البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الأدلـــة المــادية على وجود الله سبحانه وتعالى

لفضيلـة الشيخ المرحـوم محمد متولـي الشعراوي طيب الله ثراه


:يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيزوفى أنفسكم أفلا تبصرون

هذه الآية يمر عليها كثير من الناس دون أن ينتبهوا إلى الفيوضات والمعانى التى تحتويها .. بل إنك إذا سألت إنساناً غير مؤمن ماذا يعرف عن هذه الآية الكريمة يقول لك : لاشئ فى نفسى فأنا إنسان أولد وأكبر وأتزوج وأعمل وتنتهى حياتى وأموت .ز فماذا فى نفسى ؟ .. نقول له : لو أنك تدربت لعلمت أن فى نفسك آيات وآيات .. سنذكر غى هذا الفصل بعض هذه الآيات ، لأن آيات الله فى .الإنسان كثيرة ومتعددة

:أول شئ هو قول الحق سبحانه وتعالى

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ 172

الآية 172 من سورة الأعراف

إذا قرأت هذه الآية يقول لك غير المؤمن : لم نشهد شيئاً ولم نر شيئاً ولم نحس شيئاً .. ونقول  بل شهدت .. وأنت شهيد على نفسك فى ذلك .. كيف ؟ .. الله سبحانه وتعالى عرفنا أنه موجود  وعرفنا بشهادة ربوبية وليس بشهادة ألوهية .. ومعنى ذلك أن المؤمن والكافر يعلم فى نفسه وجود الله  ولكن الكافر يحاول أن يستر هذا الوجود ليحقق شهواته وما يريد ولو على حساب حقوق الأخرين  ولننظر إلى ما أحل الله وما حرم الله .. ثم لننظر إلى النفس البشرية على عمومها لنرى ماذا تفعل  ولنعرف يقينا أن هذه النفس تعرف ما أحل الله وتستريح له وتنسجم معه .. وتعرف ما حرم الله فيصيبها انزعاج واضطراب وذعر وهي ترتكبه .. وأول هذه الأشياء هو العلاقة .بين الرجل والمرأة

إذا جاءك رجل وقال : أريد أن أختلى فى حجرة ابنتك .. ماذا تفعل به ؟ .. قد تقتله .. وإن لم تقتله فقد تضربه .. ويعينك على ذلك كل .الناس .. وسيجد فعله هذا استنكاراً عاماً من المؤمن وغير المؤمن

فإذا جاءك هذا الرجل وقال : أريد أن أتزوج ابنتك فإنك تستقبله بالترحاب وتدعو الناس للترحيب به .. وتعلن النبأ على الجميع.. وتعقد .القران ، وبعد عقد القران تتركه هو وابنتك فى الحجرة  وتوافق على الخلوة بينهما

ما الفرق بين الحالتين ؟ بعض الناس يقول إنها وثيقة الزواج التى تحرر .. فهل الفرق هو الورقة فعلا ؟ .. لا .. الفرق هو الحلال والحرام .. ما أحله الله وما حرمه .. ما أحله الله ينسجم مع النفس البشرية ويقبله كل الناس .. وما حرمه الله تستنكره كل نفس بشرية .وتنفعل ضده

كيف يحدث هذا ؟ .. لأنك عرفت يقينا منهج الحق والباطل .. وممن عرفته ؟ .. من الذى وضعه .. ليس هذا فقط .. بل انظر إلى إنسان فى شقة مع زوجته .. مطمئن تماماً يدخل أمام الناس إلى بيته .. وإذا طرق الباب قام وفتح للطارق .. وإذا جاء صديق استقبله باطمئنان.. وإذا خرج إلى الشارع أخذ زوجته معه أمام الناس جميعاً .. انظر ‘لى نفس الشخص مع زوجة غيره .. يغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يراه أحد .. وإذا طرق الباب انزعج ولا يفتح .. وإذا جاءه صديق أصيب بالذعر .. وإذا خرج إلى الشارع مشى بعيداً .عنها

:ما الفارق بين الحالتين ؟ .. الفارق هو الحلال والحرام اللذان تعرفهما كل نفس ، حتى تلك التى لم تقرأ شيئاً عن الدين .. لأن الله قال

وأشهدتهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى

فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى أوجه الحياة .. لص يريد أن يسرق .. يتأكد أولا من أن الطريق خال .. ولا يجرؤ أن يفعل ذلك إلا فى الظلام أو بعيداً عن الناس .. وبمجرد أن يأخذ ما يريد أن يسرقه ينطلق بسرعة وهو يتلفت يميناً ويساراً خوفاً من أن يراه أحد .. ثم يبحث عن مكان يخفى فيه المسروقات  انفعالات رهيبة فى داخله تؤكد أنه يعرف أن ما يفعله إثم وخطيئة .. لكن الإنسان عندما يريد أن يدخل بيته ليأخذ شيئاً دخل أمام الناس جميعاً ومشى باطمئنان .. وحمل الشئ الذى يريده وهو لا يخشى أن يراه أحد .. ذلك أنه يحس فى داخله بأنه يفعل شيئاً لا يحرمه الله .. الذى يأخذ رشوة مثلا  يتلفت يميناً ويساراً ويسارع بإخفائها .. والذى يقبض مرتبه يفعل ذلك .أمام الدنيا كلها

أعلى

الانسان .. وقوانين السماء

وهكذا كل مقاييس الخير والشر .. مقاييس الخير تنسجم معها النفس البشرية ، وتحس بطبيعتها وراحتها .. ومقاييس الشر تضطرب معها النفس البشرية وتحس بالفزع والذعر وهى ترتكبها .. من الذى وضع فى النفس هذا .. أنها تعرف يقينا هذه المقاييس التى وضعها :الله لمنهجه فى كونه .. ومن الذى أعلم هذه النفس أن هناك مقاييس .. وإن هناك إلهاً .. إلا أن تكون الآية الكريمةمن الآية 172 من سورة الأعراف

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ 172

هى التفسير الوحيد لماقييس الخير ومقاييس الشر التى وضعت فينا بالفطرة .. وبما أن هذا عطاء ربوبية ، فإن الله سبحانه وتعالى رب .الناس كل الناس .. من آمن به ومن لم يؤمن .. لذلك وجدت فى البشر كلهم

نأتى بعد ذلك إلى نقطة ثانية .. الله سبحانه وتعالى غيب .. وغير المؤمن يقول أنا لا أؤمن إلا بما أرى .. أما ما هو غيب عنى فلا أؤمن به لأننى لم أشهده .. وإلايمان غير الرؤية .. فأنت إذا رأيتنى أمامك لا تقول أنا أؤمن أنا أراك .. لأن الرؤية عين يقين ليس بعدها دلالة.. ولا تقول أنا أؤمن أننى أجلس مع أصدقائى ولا تقول إنى أؤمن أنى أرى الشمس مثلا ذلك هو عين اليقين .. وهناك علم يقين ، وعين يقين ، وحق يقين .. فعلم اليقين هو الذى يأتيك من إنسان تثق فيه وفى أنه صادق فى كلامه  فإذا قال لك إنسان مشهود له بالصدق أنا رأيت فلاناً يفعل كذا .. فأنت تصدق بوثوقك بمن قال  فإذا رأيت الشئ أمامك يكون ذلك عين اليقين . فالذى يقول لك مثلا إن هناك مخلوقاً نادراً فى بلدة كذا فأنت تصدقه ، لأنك تثق فيه .. فإذا جاء معه بهذا المخلوق وأظهره أمامك أصبح علم اليقين عين .يقين.. فإذا لمسته بيدك وتحسسته وتأكدت من أوصافه يكون هذا حق اليقين

:ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى حين يخاطب غير المؤمن عن جهنم يقول

 كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ 5 لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ 6 ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ 7

الآيات من 5 - 7 من سورة التكاثر

:أى أن كلا منا سيرى جهنم بعينيه فى الأخرة .. ثم يقول سبحانه وتعالى

وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ 92 فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ 93 وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ 94 إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ 95

الآيات من 92 - 95 من سورة الواقعة

.أى أن الكفار حين يدخلون النار ويعذبون فيها سيكون ذلك حق يقين .. أى واقعاً يعيشونه وليست مجرد رؤية

..هذه هى الرؤية .. أما الإيمان فهو تصديق بغيب .. فأنت تقول : أنا أؤمن أن ذلك حدث كما أراك أمامى .. أى أنك لم تشهد ما حدث

.ولكنك وصلت بالدليل والاقتناع إلى أنه قد حدث .. وأصبح فى نفسك كيقين الرؤية تماماً

أعلى

أين الروح فى جسدك

:غير المؤمن يقول إن الله غيب وأنا لا أصدق إلا ما أرى .. نقول : قبل أن تعلن هذا الكلام تذكر الآية الكريمة

وفى أنفسكم أفلا تبصرون

.وأنت فى جسدك الروح هى التى تهبك الحياة والحركة .. فإذا خرجت الروح من جسدك سكنت الحركة وانتهت الحياة

إذن كل منا يعرف يقينا أن هناك شيئاً اسمه الروح .. إذا دخل الجسد أعطاه الحياة .. وإذا خرج منه توقفت الحياة .. من منا رأى الروح؟ .. بل من منا يعرف أين موقعها من الجسد ؟ .. أهى فى القلب الذى ينبض ؟  أو فى العقل الذى يفكر ؟ .. أو فى القدم التى ..تتحرك ؟ .. أو فى العين التى ترى ؟ .. أو فى الأذن التى تسمع ؟ .. أين مكانها بالضبط ؟ .. وما هى الروح ؟

أكبر علماء الدنيا لا يعرف عنها شيئاً .. حتى ذلك العالم السويسرى الذى جاء بالناس وهم يحتضرون ووضعهم على ميزان دقيق .. وعندما أسلموا الروح وجد أن الجسد قد فقد من وزنه بضعة جرامات لحظة خروج الروح .. فأعلن أن الروح لها وزن .. أو أن لها كياناً مادياً وإن كان لا يزيد على جرامات .. نقول إن هذا غير صحيح .. لأن هذه الجرامات قد تكون هى وزن الهواء الذى خرج من .الرئتين ، ولم يدخل غيره .. أو تكون بسبب توقف سريان الدم بالجسم

إذن الروح - وهى موجودة فى جسدك - غيب عنك .. فأنت لا تعرف ما هى ؟ .. ولا أين هى ؟ وأنت لا تعرف كيفية سريانها فى الجسم .. وإلا قل لنا إذا أصيب إنسان فى حادث وبترت ساقاه .. أين ذهبت الروح التى كانت فى الساقين تعطيهما الحياة والحركة ؟ ولكن تستدل على وجود الروح مع أنها غيب عنك بآثارها فى أنها تعطى الحياة والحركة لجسدك.. ولكن هل وجود الروح فى المخلوق الحى وجود يقينى  يقول أكبر علماء الدنيا الماديين : نعم .. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الجسد الحى فيه الروح ، وأن الجسد الميت .قد خرجت منه الروح

إذن فوجود الروح علم يقين مستدل عليه بآثارها .. فهل إذا كان وجود الروح فى جسدك يؤكد لك يقينا أنها موجودة مستدلا على ذلك بالحركة والحياة التى تعطيها فى الجسد .. ألا يدل هذا الكون كله بما فيه من إعجاز الخلق على وجود الله يقينا.. ألا تنظر إلى جسدك والروح فيه ثم تنظر إلى الكون لتستخدم نفس القانون .. أم أنك فى جسدك لا تستطيع أن تجادل .. وفى الكون بعظمته تجادل ؟ ..أليس :هذا كذباً على النفس واحتقاراً لمهمة العقل .. ألا نتدبر فى معنى الآية الكريمة

وفى أنفسكم أفلا تبصرون

أعلى

الانسان وقدراته

..ثم نأتى بعد ذلك إلى النقطة الثالثة .. غير المؤمن يقول أنا سيد نفسى . أنا حاكم نفسى أفعل بها ما أشاء .. نقول : هذا افتراء على الله

.فجسدك هو ملك لله .. وهو يفعل فيه ما يشاء إلا ما شاء الله أن يجعلك فيه مختاراً .. وإذا لم تصدق ذلك فانظر إلى جسدك

القلب ينبض .. فهل أنت الذى تجعله ينبض ؟ .. وهل تستطيع أن توقفه قليلا ليستريح ؟ .. أو تجعله إذا توقف أن يعود إلى الحركة مرة أخرى ؟ .. وكيف يمكن أن يتبع القلب لإرادتك ، وهو ينبض ، وأنت نائم مسلوب الإرادة .. ومن الذى يعطى الأمر للقلب لكى يقلل نبضاته وأنت نائم ، لأنك متوقف عن الحركة .. ويجعله يسرع فى النبض وأنت تقوم بأى مجهود محتاج إلى سرعة حركة الدم فى .الجسم

وحركة التنفس هل أنت الذى تقوم بها ؟ .. وإذا قلت نعم فكيف تتنفس وأنت نائم ؟ .. إنها حركة تتم بالقهر لا سلطان لك عليها .. فإذا .صدر لها الأمر الإلهى بأن تتوقف فلا أحد يستطيع أن يعيدها

..ومعدتك وما يحدث فيها من تفاعلات لهضم الطعام وأنزيمات تفرز من غدد متعددة .. أيتم هذا بإرادتك

وأمعاؤك وحركة الطعام فيها وامتصاص ما يفيد الجسم وطرد ما لا يفيده .. أيحدث هذا بإرادتك أم أنها تتم دون أن تدرى .. وكرات الدم البيضاء وهى تتصدى للميكروبات التى تدخل جسدك فترسل كرات معينة لتحدد ما يمكن أن يقضى على الميكروبات .. ثم يقوم النخاع بتصنيع المواد المضادة فتقضى على الميكروب فعلا .. أتدرى انت شيئاً عن هذه العملية ؟ .. إن كل هذا مقهور لله سبحانه .وتعالى .. يقوم بعمله دون أن يتوقف .. ودون أن تدرى أنت عنه شيئاً

ومن رحمة الله سبحانه وتعالى .. أنه خلق هذه الأجهزة البشرية مقهورة له .. وإلا لما استطاع الإنسان الحياة ، ولا العمل ، ولا أداء مهمته فى عمارة الكون .. وإلا فقل لى بالله عليك .. لو أن قلبك يخضع لإرادتك كيف يمكن أن تنام ؟ .. إتك ستظل يقظاً ليستمر القلب فى النبض .. لو أن معدتك تخضع لإرادتك لاحتجت إلى ساعات طويلة بعد كل وجبة لتتم عميلة الهضم .. لو أن الدورة الدموية تخضع .لإرادتك .. لما استطاع عقلك أن يستمر فى الحياة وهو مشغول بمئات العمليات التى تتم كل دقيقة

.وهكذا شاءت رحمة الله أن يجعل كل هذا بالقهر حتى تستطيع الحياة والسعى فى الأرض ، وحتى يمكنك أن تتمتع بحياتك

..إذن لا تقل أنا حر فى جسدى .. أو جسدى خاضع لى .. فهذا غير صحيح علمياً وبالدليل المادى .. فأنت مقهور فى كل أجهزة جسدك

حتى تلك التى أخضعها الله لإرادتك فهذا خضوع ظاهري وليس خضوعاً حقيقياً . ولقد شاءت حكمة الله أن يرينا هذا فى الدنيا أمامنا بالدليل المادى .. فأنت تبصر بعينيك ، وحتى لا تغتر وتعتقد أن هذا الإبصار من ذاتك ، وأنه خاضع لإرادتك .. أوجد الله سبحانه ..وتعالى من له عينان مفتوحتان ولا يبصر .. وأنت تمشى بقدميك .. ولكن الله سبحانه وتعالى أوجد من له قدمان ولا يستطيع أن يمشى

وأنت تحرك يديك تتحرك وتفعل بهما ما تشاء .. ولكن الله سبحانه وتعالى أوجد من له يدان ولا تستطيعان الحركة .. وأنت تتحدث بلسانك وتسمع بإذنك .. ولكن الله سبحانه وتعالى أوجد من له لسان ولا يقدر على الكلام .. ومن له أذنان ولا يسمع .. كل هذه أمثلة .قليلة وضعها الله سبحانه وتعالى فى الكون .. ليلفتنا إلى أنه ليس لنا ذاتية .. وأن الأمر كله لله

فإذا كنا نبصر بأعيننا فنحن نبصر بقدرة الله التى أعطت العين قوة الإبصار .. ونمشى بقدرة الله التى أعطت القدمين قوة الحركة .. ونسمع ونتكلم بقدرة الله التى أعطت اللسان قدرة الكلام والأذن خاصية السمع .. ولو كان هذا بذاتية منا .. ما استطاع أحد أن يسلبنا .النظر أو السمع أو الحركة أو الكلام

أعلى

الاختيار والقدرة

بل إن الله سبحانه وتعالى أقام لنا الدليل على أنه حتى حركاتنا الاختيارية لا تتم إلا بقدرته  مثلا إذا أردت أن تقوم من مكانك .. كم عضلة تنقبض ، وكم عضلة تنبسط ، حتى تتمكن من القيام ؟  ولكن نقوم من أماكننا ونحن لاندرى أى العضلات تتحرك وأيها لا يتحرك .. بمجرد أن يخطر على بالنا لنقوم .. هذه العضلة تنبسط ، وهذه تنقبض بقدرة الله وليس بإرادتنا .. العملية التى تتم فى عضلات الجسم ساعة القيام ..ليس لنا فى حركتها إرادة إلا أننا أردنا أن نقوم . وكذلك فى المشى والجرى وكل حركة نقوم بها

إذن حركات الجسد كلها خاضعة لنا بإرادة الله سبحانه وتعالى .. الله هو الذى أخضعها لما نريد وجعلها تفعل ما نشاء .. وهى تفعله دون علمنا بذلك .. بل تفعله بشفرة إلهية وضعها الله فى أجسادنا  فتنقبض وتنبسط العضلات فيتم كل شئ ونحن لا ندرى

ثم يقول الإنسان أنا مسيطر على جسدى أفعل ما أشاء .. نقول لو كنت مسيطراً حقيقة لعلمت ما يجرى فيه .. ولكن هذا الجسد مسخر ..لك بقدرة الله .. ولذلك فهو يفعل لك ما تريد دون أن تدري ، أو تحس كيف يتم هذا الفعل

أعلى

الضحك والبكاء

:بل أكثر من ذلك تحديا من الله سبحانه وتعالى .. يأتى الحق فى كتابه الكريم ويقول في الآية 

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى 43

43 من سورة النجم

:أكثرنا يمر على هذه الآية الكريمة ولا يلتفت إليها .. ولكن هذه الآية فيها إعجاز من الله سبحانه وتعالى يقول الحق سبحانه وتعالى

وأنه هو أضحك وأبكى

معناه أن الضحك والبكاء من الله .. وكونه من الله سبحانه وتعالى يكون لجميع خلقه .. فالله حين يعطى ، الخلق جميعاً ذلك هو عدل الله.. فإذا نظرت إلى الدنيا كلها تجد أن الضحك والبكاء موحدان بين البشر جميعاً على اختلاف لغاتهم وجنسياتهم .. فلا توجد ضحكة إنجليزية وضحكة أمريكية وضحكة افريقية .. بل هى ضحكة واحدة للبشر جميعاً .. ولا يوجد بكاء آسيوى أو بكاء استرالى .. وإنما ..هو بكاء واحد .. فلغة الضحك والبكاء موحدة بين البشر جميعاً . وهى إذا اصطنعت تختلف

وإذا جاءت طبيعية تكون موحدة .. ولذلك إذا اصطنع أحدنا البكاء أو اصطنع الضحك فإنك تستطيع أن تميزه بسهولة عن ذلك الانفعال .الطبيعى الذى يأتى من الله

..ومن العجيب أنك ترى مثلا الفيلم الكوميدى الذى صنع فى أمريكا يضحك أهل أوربا والذى صنع فى آسيا مثلا يضحك أهل استراليا

بل إن هناك من أعطاهم الله موهبة القدرة على إضحاك شعوب الدنيا كلها .. ولعل هناك نجوماً عالمية فى فن الكوميديا تضحك العالم كله .. وهناك أفلام عاطفية تبكى العالم كله .. فبعض الأفلام مثلا إذا قدمته بأى لغة أبكى الناس .. وهكذا تنزل أحياناً الرحمات من الله .فتفيض العيون بالدموع .. وأحياناً يريد الله أن يروح عن النفوس فتتعالى الضحكات

ولكن قد يقول بعض الناس .. إن هناك ما يضحك واحداً ولا يضحك الآخر .. وأن هناك مشهداً يبكي إنساناً ، فى حين تتحجر الدموع :فى العيون فلا يبكي إنسان آخر فى نفس الموقف .. نقول إنك لم تفهم الآية .. فقوله تعالى

وأنه هو أضحك وأبكى

ليس معناه بالضرورة أن الناس تضحك معاً وتبكى معاً .. ولكن معناه أن الإنسان لا يستطيع أن يضحك نفسه ، ولا أن يبكى نفسه عن شعور صادق وبلا اصطناع .. ولكن ذلك من الله .. ولذلك انعدمت فيه الإرادة البشرية .. فليس لكل واحد منا ضحكة تميزه .. بل نحن نضحك جميعاً بلغة واحدة .. وليس لكل واحد منا بكاء يميزه .. بل نحن نبكى جميعاً بلغة واحدة .. وليس أى واحد منا قادراً على أن يضحك ضحكة طبيعية بإرادته كأن يقول إننى سأضحك الآن فيضحك .. ولا يستطيع إنساناً أن يبكى بكاء طبيعياً كأن يقول أنا سأبكى .الآن فيبكى .. إلا أن يصطنع الضحك أو البكاء بشكل غير طبيعى

ولكن يأتى الضحك والبكاء من الله حين يكون طبيعياً .. ولأنه يأتى من الله فهو موحد بين البشر جميعاً .. فإذا كنت لا تستطيع أن تضحك نفسك أو تبكي نفسك .. فكيف تدعى أنك سيد نفسك  ولماذا لا تسلم لخالقك ؟

أعلى

الفعل .. والمشيئة

فإذا كان هذا هو الشأن فى الجسد البشري .. فآمن بالله الذى هو يملك كل خيوطك فإذا كنت لا تؤمن بجنته ولا تريد ثوابه .. فاخش .عقابه . وإذا كنت لا تؤمن بالآخرة فاخش عقابه فى الدنيا .. فهو الذى يملك كل خيوط حياتك ويستطيع أن يفعل بك ما يشاء

..على أن الله سبحانه وتعالى له لفتات أخرى .. يلفتنا لقدرته وعظمته ووجوده .. إذا كنت تتأبى على الإيمان بالله وتقول أنا سيد نفسى

فإذا جاءك قدر الله بالمرض فامنعه عن نفسك . وقل لن امرض .. وإذا جاءك قدر الله بالموت فامنعه عن نفسك ، وقل لن أموت وإذا .جاءك قدر الله فى مكروه كأن تصاب فى حادث .. أو ان تسقط من مكان فتتهشم عظامك فقل لن أسقط

هذا هو قهر القدرة الذى لا تستطيع أن تقف أمامه .. وتقول سأفعل ولا أفعل .. لأن الله لم يعطك الاختيار فى أن تفعل أو لا تفعل فى الأقدار التى تقع عليك .. فقدر الله عليك ينفذ رغم إرادتك  وأنت خاضع لقدر الله سواء رضيت أو لم ترض .. ففى الكون أحداث تقع .لا تملك فيها اختياراً

بعض الناس يجادل فى هذا ، ويقول : إن الإنسان القوى يستطيع أن يصنع قدره .. نقول إن القرآن الكريم قد رد على هؤلاء فى قول :الحق سبحانه وتعالىالآية

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 26  

26 من سورة آل عمران

:ولابد أن نلتفت إلى قول الحق سبحانه وتعالى

وتنزع الملك ممن تشاء

..اى انه لا يوجد إنسان يتخلى عن الملك أو عن المنصب والجاه بإرادته بل لابد أن ينزع منه انتزاعاً ولذلك تأتى الثورات والانقلابات

لتنزع الملك من أولئك الذين اعتقدوا أنهم ملكوا الدنيا .. وأنهم قادرون على أن يفعلوا ما يشاءون بمجرد كلمة أو امر او إشارة .. فيأتى الله سبحانه وتعالى لينزع منهم هذا رغماً عنهم .. فتجد الواحد منهم الذى كان يحتمى به الناس عاجزاً عن أن يحمى نفسه .. يهرب من .مكان إلى آخر .. وتجده وهو المعتز بالدنيا يتمنى لو أخذ الناس كل ما يملك ، وأبقوا على حياته

إن هذا يحدث ليلفتنا الحق جل جلاله غلى انه لا احد يأخذ الملك أو المركز العالى بإرادته وتخطيطه  وإنما هى أقدار يجريها الله على خلقه .. فإذا أتى أمر اله نزع منه كل شئ .. ولو كان الأمر بذاته لما استطاع أحد ان ينزع منه .. ولا يوجد إنسان فى هذا الكون يستطيع ان يدعى انه فى منعة من قدر الله .. فإذا كانت هذه هى الحقيقة فهى الدليل المادى على ان الإنسان تحكمه قدرة خالقه .. وأنه .لا يستطيع لنفسه نفعاً ولا ضرا إلا ما شاء الله

:فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى فعل الإنسان وعمله الدنيوى .. تجد بعض الناس يقول : إننى سأفعل كذا وكذا .. وسأقوم بتنفيذ كذا .. نقول له

..إنك اعجز أن تفعل إلا ان يشاء الله .. فالفعل محتاج إلى زمان .. ومحتاج إلى مكان .. ومحتاج إلى فاعل ، ومحتاج إلى مفعول به

وأنت لا تملك شيئاً من هذا كله .. فإذا جئنا إلى الفاعل فأنت لا تملك حتى اللحظة التى تعيش فيها .. ولا تضمن أن يمتد بك العمر ثانية واحدة .. حتى ولو كانت كل الشواهد الصحية تدل على ذلك .. ألا يوجد من لا يشكو من شئ ، ثم يسقط فجأ ميتاً ويقال جاءته جلطة !فى المخ .. أو سكته قلبية .. أو أصيب بهبوط حاد فى الدورة الدموي ؟

:هذه كلها أسباب .. ولكن السبب الحقيقي هو أن الأجل قد انتهى .. مصدقاً لقوله تعالى

 وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ 34

الآية 34 من سورة الأعراف

.إذن ساعة أن صدر الأمر من المسبب وهو الله جل جلاله انتهى العمر

أعلى

الانسان والزمن

ومن العجيب أتك ترى اكبرأطباء القلب يموتون بأمراض القلب.. وأكبر أطباء المخ تنتهى حياتهم بمرض فى المخ .. فإذا ملكت اللحظة التى تعيش فيها .. وبقيت حتى ساعة إتمام الفعل ، فإنك قد تصاب بمرض يقعدك عن الحركة ، فلا تستيطع إتمام الفعل .. هذا بالنسبة ..للفاعل

فإذا جئنا للزمن فأنت لا تملك الزمن ، ولكنه هو الذى يملكك .. ولذلك فإنه قد يأتى زمن التنفيذ فتفاجأ بحدث يمنعك .. كأن يصاب ابنك فى حادث مثلا .. أو يمون أحد اقاربائك .. أو تضطر اضطراراً إلى سافر عاجل لمهمة ضرورية .. أو يقبض عليك فى جريمة أو فى .اتهام .. إذن فأنت لا تملك الزمن ولا تستطيع أن تقول إننى في ساعة كذا سأفعل كذا

وبالنسبة للمكان فقد تختار مكاناً لتبنى فيه عمارة مثلا .. فتأتى لتجد أن هذا المكان قد استولت عليه الدولة للمنفعة العامة .. أو قد ظهر له ورثة لم تكن تعرفهم فأوقفوا العمل .. أو ان تقرر أن يقام فى وسطه طريق .. أو ان الأرض تحتها مياه جوفيه تجعلها غير صالحة .للبناء

وإذا جئنا للمفعول به فقد يرفض الذى تطلب منه العمل القيام به .. وقد لا تجد عمالا ليقوموا بالتنفيذ .. وقد لا يأتى المقاول الذى اتفقت معه وقد لا يحضر الموظف الذى سيعطيك الرخصة لتبدأ بالعمل . إذن فأنت لا تملك شيئاً من عناصر الفعل كلها . ولذلك طلب منك الله :سبحانه وتعالى .. ان تتأدب وتعطى الشئ لأهله ، وتنسبه إلى الفاعل الحقيقي .. فقال سبحانه وتعالىالآيتان 23 و 24 من سورة الكهف

 وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا 23 إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا 24  

.اى إذا أنساك الشيطان ان القوة لله جميعاً فتذكر هذه الحقيقة تتجاوزها

نأتى بعد ذلك إلى معجزة أخرى فى النفس البشرية .. تلك هى معجزة القرآن الكريم فيه إعجاز كثير .. ولكننا نتحدث هنا عن الإعجاز ..القرآنى فى النفس البشرية كل انسان منا له طاقة وقدرة عقلية  فالمتعلم طاقته العقلية أكبر ممن لم ينل حظاً من العلم أو من الأمى

وهؤلاء جميعاً لا يمكن أن يجتمعوا عقلا ليشهدوا شيئاً واحداً .. وكل واحد منهم ينسجم مع هذا الشئ نفس الانسجام .. ( فأذا كانت مثلا هناك محاضرة فى فرع من العلوم فلا يستطيع أن ينسجم معها إلا ذلك الذى يفهم فى هذا الفرع ، أما إذا دخل إليها عدد من الذين لم يقرأوا عن هذا العلم فإن الانسجام يضيع .. ذلك يحدث فى كل فرع من فروع الدنيا .. ولكنك إذا جئت إلى القرآن الكريم ، وهو كلام الله ، تجد أن كل النفوس البشرية المؤمنة تنسجم معه .. لا تجمعها رابطة علم أو ثقافة .. وإنما الذى يجمعها هو رابطة الإيمان.. ( إنك تدخل إلى المسجد تجد فيه المتعلم ونصف المتعلم والعالم وقد جلسوا معاً جميعاً يستمعون إلى القرآن الكريم .. وتجدهم جميعاً منسجمين مع القرآن .. تهتز نفوسهم له  وترتاح ملكاتهم إليه .. لا فرق بينهم ، حتى ذلك الذى لا يعرف معنى ألفاظ القرآن الكريم .. تجده جالساً يستمع وهو منسجم ويهتز من داخله وتقام الصلاة فيقف الجميع فى إنسجام وراء الإمام  تختفى الفوارق الدنيوية بينهم .. ولكن تجمعهم رابطة الإيمان .. فيصلون جميعاً بانسجام .. لأن ملكاتهم التى خلقها الله فيهم منسجمة ومتفقة مع كلام الله .. فلا تلحظ فرقاً ولا .ترى إلا مساواة إيمانية

أعلى

إعجاز القرآن

بل إنه من العجيب أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد فى العالم الذى يمكن أن يحفظه الإنسان بدون فهم .. فتجد الطفل الصغير عمره سبع سنوات وربما اقل من ذلك ومع هذا يحفظ القرآن كله .. أيمكن لهذا الطفل الصغير غير المكلف أن يستوعب معانى القرآن الكريم؟.. بالطبع لا .. ولكن الإيمان الفطرى فى داخله يجعله يحفظ القرآن عن ظهر قلب ويتلوه .. لأن هذا الإيمان من الخالق ، وهو الله سبحانه وتعالى والقرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى .. ولذلك تنسجم النفس البشرية وهى فى أولى مراحلها مع كلام خالقها ، أليس :هذا إعجازاً نقف عنده ليلفتنا إلى الله سبحانه وتعالى  وأنه هو الخالق وهو الموجد . فإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن الإنسان يولد على الفطرة مسلماً ، وأهله يهودانه أو ينصرانه

.قلنا صدقت يا رسول الله ، وأكبر دليل على ذلك هو انسجام فطرة الأنسان مع كلام الله

..بل وأكثر من ذلك ، يأتى الله سبحانه وتعالى ليرينا أن الإنسان هو هو وأنه سيأتى به يوم القيامة .. دون أن يختلط أحد مع أحد

ويتساءل الذين لا يؤمنون : كيف يمكن أن يأتى الإنسان بنفسه يوم القيامة دون أن يختلط أحد مع أحد ؟

نقول : إن الله سبحانه وتعالى رحمة بعقولنا قد أعطانا الدليل فى الدنيا .. ولن ندخل فى تكوين الإنسان ، ولا فى أشياء غيبية .. ولكننا نأخذ الدليل المادى وحده ، فالبشر وهم بلايين .. كلهم مخلوقون على هيئة واحدة .. ولكن كل واحد منهم مميز عن الآخر .. فالأب يعرف ابنه بين ملايين البشر .. والابن يعرف أباه وأمه بين ملايين الرجال والنساء بمجرد النظرة . بمجرد اللمحة تستطيع أن تخرج ابنك أو أباك أو أمك من بين الناس جميعاً هذا تمييز للإنسان لا يشترك فيه بقية الخلق .. فأنت لا تستطيع أن تميز بقرة عن بقرة أو جمل .عن جمل أو أى مخلوق آخر إلا الإنسان

ولذلك فإن رعاة الغنم يرقمونها أو يضعون عليها علامات مميزة حتى يعرفوها .. ولكنهم لا يضعون على أولادهم علامات حتى .يميزوهم عن غيرهم من ملايين الصغار

أعلى

الانسان والتمييز

إننا نجد الإنسان مميزاً ببصمة الإصبع .. لا تتشابه بصمة إبهام إنسان مع إنسان آخر رغم وجود بلايين البشر .. ليس هذا فقط .. ولكن لكل منا بصمة رائحة لا تتشابه مع إنسان اخر ونحن لا ندركها .. ولكن كلب الشرطة المدرب هو الذى أعطاه الله ملكة تمييزها فيشم .رائحة الأثر ، فيخرج هذا الإنسان من بين العشرات بل المئات

وكلما أعيدت التجربة قام كلب الشرطة بإخراج نفس الشخص .. بل إنه مع تقدم العلم وجد أنه لكل إنسان بصمة صوت تميزه عن الآخر .. وبصمة فك خاصة بأسنانه .. كل هذا ليلفتنا الحق سبحانه وتعالى إلى أنه ميز كلا منا بميزات لا يشترك فيها مع أحد حتى .يأتى به يوم البعث هو هو نفسه

بل إن الله سبحانه وتعالى وضع فينا العدل بالنسبة لأبنائنا رغماً عنا فتجد الأب يحب أصغر أبنائه أكثر من الكبار .. لماذا ؟ .. لأن الابن ..الصغير مهما امتد العمر بالأب سيقضى فى رعاية أبيه سنوات أقل من الكبار .. ولذلك أعطاه حناناً أكبر ليعوضه عن هذه السنوات

حتى يكون خير الأب وعطفه قد وزعا على ابنائه بالعدل ، فمنهم من أخذ عطفا أقل وسنوات أكثر ، ومنهم من أخذ سنوات أقل وعطفاً .أكثر

:إلى هنا نكون قد وصلنا إلى بيان بعض الفيوضات التى شملتها الآية الكريمة

وفى أنفسكم أفلا تبصرون

:فالآية أعطتنا بوضوح الدليل المادى من النفس البشرية بأنها تعرف الله بالفطرة .. وتعرف الخير والشر بالفطرة .. مصداقاً لقوله تعالىالآية 8 من سورة الشمس

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8

وإن هذه النفس بالدليل المادى لا تملك لذاتها نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله .. وإنها منسجمة مع الإيمان بفطرة خلقها .. ومنسجمة مع .كلام الله بفطرتها الإيمانية

على أن الدليل المادى لوجود الله لا يشمل النفس البشرية وحدها .. بل يشمل كل شئ فى الكون  فكل ما فى الكون ينطق بأنه لا إله إلا .الله .. وفى كل شئ دليل .. وسنبدأ فى الفصل القادم بالدليل الغيبى

أعلى

     

 

aslmna.com   .