البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الأدلـــة المــادية على وجود الله سبحانه وتعالى

لفضيلـة الشيخ المرحـوم محمد متولـي الشعراوي طيب الله ثراه


وفى الأرض آيات

الله سبحانه وتعالى له آيات تملأ الأرض والسماء ولكننا غافلون عنها .. ومن الإعجاز الإلهى أن آيات الله لا تنتهى .. فإذا مشيت فى الطريق فهناك آيات وإذا صعدت إلى الجبل فهناك آيات .. وإذا نزلت إلى قاع البحر وجدت آيات .. وإذا صعدت إلى السماء كانت .هناك أكثر من آية

وإذا نزلت إلى باطن الأرض فهناك آيات وآيات .. هناك آية فى تلك الشجيرة الصغيرة التى تراها تنبت فى سطح الجبل .. ساقها هشة لينة ربما لا تحتمل قبضة يدك ومع هذا فقد فتت الصخر ونبتت فيه  واستطاعت الشجيرة الرقيقة الرفيعة أن تمتد وتضرب فى باطن .الجبل وتحصل على الغذاء

..وتتعجب أنت كيف يمكن أن يحدث ذلك .. مع أنك لو أردت أن تضع ثقبا فى سطح الجبل لاحتجت إلى آلات حادة وقوى كثيرة

وتعرف أن الله سبحانه وتعالى الذى خلقها قد ألان لها الصخر فنبتت فيه .. وألان لجذورها صخور الجبل فامتدت حتىوصلت إلى .المصدر الذى يعطيها الغذاء

هذه الآيات لا تحتاج إلى بحث ولا إلى ميكروسكوب .. ولكنها تحتاج لمجرد التأمل .. وفى الأرض آيات كثير ة لا تحتاج منا أكثر من :أن نتأملها لنعرف قدرة الله وعظمته ونؤمن به .. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز

 وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ 28

الآية 28 من سورة فاطر

لماذا خص الله العلماء بالخشية ؟ لأنهم وهم يبحثون فى مخلوقات الله فى الأرض .. يرون أسرارا ودقة خلق وإبداع تكوين كان يجب أن يجعلهم أول الساجدين لله .. أول العابدين لله . ولكن هؤلاء العلماء الماديين بدلا من أن يفعلوا ذلك .. أخذوا يحاولون النيل من الدين ومن الإيمان .. والإنسان يعتقد أنه وصل إلى أسرار الكون .. ولكنه فى الحقيقة لم يصل حتى إلى أسرار نفسه .. بل إنه ينتقل من .قانون الى قانون ولا يعرف كيف ينتقل .. ولا ما هو سر هذا الأنتقال

..فالإنسان وهو مستيقظ له قوانين ربما عرفنا بعضها .. ولكنه إذا نام انتقل إلى قانون مختلف تماما مجهول له.. فهو يخرج من الزمن

فالإنسان وهو نائم لا يحس بالزمن .. فإذا استيقظ فهو لا يعرف كم ساعة نامها ولابد أن ينظر إلى ساعته ليعرف كم ساعة قضاها وهو .غائب هما حوله

إذن قانون الزمن لا يسرى على النائم فلا يحس بالوقت .. لماذا ؟ .. لأن الزمن هو قياس للأحداث  فنحن نقيس الأحداث بالزمن .. .والنائم هو خارج عن هذه الأحداث

والإنسان إذا نام رأى وعيناه مغمضتان .. ومشى وجرى وقدماه لا تتحركان من فوق السرير .. وتحدث ولسانه لم يتحرك .. ورأى وتكلم مع أناس انتقلوا إلى العالم الآخر منذ سنوات .. ومع ذلك غهو يحدثهم ويسمعهم وهم يكلمونه ويفهم ما يقولون .. والعلم خارج هذه المنطقة تماما فلا يستطيع عالم أن يخبرنا كيف يرى الإنسان وهو نائم .. أو يتحرك أو يلتقى مع أناس انتقلوا للعالم الآخر .. وكل ما جاء عن هذا فى محاولات أطلق عليها اسم العلم .. إنما هى تخمينات بلا دليل ومعظمها من الخيال أكثر من الواقع .. ومع أن كل هذا يحدث كل يوم .. تجد هناك من يعلن بوقاحة .. ويقول انتهى عصر الدين وجاء عصر العلم .. وهؤلاء إنما يقولون بهتانا .. فالله هو :الكاشف لعباده عن العلم .. هو القائل فى كتابه الكريم

الآيات 3 و4 و5 من سورة العلق

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4 عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 5

أعلى

لماذا لا يؤمنون ؟

ولكن الناس لا يؤمنون .. رغم أن هناك من الأدلة الماديى فى الكون ما لا يعد ولا يحصى .. تهدى الناس إلى طريق الإيمان وإلى وجود الله .. وهؤلاء الذين لا يؤمنون بعضهم منكر للدين لأنه يريد أن يكون هو مصدر التشريع ، لأن منهج الله سبحانه وتعالى قائم على العدل بين الناس .. وأعطى كل ذى حق حقه  وهم يريدون أن يتميزوا وأن يأخذوا حقوق غيرهم .. ولا سبيل إلى ذلك الإ أن .يضعوا منهجا من صنعهم  يعطيهم كل شئ ويسلب غيرهم كل شئ .. والطريقة الوحيدة لذلك هى أن ينكروا منهج السماء

والقسم الثانى فضل أن يعيش مع النعمة بدلا من أن يعيش مع المنعم .. وهؤلاء الناس الذين متعهم الله سبحانه وتعالى بنعمه فى الدنيا لم يفكروا كيف جاءت هذه النعم ولكنهم أرادوا أن يأخذوا من النعم كل ما يستطيعون .. وأعماهم الطمع الإنسانى .. فلم يفكروا الإ فى ..الحصول على نعمة المال أو نعمة السلطة أو غيرها من نعم الكون.. وهؤلاء شغلوا أنفسهم بالمادة بدلا من أن يفكروا فيمن خلق المادة

وأخذوا النعم فى أنها حق لهم دون أن يبحثوا عمن أوجدها . فرغم أن قوانينهم المادية التى يؤمنون بها  نقول : إنه لا شئ يحدث فى الدنيا بدون فاعل .. فلم نجد مثلا عمارة نشأت هكذا دون أن يكون لها مهندس وعمال وغير ذلك ممن أقاموها .. ولم يجلسوا فى بيوتهم .مثلا ليجدوا كمية من المال ظهرت أمامهم فجأة  وكل مصالحهم لابد أن يتحركوا لقضائها

ومع أن قانون المادة يقول إنه لا يوجد فعل بدون فاعل .. فإنهم لم يطبقوا هذا القانون على الكون كله  بل ادعوا أن الكون قد خلق ..بدون فاعل .. بعضهم قال : حدث هذا بتفاعل المواد !! .. ولو أنصفوا لسألوا أنفسهم من الذى أوجد المادة أولا ومن الذى حركها ثانيا

!ولكنهم تناسوا هذا السؤال

وحتى إذا صدمتهم آية من آيات الله تكبروا عليها .. ولعل هذا واضح فى العالم الغربى الذى يحاول الفصل بين العمل والدين فصلا تامـاً.. وربما كان السبب فى ذلك هو المعركة الرهيبة التى قامت بين العلم والكنيسة واستمرت أكثر من قرنين .. وقد كانت الكنيسة تنكر العلم تماماً استناداً إلى التوراة وهى الكتاب المقدس لليهود ، والذى تؤمن به الكنسية . وما جاء فى التوراة يقول إن شجرة التفاح التى أكل منها آدم هى شجرة المعرفة .. وإنه حينما أكل آدم التفاحة .. كشفت له علوم كثيرة فغضب الله عليه وطرده من الجنة..وكانت هذه هى المعصية الأولى التى مازالت البشرية تعانى منها حتى الأن .. والتى نفكر عنها بحياتنا فى الأرض المليئة بالشقاء .. ولو لم .يأكل آدم تفاحة المعرفة لكنا حتى الأن نعيش فى الجنة

هذه الخرافة المحرفة هى التى أدت إلى المعركة بين الكنيسة والعلم .. تلك المعركة التى تعر فيها العالم الإيطالي جاليلى فى القرن الخامس عشر إلى غضب الكنيسة عندما أثبت بالأدلة المادية كروية الأرض وأصدرت الكنيسة حكماً بحرقه حياً لأنه كفر .. واضطر .العالم الايطالى أن ينكر ما اكتشفه

ولكن موقف الإسلام مختلف .. ذلك أن التفاحة التى أكلها آدم هى منهج الشيطان الذى أظهر عوراته وكشفها .. كما يظهر تزيين ..الشيطان للناس فى الدنيا عوراتهم فيكشفها فيصيبهم الخزى والعار

أعلى

العلم كاشف لقوانين الكون

أما العلم فالإسلام ينظر إليه على أنه من الله أولا .. فالله يكشف آياته فى الأرض للإنسان  والإنسان يكتشف ولا يخلق أو يضع فى الكون قوانين جديدة من صنعه .. ولكن الله يكشف لمن يشاء قوانين كونه ولكل قانون وكشف ميلاد .. فإذا جاء ميلاد كشف لقانون .كونى.. كشفه الله لمن يبحث عنه من البشر فيعرفونه ويستخدمونه

.(والله سبحانه وتعالى الذى قال : (علم الإنسان مالم يعلم

:يجب أن نعرف أن كل علم هو من الله .. والله سبحانه وتعالى ميز الإنسان على الملائكة بالعلم  فقال جل جلاله

الآيات من 31 - 32 من سورة البقرة

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 32 قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ 33

هذا هو موقف الإسلام من العلم .. وإن كان للكنيسة موقف آخر فى معركة استمرت قرنين كاملين بين الكنيسة والعلماء .. وعندما .انتصر العلماء عملوا على تضييق نفوذ الكنيسة بحيث أصبحت لا دخل لها بالعلم.. وفصلوا الدين عن الدولة إلى آخر ما يرويه التاريخ

:والعلماء فى أبحاثهم يحاولون إنكار دور الدين إيماناً بذاتيتهم ، فهم يريدون أن يقولوا نحن فعلنا ونحن اكتشفنا .. كما قال قارون

الآية 78 من سورة القصص

قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ 78

:ولذلك فليس فى بالهم الله وسيفاجأون بالله سبحانه وتعالى فى الآخرة .. مصدقاً لقوله تعالى

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ 39

الآية 39 من سورة النور

ولا يحسب أحد أن هؤلاء الذين كفروا فعلوا ذلك لأن آيات الله لم تصل إليهم .. بل الآيات أمامهم ولكنهم هم الذين يتكبرون على :الإيمان.. ويقول الحق سبحانه وتعالى

وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ 4

الآية 4 من سورة الأنعام

..ولذلك فإن إعراضهم ليس على أن الدليل المادى على وجود الله غائب عليهم ولكن لأنهم يرفضون الإيمان .. أما ليحققوا مصالح ذاتية

وإما لأنهم لا يؤمنون بالآخرة .. فيحاولون أن يأخذوا كل ما تعطيهم الدنيا على أن هذا هو كل شئ  وتكون النتيجة أنهم يستخدمون كل .الوسائل حلالا أو حراماً فى الوصول إلى أهدافهم .. عملاً بمبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة

أعلى

الإبصار .. كيف يتم ؟

ولو أنهم فكروا قليلا لوجدوا الآيات فى القرآن الكريم معجزات .. ولو أنهم كانوا علماء وباحثين فعلا .. لقرأوا القرآن الذى سمعوا :عنه.. ودرسوا الإسلام دراسة غير مغرضة .. ثم بعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليفكر .. وإنهم مثلا لو التفتوا إلى الآية الكريمة

الآية 12 من سورة الإسراء

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً 12

:عرفوا الإعجاز فى هذه الآية وحدها .. ولكان الإعجاز فيها كافيٌّا لأن يؤمنوا .. الله سبحانه وتعالى يقول

وجعلنا آية النهار مبصرة

وهكذا وصف الله النهار بأنه هو المبصر .. ولكن هل النهار هو الذى يبصر .. أم العين هى التى تبصر ؟  الذى نفهمه من تلقائية الأبصار أن العين هى التى تبصر .. ولكن الحقيقة العلمية تختلف  فلقد ثبت علمياً ان ضوء الشمس ينعكس على الأشياء ثم تدخل .أشعة النور إلى العين فتبصر

إذن فالعين لا تبصر بذاتها ولا بذاتيتها .. ولكنها تبصر بالضوء الذى ينعكس على الأشياء الموجودة أمامها ويدخل إلى العين .. فإذا ذهب هذا الضوء وجاء الظلام فإن العين لا تبصر ولاترى شيئاً فى الظلام الدامس إلا أن تأتى بمصباح أو مصدر من نور يلقى الضوء .على الأشياء فينعكس على العين فتبصر

:وهكذا نرى دقة تعبير القرآن الكريم فى قوله تعالى

وجعلنا آية النهار مبصرة

..فالإبصار نسبه الله سبحانه وتعالى لضوء النهار ولم ينسبه إلى العين ولقد نزلت هذه الآية والبشر كلهم لا يعلمون كيف يتم الإبصار ؟

ماذا كان يحدث لو تقدم العلم وكشف أن العين تبصر بذاتها وليس بانعكاس الضوء على الأشياء  أكنا فى هذه الحالة نستطيع أن نقرأ .فى الصلاة

وجعلنا آية النهار مبصرة

.آلم يكن هذا كافياً لهدم قضية الدين من أساسه

ولو أن هذا القرآن ليس من عند الله .. وأنه من عند محمد عليه الصلاة والسلام .. فما الذى كان يجعله يغامر بذكر قضية علمية كهذه القضية قد يثبت عدم صحتها فيضيع الدين كله .. ومن أين له هذه المعلومات حتى يعرف أن الإبصار يحدث بضوء النهار ؟ .. أليس هذا .دليلا مادياً كافياً للإيمان بأن القرآن منزل من عند الله الخالق لهذا الكون والعالم بأسراره

أعلى

..الأرض كروية

إن القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته إلى يوم القيامة .. ومعنى ذلك أنه لا يجب أن يحدث تصادم بينه وبين الحقائق العلمية فى الكون..لأن القرآن الكريم لا يتغير ولا يتبدل .. ولو حدث مثل هذا التصادم لضاعت قضية الدين كلها .. ولكن التصادم يحدث من شيئين عدم فهم حقيقة قرآنية ، أو عدم صحة حقيقة علمية .. فإذا لم نفهم القرآن جيداً وفسرناه بغير ما فيه حدث التصادم .. وإذا كانت الحقيقة العلمية كاذبة حدث التصادم .. ولكن كيف لا نفهم الحقيقة القرآنية ؟ .. سنضرب مثلا لذلك ليعلم الناس أن عدم فهم الحقيقة القرآنية قد يؤدى :إلى تصادم مع حقائق الكون .. الله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه العزيز

وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ 19

من الآية 19 من سورة الحجر

والمد معناه البسط .. ومعنى ذلك أن الأرض مبسوطة .. ولو فهمنا الآية على هذا المعنى لا تهمنا كل من تحدث عن كروية الأرض بالفكر خصوصاً أننا الأن بواسطة سفن الفضاء والأقمار الصناعية قد استطعنا أن نرى الأرض ، على هيئة كرة تدور حول نفسها .. .(نقول إن كل من فهم الآية الكريمة  (والأرض مددناها

بمعنى أن الأرض مبسوطة لم يفهم الحقيقة القرآنية التى ذكرتها هذه الآية الكريمة ..ولكن المعنى يجمع الإعجاز اللغوى والإعجاز .العلمى معاً ويعطى الحقيقة الظاهرة للعين والحقيقة العلمية المختفية عن العقول فى وقت نزول القرآن

:عندما قال الحق سبحانه وتعالى

والأرض مددناها

أى بسطناها .. أقال أى أرض ؟ .. لا .. لم يحدد أرضاً بعينها .. بل قال الأرض على إطلاقها .. ومعنى ذلك أنك إذا وصلت إلى أى مكان يسمى أرضا تراها أمامك ممدودة أى منبسطة .. فإذا كنت فى خط الاستواء فالأرض أمامك منبسطة .. وإذا كنت فى القطب ..الجنوبى أو فى القطب الشمالى .. أو فى أميركا أو أوربا أو فى أفريقيا أو أسيا .. أو فى أى بقعة من الأرض .. فإنك تراها منبسطة

ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كانت الأرض كروية .. فلو كانت الأرض مربعة أو مثلثة أو مسدسة أو على شكل هندسى اخر.. فإنك ..تصل فيها إلى حافة .. لا ترى أمام الأرض منبسطة .. ولكنك ترى حافة الأرض ثم الفضاء

ولكن الشكل الهندسى الوحيد الذى يمكن أن تكون فيه الأرض ممدوده فى كل بقعة تصل إليها هى أن تكون الأرض كروية .. حتى إذا بدأت من أى نقطة محددة على سطح الكرة الأرضية ثم طللت تسير حتى عدت إلى نقطة البداية .. فأنك طوال مشوارك حول الأرض .ستراها أمامك دائماً منبسطة .. وما دام الأمر كذلك فإنك لا تسير فى أى بقعة على الأرض إلا وأنت تراها أمامك منبسطة

:وهكذا كانت الآية الكريمة

والأرض مددناها

لقد فهمها بعض الناس على أن الأرض مبسوطة دليل على كروية الأرض .. وهذا هو الإعجاز فى القرآن الكريم .. يأتى باللفظ الواحد .ليناسب ظاهر الأشياء ويدل على حقيقتها الكونية

..ولذلك فإن الذين أساءوا فهم هذه الآية الكريمة وآخذوها على أن معناها أن الأرض منبسطة .. قالوا هناك تصادم بين الدين والعلـم

والذين فهموا معنى الآية الكريمة فهماً صحيحاً قالوا إن القرآن الكريم هو أول كتاب فى العالم ذكر أن الأرض كروية .. وكانت هذه ..الحقيقة وحدها كافية بأن يؤمنوا .. ولكنهم لا يؤمنون

أعلى

الليل والنهار وجدا معاً

فالقرآن الكريم لم يأت بالدلائل التى تؤكد لنا أن الأرض كروية فى آية واحدة .. بل جاء بها فى آيات متعددة .. لماذا ؟ .. لأن هذه ..القضية كونية كبرى .. ولأن الكتب القديمة التى أنزلها الله قبل القرآن الكريم قد حرفت بشرياً .. فأوجدت تصادماً بين الديـن والعلـم

.ولذلك يأتى القرآن الكريم ليعطينا الدليل تلو الدليل على كروية الأرض

:يقول الله سبحانه وتعالى

لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ 40

الآية 40 من سورة يس

الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية الكريمة يرد على اعتقاد غير صحيح كان موجوداً عند العرب وقت نزول القرآن .. وهو أن الليل يأتى :أولا ثم بعد ذلك يأتى النهار .. أى أن النهار لا يسبق الليل  ويجئ الحق ليصحح هذا الاعتقاد الخاطئ فيقول

ولا الليل سابق النهار

أى أنكم تعتقدون أن النهار لا يسبق الليل .. ولكن الله يقول لكم : إن الليل أيضاً لا يسبق النهار  ومعنى أن النهار لا يسبق الليل وأن الليل لا يسبق النهار .. أنهما موجود معاً على سطح الكرة الأرضية .. وحيث إنه لم يحدث تغيير فى خلق الكون أو فى القوانين الكونية العليا بعد أن تم الخلق .. بل بقيت ثابتة تسير على نظام دقيق حتى قيام الساعة .. فلو كانت الأرض على شكل هندسى آخر مربع أو مثلث أو غير ذلك .. لكان فى ساعة الخلق وجد النهار أولا .. ولكن لا يمكن أن يوجد الليل والنهار معاً فى وقت واحد على سطح الكرة .الأرضية .. إلا إذا كانت الأرض كروية  فيكون نصف الكرة مضيئاً والنصف الآخر مظلماً

:ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يؤكد هذا المعنى .. فذكر آية أخرى تحدد معنى كروية الأرض ودورانها فقال جل جلاله

 وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا 62

الآية 62 من سورة الفرقان

ما معنى خلفة ؟ .. معناها أن الليل والنهار يخلف كل منهما الآخر .. فمثلا فى الحراسات المستمرة  تأتى نوبة حراسة لتخلف نوبة .سبقتها ثم تأتى النوبة الثالثة لتخلف الثانية وهكذا

وإذا فرضنا أن مصنعاً يعمل أربعاً وعشرين ساعة متوالية .. فأنه يكون هناك أربع ورديات تخلف كل منهما الأخرى .. ولكنها لابد أن ننتبه إلى أنه فى كل هذه النظم .. لابد أن تكون هناك وردية هى التى بدأت ولم تخلف أحداً .. فإذا قررنا وضع الحراسة على مكان فإن الوردية الأولى التى تبدأ الحراسة لا تخلف أحداً لأنها البداية .. وإذا بدأنا العمل فى المصنع فإن الوردية الأولى التى افتتحت العمل لم .تخلف أحداً لأنه لم يكن هناك فى المصنع عمل قبلها

:وهكذا فى كل شئ فى الدنيا .. يخلف بعضه بعضاً .. تكون البداية دائماً وليس هناك شئ قبلها تخلفه .. ولكن الحق سبحانه وتعالى قال

هو الذى جعل الليل والنهار خلفة

..ومادام الله هو الذى جعل فلابد أن يكون ذلك قد حدث ساعة الخلق .. فأوجد الليل والنهار خلفة على الأرض .. ولكننا كما أوضحنا

فإن ساعة البداية فى كل شئ لا يكون فيها خلفة .. أى لا يخلف شئ شيئاً قبله .. فهذه هى البدايات .. ولكن الله يقول لنا : إنه فى ساعة البداية كان الليل والنهار خلفة .. إذن فلابد أن يكون الليل والنهر قد وجدا معاً ساعة الخلق على الأرض .. بحيث أصبح كل منهما خلفة للآخر .. فلم يأت النهار أولاً ثم خلفه الليل .. لأنه فى هذه الحالة لا يكون النهار خلفة بل يكون بداية .. ولم يأت الليل أولا ثم يخلفه .النهار لأنه فى هذه الحالة لن يكون الليل خلفة بل يكون بداية .. ولا يمكن أن يكون الليل والنهار كل منهما خلفة للآخر إلا إذا وجدا معاً

ونحن نعلم أن الليل والنهار يتعاقبان علينا فى أى بقعة من بقاع الأرض .. فلا توجد بقعة هى نهار دائم بلا ليل .. ولا توجد بقعة هى ليل دائم بلا نهار .. بل كل بقاع الأرض فيها ليل وفيها نهار .. ولو أن الأرض ثابتة لا تدور حول نفسها .. ووجد الليل والنهار معاً ساعة الخلق فلن يكونا خلفة ولن يخلف أحدهما الآخر .. بل يظل الوضع ثابتاً كما حدث ساعة الخلق .. وبذلك لا يكون النهار خلفة لليل ولا .الليل خلفة للنهار

ولكن لكى يأتى الليل والنهار يخلف كل منهما الآخر .. فلابد أن يكون هناك دوران للأرض لتحدث حركة تعاقب الليل والنهار.. فثبوت الأرض منذ بداية الخلق لا يجعل الليل والنهار يتعاقبان .. ولكن حركة دوران الأرض حول نفسها هى التى ينتج عنها هذا التعاقب أو .هذه الخلفة التى أخبرنا الله سبحانه وتعالى بها

.(إذن فقول الحق سبحانه وتعالى : (وجعلنا الليل والنهار خلفة

.يحمل معنيين .. المعنى الأول : أنهما خلقا معاً .. فلم يسبق أحدهما الآخر .. وهذا إخبار لنا من الله سبحانه وتعالى بأن الأرض كروية

.والمعنى الثانى : أن الأرض تدور حول نفسها .. وبذلك يتعاقب الليل والنهار

أعلى

معنى .. كروية الأرض

وهكذا نرى الإعجاز القرآنى .. فالقائل هو الله .. والخالق هو الله .. والمتكلم هو الله .. فجاء فى جزء من آية قرآنية ليخبرنا إن الأرض كروية وأنها تدور حول نفسها .. ولا ينسجم معنى هذه الآية الكريمة إلا بهاتين الحقيقتين معاً .. هل يوجد أكثر من ذلك دليل مادى على أن الله هو خالق هذا الكون؟

:ثم يأتى الحق سبحانه وتعالى ليؤكد المعنى فى هذه الحقيقة الكونية لأنه سبحانه وتعالى يريد أن يُرى خلقه آياته فيقول

 خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ 5

الآية 5 من سورة الزمر

وهكذا يصف الحق سبحانه وتعالى بأن الليل والنهار خلقا على هيئة التكوير .. وبما أن الليل والنهار وجدا على سطح الأرض مهاً فلا يمكن أن يكونا على هيئة التكوير .. إلا إذا كانت الأرض نفسها كروية  بحيث يكون نصف الكرة مظلماً والنصف الآخر مضيئاً وهذه .حقيقة قرآنية أخرى تذكرنا لأنا أن نصف الأرض يكون مضيئاً والنصف الآخر مظلماً

فلو أن الليل والنهار وجدا على سطح الأرض غير متساويين فى المساحة .. بحيث كان أحدهما يبدو شريطاً رفيعاً .. فى حين يغطى الآخر معظم المساحة ، ما كان الاثنان معاً على هيئة كرة .. لأن الشؤيط الرفيع فى هذه الحالة سيكون فى شكل مستطيل أو مثلث أو مربع .. أو أى شكل هندسى آخر حسب المساحة التى يحتلها فوق سطح الأرض .. وكان من الممكن أن يكون الوضع كذلك باختلاف .(مساحة الليل والنهار .. ولكن قوله تعالى : (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل

دليل على أن نصف الكرة الأرضية يكون ليلا والنصف الآخر نهاراً .. وعندما تقدم العلم وصعد الإنسان إلى الفضاء ورأى الأرض .وصورها .. وجدنا فعلا أن نصفها مضئ ونصفها مظلم كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى

:فإذا أردنا دليلا آخر على دوران الأرض حول نفسها لابد أن نلتفت إلى الآية الكريمة فى قوله تعالى

الآية 88 من سورة النمل

وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ 88

.(عندما نقرأ هذه الآية ونحن نرى أمامنا الجبال ثابتة جامدة لا تتحرك نتعجب .. لأن الله سبحانه وتعالى يقول : (تحسبها جامدة

ومعنى ذلك أن رؤيتنا للجبال ليست رؤية يقينيه .. ولكن هناك شيئاً خلقه الله سبحانه وتعالى وخفى عن أبصارنا .. فمادمنا نحسب فليست هذه هى الحقيقة .. أى أن مانراه من ثبات الجبال وعدم حركتها .. ليس حقيقة كونية .. وإنما إتقان من الله سبحانه وتعالى وطلاقة قدرة منه بأنه خلق شيئاً جعلنا نراه على غير حقيقته وتلك طلاقة قدرة الخالق .. لأن الجبل ضخم كبير بحيث لا يخفى عن أى عين .. فلو كان حجم الجبل دقيقاً لقلنا لم تدركه أبصارنا كما يجب .. أو أننا لدقة حجمه لم نلتفت إليه هل هو متحرك أم ثابت .. ولكن .الله خلق الجبل ضخماً يراه أقل الناس إبصاراً حتى لا يتحجج أحد بأن بصره ضعيف لا يدرك الأشياء الدقيقة

.وفى نفس الوقت قال لنا أن هذه الجبال الثابتة تمر أمامكم مر السحاب

ولماذا استخدم الحق سبحانه وتعالى حركة السحب وهو يصف لنا تحرك الجبال ؟ .. لأن السحب ليست لها ذاتية الحركة .. فهى لا تتحرك من مكان إلى آخر بقدرتها الذاتية .. بل لابد أن تتحرك بقوة تحرك الرياح .. ولو سكنت الريح لبقيت السحب فى مكانها بلا .حركة .. وكذلك الجبال

الله سبحانه وتعالى يريدنا أن نعرف أن الجبال ليست لها حركة ذاتية أى أنها لاتنتقل بذاتيتها من مكان إلى آخر .. فلا يكون هناك جبل فى أوروبا ، ثم نجده بعد ذلك فى أمريكا أو آسيا .. ولكن تحركها يتم بقوة خارجة عنها هى التى تحركها .. وبما أن الجبال موجودة .فوق الأرض .. فلا توجد قوة تحرك الجبال إلا إذا كانت الأرض نفسها تتحرك ومعها الجبال التى فوق سطحها

وهكذا تبدو الجبال أمامنا ثابتة لأنها لاتغير مكانها .. ولكنها فى نفس الوقت تتحرك لأن الأرض تدور حول نفسها والجبال جزء من الأرض ، فهى تدور معها تماماً كما تحرك الريح السحاب .. ونحن لا نحس بدوران الأرض حول نفسها .. ولذلك لا نحس أيضا .بحركة الجبال

(وقوله تعالى : (وهى تمر مر السحاب

معناها أن هناك فترة ومنية بين كل فترة تمر فيها .. ذلك لأن السحاب لا يبقى دائماً بل تأتى فترات ممطرة وفترات جافة وفترات تسطع .فيها الشمس .. وكذلك حركة الجبال تدور وتعود إلى نفس المكان كل فترة

وإذا أردنا أن نمضى فالأرض مليئة بالآيات .. ولكننا نحن الذين لا نتنبه .. وإذا نبهنا أحد فإن الكفار يعرضون عن آيات الله .. تماماً كما :حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حين قال له الكفار فى قوله تعالى

من الآيتين 90 و 91 من سورة الإسراء

وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا 90 أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا 91 أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً 

.وكان كل هذا معاندة منهم .. لأن الآيات التى نزلت فى القرآن الكريم فيها من المعجزات الكثير الذى يجعلهم يؤمنون

أعلى

السير فى الأرض

والحقائق الكونية فى القرآن الكريم تتوالى .. والآيات تلو الآيات .. ترينا إعجاز الخلق ودقة إخبار الخالق لنا عن أسرار السموات :والأرض .. الله سبحانه وتعالى يقول

 قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ 11 

الآية 11 من سورة الأنعام

عندما نزلت هذه الآية الكريمة أخذنا معناها على أننا نسير فى أنحاء الأرض .. ولم نتنبه إلى الحقيقة وهى أننا نسير على الأرض.. أى (فوق سطحها وليس فى بطنها فكيف يقول لنا الحق  (سيروا فى الأرض

ولماذا لم يقل سيروا على الأرض .. ثم تأتى الحقيقة العلمية وهي أننا فعلا نسير فى الأرض  وليس على الأرض .. لأن هناك غلافاً .جوياً يحيط بالأرض وهو جزء منها .. ونحن لا نخرج من الأرض إلا إذا خرجنا من هذا الغلاف الجوى

فالطائرات التى تطير على ارتفاعات مختلفة تطير فى الأرض وليس خارج الأرض ..ولكن الذى يخرج من الأرض هى سفن الفضاء التى تتجاوز الغلاف الجوى للأرض .. وبدون تجاوز هذا الغلاف لا تستطيع أن ترى صورة الأرض كاملة .. لأنك مادمت قد أصبحت خارج الشئ تتضح أمامك الصورة  فأنت خارج عمارة مثلا تستطيع أن تعرف شكل العمارة ولكنك من داخلها ومن أى مكان فيها..لا .تستطيع أن ترى الصورة كاملة

وعلى أية حال .. فإنه علمياً أنت لا تكون خارج الأرض إلا إذا خرجت من الغلاف الجوى المحيط بها .. لأن الأرض والغلاف الجوى .شئ واحد

(وقوله تعالى : (سيروا فى الأرض

..يجعلنا نتساءل أين نسير ؟ .. نحن نسير حقيقة على سطح الأرض ولكننا نسير فى الأرض  أى بين سطح الأرض والغلاف الجوى

فما تحتنا هو أرض وما فوقنا هو جزء مكمل للأرض ، وهو الغلاف الجوى .. وهكذا نرى دقة تعبير القرآن الكريم فى وصفه لحركة .الإنسان فى الأرض

.وإذا كان هذا الوصف يعطينا معجزة .. فإن الأرض نفسها تعطينا معجزة أخرى

نحن نرى ونمشى فى مزارع الأرض وحدائقها .. ونرى أمامنا الأشجار المختلفة والنباتات المختلفة  ولكن هل يفكر أحد منا فى ..معجزة الخلق فى هذه النباتات التى نراها كل يوم .. نحن نعرف أن النباتات تحصل على غذائها بواسطة جذورها الشعرية الدقيقة

..!التى تضرب فى الأرض .. فتأخذ منها عناصر الغذاء التى تعطيها النمو والثمر . هذه الأشجار كيف تتغذى؟

يقول العلماء : إن الغذاء يصعد من جذور النباتات إلى الساق والأوراق والثمار ليغذيها .. بواسطة ما يسمى بالضغط الاسموزى ، أو ..نظرية الأنابيب الشعرية .. ويدللون على صحة نظريتهم بأنهم يأتون بإناء واسع ويضعون فيه أنابيب شعرية .. فنرى الماء يصعد فيها

.وهكذا أراد العلم أن يفهمنا أن العملية فيها ميكانيكية الغذاء .. دون أن يكون فيها آيات الخلق وإعجاز الخالق

نقول : إن هذا التفسير العلمى قد أوضح شيئاً وغابت عنه أشياء .. فالماء يصعد فعلا فى هذه الأنابيب الشعرية .. ولكنه يصعد بكل .محتوياتهفالأنابيب الشعرية لا تميز بين عناصر الماء  فتأخذ عنصراً وتترك عنصراً .. ولكن فى النبات .. الأمر يختلف تماماً

أعلى

الشجر .. ومعجزة الخلق

فالغذاء فى الأرض بعناصره كله واحد متجانس .. ولكننا نرى كل شجرة تأخذ من هذا الغذاء ما يناسب ثمارها .. أى أنها تختار العناصر اللازمة لها .. وتترك الباقى ولا تأخذه .. ولذلك نرى الزرع ينبت فى مكان واحد ويسقى بماء واحد .. ولكن كل ثمرة لها طعم وشكل ولون ورائحة وحجم يختلف عن الأخرى  فهذه حلوة .. وهذه مره .. وهذه صغيرة وهذه كبيرة .. وهذه لونها أحمر وتلك لونها أحمر وتلك لونها أصفر  والثالثة لونها أبيض وهذه لها رائحة نفاذة وتلك ليس لها رائحة .. أشكال وألوان مختلفة .. وكل شجرة من هذه الأشجار تأخذ من الأرض ما يناسبها من عناصر التكوين الدقيق لها بكل تفاصيله وتترك الباقى .. ونرى شجرة التفاح ثمرها حلو ورائحتها نفاذة .. وبجانبها الليمون طعمه حامض وبجانبها الحنظل طعمه مر .. وثمرة نأكلها ونترك ما بداخلها مثل المشمش والخوخ والبلح .. وثمرة ننزع غلافها ولا نأكله ولكننا نرميه كالبرتقال والبطيخ .. وثمرة لها غلاف هش كالبرقوق مثلا .. وثمرة غلافها جامد قوى لا تستطيع أن تنزعه بيدك كالجوز واللوز والبندق وجوز الهند  وثمرة صالحة للتخزين أياماً أو أسابيع كأنواع من البطيخ .. .وثمرة صالحة للتخزين شهوراً طويلة كالجوز واللوز

وأستطيع أن أمضى بلا نهاية فى وصف أنواع الثمر المختلفة التى تنبتها الأشجار .. ولكننى أفضل أن أذكر الآية الكريمة التى يقول :فيها الحق سبحانه وتعالى

 وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 4

الآية 4 من سورة الرعد

ونحن نمر على الجنات الموجودة فى كل أنحاء الأرض ونرى هذه الآيات .. ثم بعد ذلك نتساءل : أين الدليل المادى على أن الله هو الخالق سبحانك ياربى القائل

وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ 4

الآية 4 من سورة الأنعام

:وصدق الله العظيم فى قوله تعالى

قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ 17

الآية 17 من سورة عبس

أعلى