلام. ولذلك جاءت مقاييس التفاضل بين الأعمال، لتضع الجهاد في قلب
المؤمن ونفسه، في المكان المتفوق على غيره من سائر الأعمال. قال تعالى:
(لا يستوي القاعدون من
المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. فضل الله
المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعدا الله الحسنى وفضّل
الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيما، درجات منه ومغفرة ورحمة،
وكان الله غفوراً رحيما ً)(النساء:95-96).
والحق أن الذي يستعد
استعداداً صادقاً للبذل والتضحية والجهاد، تسهل عليه سائر العبادات. . لذلك فإن
المؤمن في عملية الجهاد أو الاستعداد لها، يتجرد عن كل شيء، لله سبحانه وتعالى،
وكأنه عقد مع الله صفقة أعطى فيها، وبها، لله كل شيء، ليفوز بجنة عرضها
السماوات والأرض، قال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في
سبيل الله فَيقْتُلون ويُقْتَلُون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن
أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم
)(التوبة:111) .
وقال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله
أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون )(آل
عمران:169).
وهذا يعني أن أسلوب
الجهاد ضرورة للحياة الكريمة، وأي تقصير في التهيؤ والاستعداد له، يعرض صاحبه
لنقصان في الإيمان، وفساد في العقيدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: (من
مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه (بالغزو)، مات على شعبة من النفاق ).
وقد روى الطبراني عن
أبي بكر رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: (ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله
بالعذاب ).
والخلاصة: التي نفهمها
من المنهاج القرآني والنبوي، أخذاً من الآيات والأحاديث، التي جاءت في ميدان
الجهاد، والقتال.. أن واجب الأمة الإسلامية أن تهيئ نفسها بصفة دائمة ومستمرة
إلى ضرورة الاستعداد.. حيث إن هذا الاستعداد والإعداد، جزء من العقيدة، وركن من
العبادة، وقد ربط الله بتحقيقه سعادة المسلمين في الدنيا، ونجاتهم في الآخرة،
وإن الأمة الإسلامية تملك من الطاقات البشرية، والعقول المفكرة، والإمكانيات
المادية، والمواقع الاستراتيجية، ما يمكنها من أن تكون أعظم قوة في الأرض. لا لتضرب
في عتو وتجبر، ولكن لتحفظ نفسها ومجتمعاتها. وتقيم العدل بين الناس، وتنشر
الأمن والاطمئنان(ص 145) .
|