البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

 الأول والأخر و...
 الغني و ...
 الرب و ..
 الوكيل و ...
 القابض والباسط و ..
 المولى و ....

 
 

المكتبـــة العـــامـــه

أسـماء الله الحســنى

 

 الأَولُ ، والآخِرُ ، والظَاهِرُ ، والبَاطِن

 قال الله تعالى 
{ هو الأولُ والآخرُ والظاهرُ والباطنُ } 
هذه الأسماء الأربعة المباركة قد فسرها النبي عليه الصلاة والسلام تفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه : " اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخِرُ فليس بعدك شيء وأنت الظاهرُ فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " إلى آخر الحديث ، ففسر كل إسم بمعناه العظيم ، ونفى عنه مايُضاده وينافيه . فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق والإحاطة المطلقة الزمانية في قوله : " الأولُ والآخر " والمكانية في " الظاهر والباطن " . فالأول يدل على أن كل ماسواه حادث كائن بعد أن لم يكن ، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية ، إذ إن السبب والمسبب منه تعالى والآخر يدل على أنه هو الغاية ، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها ، ورغبتها ، ورهبتها ، وجميع مطالبها ، "والظاهر " يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات على علوه ، "والباطن " يدل على إطلاعه على السرائر ، والضمائر ، والخبايا ، والخفايا ، ودقائق الأشياء ، كما يدل على كمال قربه ودنوه . ولايتنافى الظاهر والباطن لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت .

 العَلي ، الأعْلَى ، المُتَعَالِ

 قال الله تعالى 
{ ولايؤده حفظهما وهو العلي العظيم } 
(سورة البقرة الآية255) 
وقال تعالى 
{ سبح اسم ربك الأعلى } 
(سورة الأعلى آية 1) 
وقال تعالى 
{ عالم الغيب والشهادة الكبيرُ المُتَعَالِ } 
(سورة الرعد الآية 13) 
وذلك دال على أن جميع معاني العلو ثابتة لله من كل وجه ، فله علو الذات ، فإنه فوق المخلوقات، وعلى العرش استوى أي علا وارتفع ، وله علو القدر وهو علو صفاته وعظمتها ، فلا يماثله صفة مخلوق ، بل لايقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته 
قال تعالى : 
{ ولايحُيطُون بِهِ علماً } . 
وبذلك يُعلم أنه ليس كمثله شيء في كل نعوته ، وله علو القهر ، فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم ، فنواصيهم بيده ، وماشاء كان لايمانعه فيه ممانع ، وما لم يشأ لم يكنْ ، فلو اجتمع الخلق على إيجاد مالم يشأهُ الله لم يقدروا ، ولو اجتمعوا على منع ماحكمت به مشيئته لم يمنعوه ، وذلك لكمال إقتداره ، ونفوذ مشيئته ، وشدة إفتقار المخلوقات كلها إليه من كل وجه .

 العظيم

قال الله تعالى {ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم}
(سورة البقرة آية255)
الله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم ، فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصى ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق مايثني عليه عباده .
واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان :
أحدهما أنه موصوف بكل صفة كمال ، وله من ذلك الكمال أكمله ، وأعظمه ، وأوسعه ، فله العلم المحيط ، والقدرة النافذة ، والكبرياء والعظمة ، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره 
وقال تعالى : { وما قَدَرُواْ الله حَق قَدْرِه وَالأرضُ جَمِيعاً قَبضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسمَوَاتُ مطويَاتٌ بيمينه } .(سورة الزمر آية 67) ، وقال تعالى {إن الله يمسك السمواتِ وَالأرضَ أن تَزُولَا وَلَئن زَالَتَآ إنْ أمسَكَهُمَا مِن أحَدٍ من بَعدهِ } .

سورة فاطر الآية41
وقال تعالى وهو العلي العظيم : { تَكَادُ السمَوَاتُ يَتَفَطرنَ مِن فَوقِهِن } .

 سورة الشورة الآية 5 ، وفي الصحيح عنه (عليه الصلاة والسلام) إِن الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما عذبته " فلله تعالى الكبرياء والعظمة ، الوصفان اللذان لايُقدر قدرهما ولايُبلغ كنههما .
النوع الثاني من معاني عظمته تعالى أنه لايستحق أحد من الخلق أن يُعظم كما يُعظم الله ، فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم ، وألسنتهم ، وجوارحهم ، وذلك ببذل الجهد في معرفته ، ومحبته ، والذل له ، والإنكسار له ، والخضوع لكبريائه ، والخوف منه ، وإعمال اللسان بالثناء عليه ، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته ، ومن تعظيمه أن يتقى حق تقاته ، فيُطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا يُنسى ، ويُشكر فلا يكفر . ومن تعظيمه تعظيم ماحرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال { ذَلكَ وَمَن يُعَظم شَعَائرَ الله فإنهَا من تَقوى القُلوبِ } وقال تعالى { ذَلِكَ وَمَن يُعَظمِ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيرٌ لهُ عِندَ رَبهِ } . ومن تعظيمه أن لايُعترض على شيء مما خلقه أو شرعه .

 المَجِيدُ

(المجيد) الذي له المجد العظيم ، والمجد هو عظمة الصفات وسعتها ، فكل وصف من أوصافه عظيم شأنه : فهو العليم الكامل في علمه ، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء ، القدير الذي لايعجزه شيء ، الحليم الكامل في حلمه ، الحكيم الكامل في حكمته ، إلى بقية الأسماء وصفاته ، التي بلغت غاية المجد فليس  في شيء منها قصور أو نقصان ، قال الله تعالى {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد } .

 الكبير

وهو سبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، وأعظم من كل شيء ، وأجل وأعلى . وله التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه ، قال الله تعالى  ذلك بأنه إذا دعِىَ الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم  لله العلي الكبير

 السمِيعُ

قال الله تعالى { وكان اللهُ سَمِيعاً بصيراً } وكثيراً مايقرن الله بين صفة السمع والبصر فكل من السمع والبصر محيط بجميع متعلقاته الظاهرة ، والباطنة فالسميع الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات ، فكل مافي العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد ، لاتختلط عليه الأصوات ، ولاتخفى عليه جميع اللغات ، والقريب منها والبعيد والسر والعلانية عنده سواء {سَوَاءٌ مِنكُم من أَسَر القَولَ وَمَن جَهَرَ بهِ وَمَن هُوَ مُستَخف بالليل وَسَاربٌ بِالنهارِ } .سورة الرعد الآية 10 ـ  وقوله تعالى {قَد سَمعَ الله قَولَ التي تُجادِلُكَ في زَوجِها وتَشتَكىَ إلَى اللهِ والله يَسمَعُ تَحَاوُركمَآ إن اللهَ سَمِيعٌ بَصيرٌ} . سورة المجادلة الآية 1 ، قالت عائشة رضي الله عنها : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة تشتكي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وأنا جانب الحجرة ، وإنه ليخفى علي بعض كلامها ، فأنزل الله : { قَد سَمعَ الله قَولَ التي تُجَادِلُكَ في زَوجِهَا} 
وسمعه تعالى نوعان :
أحدهما سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية ، وإحاطته التامة بها .
الثاني سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ، ومنه قوله تعالى :{إِن رَبي لَسَمِيعُ الدعآءِ } .سورة إبراهيم الآية 39 وقول المصلي "سمع الله لمن حمده " أي استجاب .

 البَصِيرُ

الذي أحاط بصره بجميع المُبْصرَات في أقطار الأرض والسماوات ، حتى أخفى مايكون فيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، وجميع أعضائها الباطنة والظاهرة وسريان القوت في أعضائها الدقيقة ، ويرى سريان المياه في أغصان الأشجار وعروقها وجميع النباتات على إختلاف أنواعها وصغرها ودقتها ، ويرى نياط عروق النملة والنحلة والبعوضة وأصغر من ذلك ، فسبحان من تحيرت العقول في عظمته ، وسعة متعلقات صفاته ، وكمال عظمته ، ولطفه ، وخبرته بالغيب ، والشهادة ، والحاضر والغائب ، ويرى خيانات الأعين وتقلبات الأجفان وحركات الجنان ، قال تعالى { الذي يَرَاكَ حينَ تَقُومُ وَتَقَلبَكَ في الساجدِينَ إِنهُ هُوَ السميعُ العَلِيمُ } سورة الشعراء الآيات 218 ـ 220 وقال تعالى {يَعلَمُ خَآئِنَةَ الأعينِ وَمَا تُخفِي الصدُورُ } سورة غافر الآية19 وقال تعالى { والله عَلَى كُل شَيءٍ شَهيدٌ } . سورة البروج الآية 9 ، أي مطلع ومحيط علمه وبصره وسمعه بجميع الكائنات . 

 العَلِيمُ ، الخَبِيرُ 

 قال الله تعالى { وهو القاهرُ فوق عباده وهو الحكيم الخبير } سورة الأنعام الآية18 ، وقال تعالى { إن الله بكل شيء عليم } سورة الأنفال الآية 75 .
فهو العليم المحيط علمه بكل شيء بالواجبات ، والممتنعات ، والممكنات ، فيعلم تعالى نفسه الكريمة ، ونعوته المقدسة ، وأوصافه العظيمة ، وهي الواجبات التي لايمكن إلا وجودها ، لو وجدت . كما قال تعالى : { لَو كَانَ فيهمَآ ءَالهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتا } سورة الأنبياء الآية 22 ، وقال تعالى : { مَا اتخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِن إلَهٍ إذاً لذَهَبَ كُل إلهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعضُهُم عَلَى بَعض } سورة المؤمنون الآية 91 ، فهذا وشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها ، وإخباره بما ينشأ عنهما لو وُجدت على وجه الفرض والتقدير ، ويعلم تعالى الممكنات ، وهي التي يجوز وجودها وعدمها ماوجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة إيجاده ، فهو العليم الذي أحاط علمه بالعالم العلوي والسفلي لايخلو عن علمه مكان ولا زمان ويعلم الغيب والشهادة ، والظواهر والبواطن ، والجلي والخفي . قال الله تعالى :{ إن الله بِكُل شَيءٍ عَلِيمُ} سورة الأنفال الآية 75 ، والنصوص في ذكر إحاطة علم الله وتفصيل دقائق معلوماته كثيرة جداً لايمكن حصرها وإحصاؤها ، وأنه لايعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولافي السماء ولاأصغر من ذلك ولاأكبر ، وأنه لايغفل ولاينسى ، وأن علوم الخلائق  على سعتها وتنوعها إذا نسبت إلى علم الله اضمحلت وتلاشت ، كما أن قُدرَهم إذا نسبت إلى قدرة الله لم يكن لها نسبة إليها بوجهٍ من الوجوه ، فهو الذي علمهم مالم يكونوا يعلمون ، وأقدرهم على مالم يكونوا عليه قادرين ، وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي ، وما فيه من المخلوقات ذواتها ، وأوصافها ، وأفعالها ، وجميع أمورها ، فهو يعلم ماكان وما يكون في المستقبلات التي لانهاية لها ، ومالم يكن لو كان كيف كان يكون ، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد مايمُيتهم وبعد مايحييهم قد أحاط علمه بأعمالهم كلها خيرها وشرها وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار .
والخلاصة أن الله تعالى هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن ، والإسرار والإعلان ، وبالواجبات ، والمستحيلات ، والممكنات ، وبالعالم العلوي ، والسفلي ، وبالماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، فلايخفى عليه شيء من الأشياء .

 الحَمِيدُ

قال الله تعالى { يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } سورة فاطر الآية 15 .
ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن الله حميد من وجهين :
أن جميع المخلوقات ناظقة بحمده ، فكل حمد وقع من أهل السماوات والأرض الأولين منهم والآخرين ، وكل حمد يقع منهم في الدنيا والآخرة ، وكل حمد لم يقع منهم بل كان مفروضاً ومقدراً حيثما تسلسلت الأزمان واتصلت الأوقات ، حمداً يملأ الوجود كله العالم العلوي والسفلي ويملأ نظير الوجود من غير عد ولا إحصاءٍ ، فإن الله تعالى مستحقه من وجوه كثيرة : منها ان الله هو الذي خلقهم ، ورزقهم ، وأسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، وصرف عنهم النقم والمكاره ، فما بالعباد من نعمة فمن الله ، ولا يدفع الشرور إلا هو ، فيستحق منهم أن يحمدوه في جميع الأوقات ، وأن يثنوا عليه ويشكروه بعدد اللحظات .
الوجه الثاني : أنه يحمد على ماله من الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة ، فله كل صفة كمال وله من تلك الصفة أكملها وأعظمها ، فكل صفة من صفاته يستحق عليها أكمل الحمد والثناء ، فكيف بجميع الأوصاف المقدسة ن فله الحمد لذاته ، وله الحمد لأفعاله ، لأنها دائرة بين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليها كمال الحمد ، وله الحمد على خلقه ، وعلى شرعه ، وعلى أحكامه القدرية ، وأحكامه الشرعية ، وأحكام الجزاء في الأولى والآخرة ، وتفاصيل حمده ومايُحمد عليه لاتُحيطُ بها الأفكارُ ، ولاتُحصيها الأقلام .

                  العَزيزُ ، القديرُ ، القَادِرُ ، المُقْتدِرُ ، القَوي ، المَتِين                  

هذه الأسماء العظيمة معانيها متقاربة ، فهو تعالى كامل القوة ، عظيم القدرة ، شامل العزة {إن اْلعزةَ للهِ جَميعاً } سورة يونس الآية 65 ، وقال تعالى { إن ربك هو القوي العَزيز } فمعاني العزة الثلاثة كلها كاملة لله العظيم :
1ـ عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوي المتين ، وهي وصفه العظيم الذي لاتُنْسَب إليه قوة المخلوقات وإنْ عَظُمَتْ .  قال الله تعالى { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } سورة الذاريات الآية 58 ، وقال { والله قدير والله غفور رحيم } سورة الممتحنة الآية 7 ، وقال عز وجل { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم او يَلبسكم شيعاً ويذيق بعْضَكُم بأس بعض } . سورة الأنعام الآية 65 ، وقال تعالى { وكان الله على كل شيء مقتدراً } سورة الكهف الآية 45 ، وقال عز وجل { إن المتقين في جناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر } . سورة القمر الآية 55 .
2ـ وعزة الامتناع فإنه هو الغني بذاته ، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه ، ولا نفعه فينفعونه ، بل هو الضار النافع المعطي المانع .
3ـ وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته  فجميع نواصي المخلوقات بيده ، لايتحرك منها متحرك ولا يتصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه ، فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا به ، فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، وأنه خلق الخلق ثم يُميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون ـ قال تعالى {ما خلقُكُم وَلَا بَعثُكُم إلا كَنَفسٍ وَاحِدَةٍ } .سورة لقمان الآية 28 ، وقال تعالى { وَهُوَ الذي يَبدؤُاْ الخَلْقَ ثُم يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهوَنُ عَلَيهَ } سورة الروم الآية 27 ، ومن آثار قدرته أنك ترى الأرض هامدة ، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات ، وأنه لم يغن عنهم كيدهم ومكرهم ولا أموالهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك ن ومازادوهم غير تتبيب ، وخصوصاً في هذه الأوقات ، فإن هذه القوة الهائلة والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه ، فمن آيات الله أن قواهم وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ماأصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة ، مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك ، ولكن أمر الله غالب ، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي . 
ومن تمام عزته وقدرته وشمولها أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم ، وهي أيضاً أفعالهم ، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقية ، ولا منافاة بين الأمرين ، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم ، وخالق السبب التام خالق للمسبب ، قال تعالى : {وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ } . سورة الصافات الآية 96 .
ومن آثار قدرته ماذكره في كتابه من نصره أولياءه ، على قلة عددهم وعُددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العَدد والُعدة ، قال تعالى { كَم من فِئةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيرةً بإذنِ اللهِ} .سورة البقرة الآية249 ، ومن آثار قدرته ورحمته مايحدثه لأهل النار وأهل الجنة من أنواع العقاب وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لاينقطع ولا يتناهى . فبقدرته أوجد الموجودات ، وبقدرته دبرها ، وبقدرته سواها وأحكمها ، وبقدرته يحيي ويميت ، ويبعث العباد للجزاء ، ويجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على مايشاء الذي إذا أراد شيئاً قال له {كن فيكون} .سورة ياسين الآية 82 . قال الله تعالى { أين ماتكونوا يات بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير } . سورة البقرة الآية 148