البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

 

المكتبـــة العـــامـــه

العولمــة في المنظــور الأسلامـي

المقد مه

تفاصيل مخططــات العولمة ونتائجها 

العالمية والعولمة 

معارضة العولمة 

جذور العولـمة

المنظـور الإسلامي تجاه العو لمه

قـيادة الـعولمة 

ماذا يمـكن أن تـفعل العولمـة بـالمسـلمين ؟

نحو وحدة الأمه

 

لن تمر العولمة في ترتيباتها الاقتصادية وسيطرتها الثقافية على أرض موطدة وإنما ستصطدم بفطرة تكوين المجتمع الانساني من لغات متعددة وأديان متباينة وثقافات متنوعة . وفي هذا الاختلاف قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَايَزَالُونَ مُخْتَلِفِنَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } ، وقال عز وجل في آيةٍ أخرى { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ ألْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ  }

واستقراء التاريخ الانساني يدل دلالة قاطعة على أن محاولة إخضاع البشرية لطريق واحد وحضارة واحدة ، مستحيلة في حدّ ذاتها ، لأن تلك المحاولة ستفجر المجتمعات الإنسانية من الداخل ، ويبدأ الصراع ثم الحروب في ظل القانون الإلهي : { وَتِلْكَ الأَيَامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }

وعلى الرغم من أن العولمة ظهرت منذ عهد قريب ، إلا أن طلائع المعارضة لها بدأت تظهر في أنحاء العالم وإن لم تكن اليوم قوية كاسحة ، لأن القضية بعد في بدايتها .

إن ظغيان الإعلام والثقافة الأمريكيتين في القنوات الفضائية دفع وزير العدل الفرنسي جاك كوبون أن يقول : " إن الانترنيت بالوضع الحالي شكل جديد من أشكال الاستعمار . وإذا لم نتحرك فاسلوب حياتنا في خطر " وهناك إجماع فرنسي على اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لحماية اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية من التأثير الأمريكي .

بل إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عارض قيام مطعم ماكدونالد ، والذي يقدم الوجبات الأمريكية ، مسوغاً ذلك أن يبقى برج أيفل منفرداً بنمط العيش الفرنسي .

وشن وزير الثقافة الفرنسي هجوماً قوياً على أمريكا في اجتماع اليونسكو بالمكسيك وقال :" إني استغرب أن تكون الدول التي علمت الشعوب قدراً كبيراً من الحرية ، ودعت إلى الثورة على الطغيان ، هي التي تحاول أن تفرض ثقافة شمولية وحيدة على العالم أجمع . ثم قال : إن هذا شكل من أشكال الإمبريالية المالية والفكرية ، لايحتل الأراضي ، ولكن يصادر الضمائر ومناهج التفكير واختلاف أنماط العيش .

وتبعاً لهذه السياسة فقد قررت فرنسا أن تكون نسبة الأفلام الفرنسية المعروضة باللغة الفرنسية من التلفزيون 60% .

وفي المقاطعات الكندية بلغت الهيمنة الأمريكية في مجال تدفق البرامج الإعلامية والتلفاز إلى حد دعا جمعاً من الخبراء إلى التنبيه إلى أن الأطفال الكنديين ، أصبحوا لايدركون أنهم كنديون لكثرة مايشاهدون من برامج أمريكية .

كما أن النرويج عارضت اتفاقية "ماستريخت " لأنها ترفض الاندماج بالهوية الأوربية ، وتحفظت سنغافورة على شبكة الانترنيت خشية من القيم الكونفوشيوسية .

ويقول "جون غراي " في كتابه "الفجر الكاذب ـ أوهام الرأسمالية العالمية " : إن الظروف الحالية في العالم تنذر بكارثة محققة ، لأن فرض السوق الحرة الأنجلوسكسونية على العالم يمكن أن يؤدي إلى انهار شبيه بانهيار الشيوعية العالمية ، وإن الاتجاه حول فرض الأسواق الحرة سيفجر الحروب ويعمق الصراعات العرقية ويفقر الملايين . وقد تحول بالفعل الملايين من الفلاحين الصينيين إلى لاجئين . كما سيؤدي إلى استبعاد عشرات الملايين من العمل والمشاركة في المجتمع حتى في الدول المتقدمة . وقد تفاقمت الأوضاع في بعض الدول الشيوعية السابقة لتصل إلى الفوضى العامة وشيوع الجريمة المنظمة ، كما أدت إلى تزايد تدمير البيئة " .

وكتاب "فخ العولمة " المار ذكره سابقاً صرخة ألمانية ضد العولمة .

وفي سياتل حيث عقد المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية ، ثار المؤتمرون ضد انفراد أمريكا بزعامة العالم ، حيث أصرت الدول النامية ودول الاتحاد الأوربي واليابان وكوريا الجنوبية على رفض الخضوع لقاعدة الرضا الأمريكي باعتبارها القاعدة الحاكمة لصور القرارات في نطاق منظمة التجارة العالمية .

والمظاهرات التي جرت في أثناء المؤتمر والتي هزت العالم ، كان بين شعاراتها :

ـ العالم لن يتحول إلىسلعة يتداولها الأقوياء .

ـ الناس والشعوب قبل الأرباح .

ـ لانريد تجارة حرة بل نريد تجارة عادلة .

ـ وهنالك الكثير من المفكرين المختصين في مجالات الاقتصاد وغيرها يعارضون بشدة طغيان العولمة ، وقد لخصت الباحثة ( ثناء عبد الله ) وجوه هذه المعارضة بالنقاط الآتية :

1ـ اعتبار ماتملكه منظمة التجارة العالمية من سلطة تفوق سلطة الدولة متناقضاً مع متطلبات السيادة الوطنية . وهو مايؤثر في قدرة الدول على سن التشريعات والقوانين والقواعد التي تلائم خططها وتوجيهاتها .

2ـ اتهام الشركات المتعددة الجنسيات باستغلال العمالة في الدول النامية عن طريق تشغيلهم بأجور زهيدة .

3ـ معارضة فتح الأسواق الأمريكية لما يمكن أن يترتب عليها من دخول سلع دون المواصفات البيئية والصحية السليمة .

4ـ معارضة تشغيل الأطفال .

5ـ اتهمت الجماعات الداعية للحفاظ على البيئة منظمة التجارة العالمية بأنها ستدمر البيئة .

وهنالك حقيقة لابد من ذكرها وهي أن الرأسمالية التي تعتمد عليه العولمة ليست منهجاً واحداً في كل بلد ، فالرأسمالية الأمريكية والبريطانية لاترى أي دور للدولة ، بينما الرأسمالية واليابانية والآسيوية تلعب السياسة الصناعية وتوجهات الدولة دوراً كبيراً فيها ، أما الرأسمالية الفرنسية فتخطيط الدولة يضع مؤشرات للقطاع الخاص ، بل تدخل بنفسها منتجاً . أما رأسمالية الدول الاشتراكية السابقة ، فما زالت في طور التحول . وأما الاشتراكية الديمقراطية فقد تجمع قواها وتأتي بأفكار جديدة لمحاربة الرأسمالية أولتقليل شرورها أومساؤها .

ولاشك أن السبب في ذلك أن هذه الدكتاتورية الدولية تتناقض ومصالح الأغلبية العظمة من دول العالم ، بما في ذلك الدول الكبيرة والمتوسطة ، مما يفرض صياغة الإجراءات المضادة للخروج من هذه الدكتاتورية .

ومجمل القول فإن مقاومة العولمة بالصيغة الأمريكية الرأسمالية الصهيونية ستقاومها البشرية شيئاً فشيئاً في ضوء قانون السيرورة الكونية قانون التحدي والاستجابة . فروسيا ولغتها ودينها وعنجهيتها القيصيرية وذكرياتها السوفيتية وقدراتها التدميرية ، والصين وأعماقها الكونفوشيوسية ، والهند وخلفياتها البوذية ، واليابان ومصالحا الاقتصادية الهائلة وذكرياتها معرهيروشيما وناكازاكي وألمانيا وفلسفتها العرقية التي مازالت كامنة في اللاشعور ، ستحول دون وصول العولمة إلى أهدافها النهائية .

وهكذا شعوب العالم التي تنتمي إلى تواريخ وحضارات لايمكن أن تتحول إلى أموات بين يدي غاسل العولمة الأمريكية الصهيونية .

فإذا كان هذا وضع العالم وشعوبه ، فيا ترى ، كيف وضعنا نحن في العالم الإسلامي مع العولمة
هذا مانجيب عنه في الفصل القادم بإذن الله سبحانه وتعالى 

 
 

يتبع لطفا"