تيارات
الغزو الفكري
ومما لا يخفى على باحث
أو دارس، أن الغزو الفكري لكي يحقق أهدافه من إبعاد الأمة الإسلامية عن أصالتها،
وآدابها، اتخذ له منافذ متعددة، وتيارات مختلفة، قد تبدو متباينة، ولكنها تلتقي
جميعها في محاربة الإسلام والمسلمين، ومن هذه التيارات والحركات:
(الاستشراق)،(التبشير)،(الصهيونية)،(الماسونية)،(أندية
الروتاري)،(العلمانية)،(القوميات)،(التغريب)، الوجودية-2)،(الفوضوية)، القاديانية)،
(البابية والبهائية). . وغير ذلك.
إن هذه التيارات
والحركات، صنعها (الغزو الفكري)، ليمر من خلالها إلى الشعوب الإسلامية. وقد استطاعت
هذه التيارات أن تثبت أقدامها، وتوطد علائقها، وتقيم معاهدها، ومدارسها.
وهناك مجتمعات إسلامية
- جميع أبنائها مسلمين - بدت فيها ظاهرة لا يتنبه لها إلا بعض الباحثين وما أخطر
هذه الظاهرة. ظاهرة انتشار صورة الصليب في أشكال، قد لا تلفت النظر لأول
وهلة.
كأن تكون داخل مربع
يضيء ليلا، أعلى قمة محل تجاري. .
وقد تكون الشارات
والشعارات النصرانية داخل إطار دائري، تتزين به حجر الاستقبال. .
قلت لصديقي الذي تتزين
حجرة جلوسه بثلاث من هذه الدوائر: ما هذا؟ قال: لا أدري - والله - إنها
أدوات زينة.
وقد تكون داخل إطار
كتابي (شعاراً) لإحدى الشركات الكبرى. وفي بعض المجتمعات الإسلامية، لا
يستطيع أحد أن يشير إلى أي ظاهرة من ظواهر الغزو الفكري في المجتمع.
بأي إشارة كانت.
وهكذا تعيش بعض
المجتمعات الإسلامية في ظواهر الغزو الفكري، ولا أحد يرى، ولا أحد يتكلم، ولا أحد
يسمع.
لقد نجحت الحملات التي
قامت بها مؤسسات الغزو الفكري الغربي في تحقيق أغراضها نجاحا بعيداً، حين ضمت إليها
فئات مثقفة من المسلمين، وجعلتها في صفها تحارب الإسلام وثقافته. وأكثر من
هذا، إن هؤلاء المثقفين صاروا يستنكرون الثقافة الإسلامية، إذا تناقضت مع
الثقافة الغربية. وصاروا يستمرئون الثقافة الغربية تناقضت مع الثقافة
الغربية. وصاروا يستمرئون الثقافة الغربية ويتعشقونها. ويتجهون في
الحياة طبق مفاهيمها.
لقد أقبل الكثير من
المسلمين على ثقافة الغرب يدرسونها ويطبقونها ويتسابقون في الأخذ بها.
واستجاب المسلمون إلى الدعوات العنصرية حتى صارت على لسان الكثيرين.
وحتى صارت الإقليمية الضيقة هي المرتكز لأي عمل، في أي اتجاه، سياسياً كان أم
اقتصادياً أم فكرياًّ. إن هناك حربا تشن على العقائد الموروثة، وعلى المسلمات
التي تتصل بالوحي والبعث. وهناك فلسفات مطروحة، ترمي إلى إلغاء القيم
الثوابت، وإقامة التطور المطلق، وتجاوز الروح، وإقامة المادة وحدها، وإلغاء
الضوابط الأخلاقية والمسؤولية الفردية والدعوة إلى رفع الوصاية عن الشباب. . بل
هناك دعوة صريحة أعلنت خطتها بإخراج العرب والمسلمين من إطارات الدين، ودعوتهم إلى
علمنة الذات العربية. وهناك دعوات إلى إعادة طرح الأساطير، والإباحيات
في أفق الفكر الإسلامي عن طريق القصة، والمسرح، والصحافة. وهناك دعوات تزين
الباطل وتزخرفه، ودعوات تحول الشر إلى صور براقة زاهية..
|