2-شكل الحكم في الإسلام ليس
جمهورياً
ونظام الحكم
في الإسلام كذلك ليس هو نظاماً جمهورياً. فالنظام الجمهوري يقوم في
أساسه على النظام الديمقراطي، الذي تكون السيادة فيه للشعب، فالشعب فيه
هو الذي يملك حق الحكم وحق التشريع، فيملك حق الإتيان بالحاكم، وحق
عزله، ويملك حق تشريع الدستور والقوانين، وحق إلغائهما وتبديلهما
وتعديلهما.
بينما يقـوم
نظام الحكم الإسلامي في أساسه على العقيدة الإسلامية، وعلى الأحكام
الشرعية. والسيادة فيه للشرع لا للأُمة، ولا تملك الأُمة فيه ولا
الخليفة حق التشريع، فالمشرع هو الله سبحانه، وإنما يملك الخليفة أن
يتبنى أحكاماً للدستور والقانون من كتاب الله وسنة رسوله. كما لا تملك
الأُمة فيه حق عزل الخليفة، والذي يعزله هو الشرع، لكن الأُمة تملك حق
تنصيبه، لأن الإسلام قد جعل السلطان والحكم لها، فتنيب عنها فيه من
تختاره وتبايعه.
والنظام
الجمهوري في شكله الرئاسي يتولى فيه رئيس الجمهورية صلاحية رئيس الدولة،
وصلاحية رئيس الوزراء،
ولا يكون معه رئيس وزراء،
وإنما يكون معه وزراء، مثل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وفي شكله
البرلماني يكون فيه رئيس للجمهورية، ورئيس للوزراء، وتكون صلاحية الحكم
فيه لمجلس الوزراء، لا لرئيس الجمهورية، مثل جمهورية
ألمانيا.
أما نظام
الخـلافة فلا يوجد فيه وزراء، ولا مجلس وزراء مع الخليفة بالمعنى
(الديمقراطي)، لهم اختصاصات وصلاحيات، وإنما فيه معاونون وهم وزراء
يعينهم الخليفة ليعاونوه في تحمل أعباء الخـلافة، والقيام بمسؤولياتها.
وهم وزراء تفويض ووزراء تنفيذ، وحين يترأسهم الخليفة يترأسهم بوصفه
رئيساً للدولة، لا بوصفه رئيساً للوزراء، أو رئيساً لهيئة تنفيذية،
لأنه لا يوجد معه مجلس للوزراء له صلاحيات، فالصلاحيات كلها للخليفة،
والمعاونون إنما هم معاونون له في تنفيذ صلاحياته.
هذا فضلاً
عن أنّ النظام الجمهوري بشكليه الرئاسي والبرلماني يكون فيه رئيس
الجمهورية مسؤولاً أمام الشعب، وأمام ممثليه، ويملك فيه الشعب وممثلوه
حق عزله، لأن السيادة فيه للشعب.
وهـذا
بخـلاف إمارة المـؤمنين، فإن أمير المـؤمنين، وإن كان مسؤولاً أمام
الأُمة، وأمام ممثليها، ويحاسب من الأُمة ومن ممثليها، إلا أن الأُمة
لا تمـلك حق عـزله، وبالتالي فإن ممثليها لا يملكون حق عزله، ولا يعزل
إلا إذا خالف الشـرع مخالفة تسـتوجب عزله، والذي يقرر ذلك إنما هو
محكمة المظالم.
والنظـام
الجمـهـوري سـواء أكان رئاسـياً، أم برلمانياً فإن الرئاسـة فيه محددة
بزمن معين لا تتعداه.
بينما نظام
الخـلافة لا يحدد فيه للخليفة زمن معين، وإنما تحديده بتنفيذ الشرع،
فما دام الخليفة قائماً بالشرع، مطبقاً على الناس في حكمه أحكام
الإسلام، المأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله فإنه يبقى خليفة، مهما طالت
مدة خلافته. ومتى أخلّ بالشرع، وابتعد عن تطبيق أحكام الإسلام انتهت
مدة حكمه ولو كانت يوماً أو شهراً، ويجب أن يعزل.
ومن كل ما
تقـدم يتبين الاختلاف الكبير بين نظام الخـلافة، والنظـام الجمـهـوري،
وبين رئيس الجمهورية في النظـام الجمهوري والخليفة في النظام
الإسلامي.
وعلى ذلك
فلا يجوز مطلقاً أن يقال إن نظام الإسلام نظام جمهوري، أو أن يقال:
الجمهورية الإسلامية، لوجود التناقض الكبير بين النظـامين في الأساس
الذي يقوم عليه كل منهما، ولوجود الخلاف بينهما في الشكل
والتفاصيل.
|