البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

 الأول والأخر و...
 الغني و ...
 الرب و ..
 الوكيل و ...
 القابض والباسط و ..
 المولى و ....

 
 

المكتبـــة العـــامـــه

أسـماء الله الحســنى

 

 الغني 

قال الله تعالى {وأنه هو أغنى وأقنى } سورة النجم الآية 48 ، وقال الله تعالى { ياأيهَا الناسُ أَنتُمُ الفُقَرَآءُ إلَى اللهِ واللهُ هُوَ الغني الحَمِيدُ } .سورة فاطر الآية15 ، فهو تعالى (الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته التي لايتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ، ولايمكن أن يكون إلا غنياً فإن غناه من لوازم ذاته ، كما لايكون إلا محسناً ، جواداً ، براً ، رحيماً كريماً ، والمخلوقات بأسرها لاتستغني عنه في حال من أحوالها ، فهي مفتقرة إليه في إيجادها ، وفي بقائها ، وفي كل ماتحتاجه أو تضطر إليه ، ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والرحمة بيده ، وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات ، وأن يده سحاء الليل والنهار ، وخيره على الخلق مدرار .
ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه ، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم ، ويؤتيهم من فضله ماسألوه وما لم يسألوه ، ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه ، فأعطى كلاً منهم ماسأله وما بلغت أمانيه مانقص من ملكه مثقال ذرة ، ومن كمال غناه وسعة عطاياه مايبسطه على أهل دار كرامته من النعيم واللذات المتتابعات ، والخيرات المتواصلات ، مما لاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر . 
ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحبة ، ولاولداً ، ولا شريكاً في الملك ، ولا ولياً من الذل ، فهو الغني الذي كمل بنعوته وأوصافه ، المغني لجميع مخلوقاته .
والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه وهو المغني جميع خلقه ، غنىً عاماً ، والمغني لخواص  خلقه ، بما أفاض على قلوبهم ، من المعارف الربانية ، والحقائق الإيمانية .

الحَلِيمُ

قال الله تعالى :{ واعلموا أن الله يعلم مافي أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم } . سورة البقرة الآية 235  .
الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة والباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ، فيحلم عن مقابلة العاصصين بعصيانهم . 
ويستعتبهم كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا ، وهو الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق ، والعصيان حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم ، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم كما قال تعالى { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ماترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً } .سورة فاطر الآية 45 . وقال تعالى { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ماترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون } .

 العَفُو ، الغَفُورُ ، الغَفارُ 

قال الله تعالى { إن الله لعفو غفور } .
الذي لم يزل ، ولايزال بالعفو معروفاً ، وبالغفران والصفح عن عباده ، موصوفاً .
كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه ، وقد وعد بالمغفرة ، لمن أتى باسبابها ، قال تعالى { وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى } . سورة طه الآية 82 .
والعفو هو الذي له العفو الشامل الذي وسع مايصدر من عباده من الذنوب ، ولا سيما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم من الإستغفار ، والتوبة ، والإيمان ، والأعمال الصالحة فهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، وهو عفو يحب العفو ويحب من عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه : من السعي في مرضاته ، والإحسان إلى خلقه ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميع جرمه صغيره وكبيره ، وأنه جعل الإسلام يجب ماقبله ، والتوبة تجب ماقبلها قال تعالى { قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } .سورة الزمر الآية 53 .وفي الحديث (إن الله يقول ) : "ياابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة " وقال تعالى : { إن ربك واسع المغفرة } .سورة النجم الآية 32  ، وقد فتح الله عز وجل الأسباب لنيل مغفرته بالتوبة ، والإستغفار ، والإيمان ، والعمل الصالح ، والإحسان إلى عباد الله ، والعفو عنهم ، وقوة الطمع في فضل الله ، وحسن الظن بالله وغير ذلك مما جعله الله مقرباً لمغفرته .

 التوابُ

 قال الله تعالى { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم } . سورة التوبة الآية 104 .
(التوابُ) الذي لم يزل يتوب على التائبين ، ويغفر  ذنوب المنيبين ، فكل من تاب إلى الله توبة نصوحاً ، تاب الله عليه .
فهو التائب على التائبين : أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه . وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولاً لهها ، وعفواً عن خطاياهم . 
وعلى هذا تكون توبته على عبده نوعان : 
أحدهما : يوقع في قلب عبده التوبة إليه والإنابة إليه، فيقوم بالتوبة وشروطها من الإقلاع عن المعاصي ، والندم على فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها . واستبدالها بعمل صالح .
والثاني : توبته على عبده بقبولها وإجابتها ومحو الذنوب بها ، فإن التوبة النصوح تجب ماقبلها .

 الرقِيبُ 

المطلع على ماأكنته الصدور ، القائم على كل نفس بما كسبت .
قال الله تعالى : { إن الله كان عليكم رقيباً } سورة النساء الآية 1 
والرقيب هو سبحانه الذي حفظ المخلوقات وأجراها  على أحسن نظام وأكمل تدبير .

 { وَرَحمْتِى وَسِعَتْ كُل شَىْءٍٍ } . سورة الأعراف الآية 156 .
  وقال تعالى :  { وَمَا بِكُم مِن نعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ } . سورة النحل الآية 53 .
وهذا يشترك فيه البر والفاجر وأهل السماء وأهل الأرض والكلفون وغيرهم .
2ـ والخاص رحمته ونعمه على المتقين حين قال : { فَسَأَكتُبُهَا للذينَ يَتقُون وَيُؤتُونَ الزكواةَ والذينَ هُم بِئَاياتنَا يُؤمنونَ الذِينَ يَتبِعُونَ الرسُولَ النبيَ الأُمِي } سورة الأعراف الآية 157 .
وقال { إِن رَحمْتَ اللهِ قرِيبٌ مِنَ المحُسِنِينَ } .سورة الأعراف الآية 56 .
وفي دعاء سليمان : { وَأَدْخِلْني بِرَحمتِكَ في عِبَادِكَ الصالحِينَ } . سورة النمل الآية 19 .
هذه الرحمة الخاصة التي يطلبها الأنبياء وأتباعهم ، تقتضي التوفيق للإيمان ، والعلم ، والعمل ، وصلاح الأحوال كلها ، والسعادة الأبدية ، والفلاح والنجاح ، وهي المقصود الأعظم لخواص الخلق .
وهو سبحانه المتصف بالجود : وهو كثرة الفضل والإحسان ، وجوده تعالى أيضاً نوعان :
1ـ جودٌ مطلق عم جميع الكائنات ولأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة .
2ـ وجودٌ خاص بالسائلين بلسان المقال  أو لسان الحال من بر وفاجر ومسلم وكافر ، فمن سأل الله أعطاه سؤله وأناله ماطلب فإنه البر الرحيم { وَمَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُم إِذَا مَسكُمُ الضر فَإلَيهِ تَجئَرونَ } . سورة النحل الآية 53 . ومن جوده الواسع ماأعده لأوليائه في دار النعيم مما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

 الرحْمَنُ ، الرحيمُ ، الكَرِيمُ ، الأكْرَمُ ، الرءوُفُ 

قال الله تعالى : { الحمدُ للهِ رب العالمين الرحمين الرحيم } سورة الفاتحة الآية 1ـ2 .
وقال تعالى : { وَمَن شَكَرَ فَإنمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِن رَبي غَنيٌ كَرِيمٌ } سورة النمل الآية 40.
وقال سبحانه : { ويحُذِرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } . سورة الأعراف الآية 156 .
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رَحِمه الله تعالى : الرحمن ، الرحيم ، والبرُ ، الكريمُ ، الجوادُ ، الرءوف ، الوهابُ ـ هذه الأسماء تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب بالرحمة ، والبر ، والجود والكرم ، وعلى سعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ماتقتضيه حكمته . وخص المؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر، والحظ الأكمل ، قال تعالى : { وَرَحمْتِى وَسِعَتْ كُل شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلذينَ يَتقُونَ } . سورة الأعراف الآية 156 . والنعم الإحسان ، كله من آثار رحمته  وجوده وكرمه . وخيرات الدنيا والآخرة ، كلها من آثار رحمته . وقال ابن تيمية رحمه الله في تفسير قوله تعالى : { اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم } . سمى ووصف نفسه بالكرم ، وبأنه الأكرم بعد إخباره أنه خلق ليبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهم إلى الغايات المحمودة كما قال تعالى: { الذي خلق فسوى والذي فقدر فهدى }
                 { ربنا الذي أعطى كل شىءٍ خلْقه ثم هدى } .
                 { الذي خلقني فهو يهدين } 
فالخلق يتضمن الإبتداء والكرم تضمن الإنتهاء . كما قال في سورة الفاتحة :{رب العالمين} ثم قال {الرحمن الرحيم} ولفظ جامع الكرم للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاء بل العطاء من تمام معناه ، فإن الإحسان إلى الغير تمام والمحاسن والكرم كثرة الخير ويسرته .. والله سبحانه أخبر أنه الأكرم بصيغة التفضيل والتعريف لها . فدل على أنه الأكرم وحده بخلاف مالو قال (وربك أكرم) فإنه لايدل على الحصر  . وقوله { الأكرم } يدل على الحصر ولم يقل "الأكرم من كذا " بل أطلق الاسم ، ليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مقيد فدل على أنه متصف بغاية الكرم الذي لاشىء فوقه ولا نقص فيه .

 الفتاح

قال الله تعالى : { قُلْ يجَمَعُ بَيْنَنَا رَبنا ثُم يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالحَق وَهُوَ الفَتاحُ العَلِيمُ } سورة سبأ الآية 26 .
الفاتح : الحاكم والفتاح من أبنية المبالغة . فالفتاح هو الحكم المحسن بالجواد ، وفَتْحهُ تعالى قسمان :
1ـ أحدهما : فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي . 
2ـ والثاني : الفتاح بحكمه القدري . ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على ألسنة رسله جميع مايحتاجه المكلفون ، ويستقيمون به على الصراط المستقيم . وأما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء وأتباعهم ونجاتهم ، وبإهانة أعدائهم وعقوباتهم . وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بين الخلائق حين يوفى كل عامل ماعمله . وأما فتحه القدري فهو مايقدره على عباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع ، قال تعالى { مَايَفْتَحِ اللهُ لِلناسِ مِن رحَمَةٍ فَلا ممُسِكَ لهَا وَمَا يمُسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ، وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } سورة فاطر الآية 2 . 
فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه ، ويفتح على اعدائه ضد ذلك ، وذلك بفضله وعدله .

 الرزاقُ ، الرازِقُ 

وهو مبالغة من : رزاق للدلالة على الكثرة ، والرزاق من أسمائه سبحانه .
قال تعالى : { إن اللهَ هُوَ الرزاقُ } سورة الذاريات الآية 58 .
             { وَمَا مِن دآبةٍ في الأرضِ إلا عِلَى اللهِ رِزقُهَا } سورة هود الآية 6 . 
وقال (صلى الله عليه وسلم) "إن الله هو المسعرُ القابضُ الباسِطُ ، الرازِقُ" ورزقه لعباده نوعان:عام وخاص . 
1ـ فالعام إيصاله لجميع الخليقة جميع ماتحتاجه في معاشها وقيامها ، فسهل لها الأرزاق ، ودبرها في أجسامها ، وساقَ إلى كل عضو صغير وكبير مايحتاجه من القوت ، وهذا عام للبر والفاجر والمسلم والكافر ، بل للآدميين والجن والملائكة والحيوانات كلها . وعام أيضاً من وجه آخر في حق المكلفين ، فإنه قد يكون من الحلال الذي لاتبعة على العبد فيه ، وقد يكون من الحرام ويسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار ، ويقال "رزقه الله " سواء ارتزق من حلال أو حرام وهو مطلق الرزق .
2ـ وأما الرزق المطلق فهو النوع الثاني ، وهو الرزق الخاص ، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة ، وهو الذي على يد الرسول (صلى الله عليه وسلم ) وهو نوعان :
أ ـ رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك ، فإن القلوب مفتقرة غاية الإفتقار إلى أن تكون عالمة بالحق مريدة له متألهة لله متعبدة ، وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها .
ب ـ ورزق البدن بالرزق الحلال الذي لاتبعة فيه ، فإن الرزق الذي خص به المؤمنين والذي يسألونه منه شامل للأمرين ، فينبغي للعبد إذا دعا ربه في حصول الرزق ان يستحضر بقلبه هذين الأمرين ، "اللهم ارزقني" أي مايصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالح وخلق حسن ، ومابه يصلح بدني من الرزق الحلال الهني الذي لاصعوبة فيه ولاتبعة تعتريه .

 الحَي القَيومُ 

قال الله تعالى : { الله لآ إِلَهَ إِلا هُوَ الحَي القَيوم} . سورة البقرة الآية 254 .
وقال سبحانه : { الّم * اللهُ لآ إِلَهَ إِلا هُوَ الحَىَ القَيومُ } سورة آل عمران الآية 2 .
وقال عز وجل:{ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلحي القَيومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حمَلَ ظُلْماً } . سورة طه الآية 111 .
وهما من أسماء الله الحسنى .
و(الحي القيوم ) جمعهما في غاية المناسبة كما جمعهما الله في عدة مواضع في كتابه ، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال ، فالحي هو كامل الحياة ، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم ، والعزة ، والقدرة والإرادة ، والعظمة ، والكبرياء ، وغيرها من صفات الذات المقدسة ،  والقيوم هو كامل القيومية وله معنيان . 
1ـ هو الذي قام بنفسه ، وعظمت صفاته ، واستغنى عن جميع مخلوقاته . 
2ـ وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات ، فهو الذي أوجدها وأمدها وأعدها لكل مافيه بقاؤها وصلاحها وقيامها ، فهو الغني عنها من كل وجه وهي التي افتقرت إليه من كل وجه ، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعالُ لما يريد .

 نورُ السمواتِ والأرض 

قال تعالى { اللهُ نُورُ السمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ في زُجَاجَةٍ الزجاجَةُ كَأَنهَا كَوْكَبٌ دُري يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مبَارَكَةٍ زَيتُونةٍ لاشَرْقيةٍ وَلا غَرْبيةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىّءُ وَلَوْ لمَْ تمَسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يشآءُ } . سورة النور أية 35.
وقال(صلى الله عليه وسلم ) اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن .. " 
وقال (صلى الله عليه وسلم ) " إن الله عز وجل لاينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفَعُهُ يُرفَعُ إليه عمل الليل  قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابُهُ النورُ لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ماانتهى إليه بصرُهُ من خلقه " .
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله : من أسمائه جل جلاله ومن أوصافه (النور ) الذي هو وصفه العظيم ، فإنه ذو الجلال والإكرام وذو البهاء والسبحات الذي لو كشف الحجاب عن وجهه الكريم لأحرقت سبحاته مانتهى إليه بصره من خلقه ، وهو الذي استنارت به العوالم كلها ، فبنور وجهه أشرقت الظلمات ، واستنار به العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الأكوان .
والنور نوعان : 
1ـ حسي كهذه العوالم التي لم يحصل لها نور إلا من نوره . 
2ـ ونور معنوي يحصل في القلوب والأرواح بما جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم ) من كتاب الله وسنة نبيه . فعلم الكتاب والسُنة والعمل بهما ينير القلوب والأسماع والأبصار ، ويكون نوراً للعبد في الدنيا والآخرة {يَهْدِى اللهُ لِنُورِهِ ، مَن يَشَآءُ } . سورة النور آية 35 . لما ذكر أنه نور السماوات والأرض وسمى الله كتابه نوراً ورسوله نوراً ووحيه نوراً .... 
ثم إن ابن القيم رحمه الله حذر من اغترار من اغتر من أهل التصوف ، الذين لم يفرقوا بين نور الصفات وبين أنوار الإيمان والمعارف ، فإنهم لما تألهوا وتعبدوا من غير فرقان وعلم كامل ، ولاحت أنوار التعبد في قلوبهم ، لأن العبادات لها أنوار في القلوب ، فظنوا هذا النور هو نور الذات المقدسة ، فحصل منهم من الشطح والكلام القبيح ماهو أثر الجهل والإغترار والضلال . وأما أهل العلم والإيمان والفرقان فإنهم يفرقون بين نور الذات والصفات ، وبين النور المخلوق الحسي منه والمعنوي ، فيعترفون ان نور أوصاف الباري ملازم لذاته لايفارقها ولا يحل بمخلوق ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً . وأما النور المخلوق فهو الذي تتصف به المخلوقات بحسب الأسباب والمعاني القائمة بها . والمؤمن إذا كمل إيمانه أنار الله قلبه ، فانكشف له حقائق الأشياء ، وحصل له فرقان يفرق بين الحق والباطل ، وصار هذا النور هو مادة حياة العبد وقوته على الخير علماً وعملاً ، وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم واليقين ، والشهوات الناشئة عن الغفلة والظلمة ، وكان قلبه نوراً وكلامه نوراً وعمله نوراً ، والنور محيط به من جهاته . والكافر ، أو المنافق ، أو المعارض ، أو المعرض الغافل كل هؤلاء يتخبطون في الظلمات ، كل له من الظلمة بحسب ما معه من موادها وأسبابها والله الموفق وحده .