البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الأدلـــة المــادية على وجود الله سبحانه وتعالى

لفضيلـة الشيخ المرحـوم محمد متولـي الشعراوي طيب الله ثراه


وفى كل شئ دليل

الله سبحانه وتعالى جعل القرآن معجزة باقية إلى يوم القيامة .. ولذلك وضع فيه الدليل تلو الدليل على ما يتحدى به غير المؤمنين ليرد على ادعاءاتهم .. ولقد قيل إن عصر المعجزات انتهى  ولكن معجزات القرآن لا تنتهى حتى تقوم الساعة .. ومعانى الآيات لا تتضح فى عصر واحد

بل كل عنصر نصل إلى معنى لم نكن قد وصلنا إليه .. والقرآن معجزة ومنهج . المنهج وهو ما رسمه الله لنا كطريق للعبادة والحياة تم تفسيره وبيانه كاملا فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم  فالعبادات والمعاملات وغيرهما فيما يتصل بأفعل ولا تفعل .. بينه .رسول الله صلى الله عليه وسلم

فالصلوات المفروضة فيه مثلا خمس لا تزيد ولا تنقص إلى يوم القيامة وكذلك الأحكام وكل ما يتعلق بمنهج السماء .. كلها أشياء .حسمت وبينت تماماً .. ولكن المعجزة فى القرآن الكريم هى التى بقيت لتعطى كل جيل معنى إعجازيا لم يصل إليه الجيل الذى قبله

ولو أن معجزة القرآن توقفت عند النزول لجمد القرآن فلم يعد يعطى شيئا جديداً .. ولكن لأن هذا الكتاب معجزة باقية متجددة .. فهو .يعطى لكل جيل عطاء جديداً .. وهكذا نجد فى كل عصر عطاء للقرآن لم يكن موجوداً فى العصر الذى قبله

:فإذا قرأنا مثلا الآيات الكريمة

غُلِبَتِ الرُّومُ 2 فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3

 من سورة الروم

وجدنا أن عطاء (أدنى) حين نزل القرآن كانت - كما قلنا - بمعنى المكان القريب لأرض العرب .. ولما تقدم العلم واستطاع الإنسان أن ..يصور سطح الأرض بالأقمار الصناعية .. وجد أن مكان المعركة بين الروم والفرس هو أكثر الأماكن انخفاضاً على سطح الأرض

:وإذا قرأنا الآية الكريمة

إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ 42

من الآية 42 من سورة الأنفال

نجد أن الله سبحانه وتعالى قد حدد ثلاثة مواقع .. موقع المؤمنين وهم قريبون إلى المدينة المنورة  وموقع الكفار وهم بعيدون عن مكة (المكرمة .. أى أن المؤمنين أقرب إلى مدينتهم وأهلهم .. والكفار بعيدون عن مدينتهم وأهلهم .. ثم قال تعالى  (والركب أسفل منكم

.والركب هو قافلة أبو سفيان التى أفلتت من المؤمنين

:والمعروف أن أبا سفيان لكى يفلت بقافلته من المؤمنين غير مساره واتخذ طريق الساحل .. وهنا يجب أن نلتفت إلى قوله تعالى

أسفل منكم

.أى موقع منخفض عنكم

والمعروف أن ساحل البحر هو أكثر الأماكن انخفاضاً فى الأرض .. ولذلك تقاس كل الارتفاعات بسطح البحر .. فيقال : هذا المكان .يعلو ألف متر عن سطح البحر أو مائة متر أو غير ذلك

إذن فسطح البحر المقياس الذى اتخذه العالم كله ليساوى صفراً فى الارتفاع .. تقاس عليه كل الارتفاعات فى الدنيا .. ولذلك قوله تعالـى : (أسفل منكم) .. يلفتنا إلى هذه الحقيقة .. ولكن القرآن الكريم لم يكتف بأن يبين هذا بل بين لنا أن هناك بقعة على سطح الأرض .هى أكثر البقع انخفاضاً على سطحها .. وهى التى دارت فيها المعركة بين الروم والفرس

أعلى

أصل العلم من الله

:وإذا قرأنا القرآن الكريم .. نجد أن الحق سبحانه وتعالى قد لفتنا إلى مصدر العلم للبشرية كلها .. فقال سبحانه وتعالى

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31

من الآية 31 من سورة البقرة

وهكذا حدد القرآن الكريم فى إعجاز مذهل مدخل العلم إلى البشر .. فأنت حين تريد أن تعلم طفلك عندما يبدأ يميز الأشياء .. لا بد أن ..تعلمه الأسماء أولا .. فتقول له  هذا كوب وهذا قلم وهذا كرسى  وهذا طعام إلى آخر ذلك

ونحن إذا لم نعلم الطفل هذه الأسماء فإنه لا يستطيع أن يفهم شيئاً ولكنه إذا تعلم الأسماء أصبح بعد ذلك قادراً على استيعاب العلم .. ولذلك ففى الدنيا كلها وبالنسبة للبشرية كلها .. لا بد أن نبدأ بأن نعلم أطفالناأسماء الأشياء .. ثم بعد ذلك تختلف نظم التعليم من دولة إلى .أخرى ومن طريقة إلى أخرى .. ولكنها كلها لا بد أن تبدأ بتعليم الأسماء .. وهكذا نعرف أن بداية العلم من الله سبحانه وتعالى

فقد بدأ الحق جل جلاله بتعليم الإنسان الأسماء .. وما زالت هذه البداية موجودة حتى الآن فى كل نظم التعليم .. الأسماء أولا .. فإذا .تعلم الطفل الأسماء بدأ يستوعب أى شئ آخر .. ونحن لا نعلم الطفل الأسماء فى المدرسة فقط

ولكن هذا هو علم الفطرة .. تبدؤه الأم مع طفلها قبل أن يذهب إلى المدرسة .. والأم المتعلمة وتلك التى لم تنل حظا من التعليم .. كلتاهما تبدأ بتعليم ابنها الأسماء .. لأن علم الفطرة تكون منه البداية دائماً .. ثم بعد ذلك يتطور ويتبدل .. ولا يمكن أن يتم التفاهم بين الأم وطفلها ولا بين طفل وطفل آخر إلا إذا تعلما الأسماء أولا .. والعلم فى الدول المتقدمة والدول المتخلفة لابد أن يبدأ بالأسماء باعتبارها .أساس التفاهم فى الحياة ولكن هناك إعجازاً اخر بالعلم البشرى .. لابد أن نلتفت إليه .. وهو يحمل إلينا الدليل اللغوى على وجود الله

أعلى

اللغة .. تدل على الوجود

فاللغة هى أساس التفاهم بين البشر .. واللغة ليست بيئة ولا حضارة ولا جنسا ولا لونا .. ولكنها تعتمد أساساً على السماع .. فإذا سمع الإنسان تكلم ، وإذا لم يسمع لا يتكلم .. ولذلك تجد دائماً أن الأصم الذى لا يسمع أبكم لا ينطق .. فيقال دائماً : الصم والبكم .. لأن أساس ..الكلام هو السماع

ولكى نفهم هذه الحقيقة جيداً وهى أن اللغة لا علاقة لها إلا بالسمع .. نقول : إننا إذا أتينا بطفل عربى وأخذناه بعد ولادته إلى بريطانيا مثلا .. بحيث لا يسمع إلا اللغة الإنجليزية .. نجد أن هذا الطفل يتكلم الإنجليزية فإذا حاولت أن تتحدث معه باللغة العربية فإنه لا يفهمك.. مع أنه عربى الأصل .. من أب وأم عربيين .. ولكنه لا يستطيع أن ينطق حرفاً واحداً من اللغة العربية لأنه لم يسمعها .. فإذا جئنا بطفل إنجليزى وأخذناه إلى بلاد العرب فإنه سينشأ وهو يتكلم اللغة العربية  ولا يعرف حرفاً من الإنجليزية .. مع أنه من أصل إنجليزى .. وإذا أتينا بطفل أفريقى وكررنا معه نفس التجربة فسنحصل على نفس النتيجة .. إذن فاللغة لا علاقة لها بالأصل ولا باللون .ولا بأى شئ آخر غير السماع

..وآدم حين خلقه الله وخلق حواء .. لابد أنه كان بينهما طريقة للتفاهم وإلا كيف تفاهما ؟

لا بد أنه كان بينهما لغة ماتفاهما بها .. ثم جاء أولاد آدم فكان بين آدم وحواء وأولادهما لغة للتفاهم سجلها الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم فى قوله سبحانه

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ 27  

الآية 27 من سورة المائدة

إذن الثابت يقينا من القرآن الكريم أنه كانت هناك وسيلة للكلام بين آدم وأولاده .. وإذا كنا قد أثبتنا بالدليل المادى أن الإنسان لا يمكن أن :يتكلم إلا إذا كان قد سمع .. وأن اللغة أساسها السماع .. فلابد أن آدم قد سمع حتى يستطيع أن يتكلم .. فإذا قال لنا الله سبحانه وتعالى

وعلم آدم الأسماء كلها

إذن فلابد أن يكون آدم قد سمع الأسماء من الله سبحانه وتعالى ، وبما أن السمع هو وسيلة النطق بالكلام .. فكأن سماع آدم للأسماء من الله هو الذى علمه الكلام .. بدليل أن الله سبحانه وتعالى قال

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 32 قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ 33

الآيات من 31 - 33 من سورة البقرة

أى أن آدم تكلم وأنبأ الملائكة بالأسماء التى علمها الله له .. وإذا كان آدم نطق وتكلم فلابد أنه سمع من الله سبحانه .. وحواء سمعت من .آدم فتكلمت .. وأولاد آدم وحواء سمعوا منهما فتكلموا

أعلى

الكلام من السماع

..هناك بعض الناس يقول : إن الإنسان الأول لم يكن يتكلم ، وإنما كان يتفاهم بالإشارة ثم بعد ذلك تكلم .. وتقول : إن هذا غير صحيح

..لأن أى إنسان لكى يتكلم لابد أن يسمع أولا .. فممن سمع أول إنسان تكلم سواء كان آدم أو من بعده ؟ .. إن الكلام لا يأتى إلا بالسماع

والذين يتفاهمون بالأشارة يظلون طوال حياتهم يتفاهمون بنفس الأسلوب .. إلا إذا سمعوا من غيرهم  حينئذ تبدأ عندهم ملكة الكلام .. .والصم والبكم الذين يعالجون من هذا الداء .. إذا لم يسمعوا فلن يتكلموا

فإذا قال أحدهم إن البشر يتحدثون بلغات مختلفة ولهجات مختلفة .. نقول إن هذا دليل لنا وليس علينا أن اللغة مصدرها البيئة .. وليس .الجنس أو اللون أو أى شئ آخر .. وإن الكلام ليس صفة وراثية تولد مع الإنسان ولكنها صفة سمعية فلابد من السمع أولا

وهكذا تعطينا القرائن كلها أن الله سبحانه وتعالى هو الذى علم البشرية الكلام بأن علم آدم الأسماء..ولا يمكن أن تكون هناك بداية- علما .ولا عقلا - إلا هذه البداية التى ذكرها الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم

أعلى

لفظ الجلالة وإعجاز التحدى

وإذا كنا نريد أن نمضى فى هذا الإعجاز فأمامنا مجالات كثيرة .. لفظ الجلالة .. كلمة : {الله} سبحانه وتعالى .. من أين جاءت ؟ .. إن الثابت لغويا أن المعنى لابد أن يوجد أولا ثم يوجد اللفظ أو الاسم  فإذا لم يوجد المعنى لا يوجد اللفظ فى اللغة .. وكل الاختراعات الحديثة التى لم تكن البشرية تعرف عنها شيئاً لم توجد لها أسماء إلا بعد أن وجدت وعرفناها .. والإنسان لا يستطيع أن يفهم الكلام إلا إذا كان المعنى موجوداً فى عقله .. ولذلك فإن المجامع اللغوية فى العالم تضيف كل فترة ألفاظاً لمعان لم تكن موجودة ثم وجدت .. .فكان لابد أن توجد لها ألفاظ تعبر عنها

وعلى أية حال فإن العقل البشري يعجز عن فهم أى لفظ إذا لم يوجد فى عقولنا المعنى أولا .. حتى أنك إذا حدثت أى إنسان بلفظ لا يفهمه .. فلابد أن يعرف المعنى أولا ثم بعد ذلك يفهم اللفظ  ولكن الله سبحانه وتعالى غيب عنا .. لم يره أحد .. ومع ذلك فإن لفظ الجلالة موجود فى كل لغات العالم  والعقول كلها تفهمه .. فكيف يمكن أن يحدث هذا ؟ إلا إذا كان فى داخلنا الإيمان الفطرى الذى .يعرفنا معنى لفظ الجلالة

:وهنا تأتى الآية الكريمة لتبين لنا هذا الإعجاز فيقول الله سبحانه وتعالى

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ 172

الآيه 172 من سورة الأعراف

إذن فلابد أن الله قد اشهدنا على نفسه ، وعندما ذكر لفظ الجلالة فهمناه .. ولابد أنه سبحانه وتعالى أشهد البشرية كلها .. لأنه لا توجد لغة فى العالم ليس فيها لفظ الجلالة .. بل إن التحدى والإعجاز الإلهى يمضى أكثر من ذلك .. فيقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه :الكريم

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا 65

الآية 65 من سورة مريم

وهكذا أخبرنا الحق سبحانه وتعالى أن لفظ الجلالة لن يطلق على أحد غير ذاته الكريمة .. وهكذا تحدى الله البشرية كلها فى أمر اختيارى .. فالاسم هو شئ من اختيار الإنسان .. ويوجد فى الكون الكفرة والملحدون وشياطين الإنس وغيرهم .. فهل سمعت عن واحد سمى نفسه الله ؟ .. أو اسمى ابنه الله ؟ .. لم يحدث ولن يحدث .. لأن الحق سبحانه وتعالى اختص بهذا الاسم ذاته الكريمة .. فلا يمكن لبشر أن يتخطى مراد اللهليطلق لفظ الجلالة على نفسه أو أولاده .. بل إن الذين ادعوا الألوهية مثل فرعون وغيره .. ونصبوا أنفسهم .آلهة يعبدون من دون الله .. لم يجرؤ واحد منهم ولم يخطر على باله أن يسمى نفسه الله

وهكذا جاء التحدى للبشر جميعاً فى أمر اختيارى ليؤكد للدنيا كلها . أن أحداً لا يستطيع أن يخالف مرادات الله فى كونه .. ولو كانت هذه المخالفة فى منطقة الاختيار للإنسان ، ولو كانت هذه المخالفة من ملحد محارب لدين الله يريد الاضلال فى الأرض .. أيوجد دليل مادى أكبر من هذا ؟

أعلى

التعداد دليل مع القرآن

:فإذا تركنا الأدلة اللغوية فإننا نجد هناك دليلا إحصائيا على وجود الحق سبحانه وتعالى .. فالله سبحانه وتعالى يقول

 يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13

الآية 13 من سورة الحجرات

الحق سبحانه وتعالى يخبرنا أن الخلق بدأ من ذكر وأنثى وهما آدم وحواء ثم جاء منهما كل هذا الخلق الذى نراه .. الدليل الإيمانى على ذلك أن الله هو الذى قال .. والدليل المادى على ذلك هو أن علم الاحصاء يقول ذلك .. فإذا تتبعنا البشر فى الكون نجد أن تعداد الناس .فى العالم اليوم يصل إلى كذا بليون نسمة

فإذا فرضنا مثلا أن تعداد سكان العالم اليوم خمسة آلاف مليون .. فكم كان عدد سكان العالم منذ قرن مضى ؟ .. سنجد أن تعدادهم كان .أقل .. مثلا أربعة آلاف مليون ومنذ ثلاثة قرون مثلا كم كان عدد سكان العالم ؟ طبعاً كانوا أقل

ومنذ عشرين قرناً من الزمان كم كان عدد سكان العالم ؟ .. نقول إنهم كانوا بضعة ملايين .. ومنذ ثلاثين قرنا من الزمان كم كان عدد سكان العالم ؟ .. نقول كانوا مليونين أو ثلاثة .. إذا كلما عدنا بالزمان إلى الوراء نجد أن عدد البشرية يتناقص .. وكلما تقدمنا بالزمن ..نجد أن عدد البشرية يتزايد .. أليست هذه حقيقة إحصائية ؟

أيستطيع أحد من الماديين أو غير المؤمنين أن ينكر أنه كلما عدنا بالزمن إلى الوراء ، فإن عدد البشر يتناقص ؟ .. وإذا كانت هذه هى القاعدة المعترف بها .. فمعنى ذلك أنه كلما عدنا إلى الماضى تناقص عدد البشر .. ويظل عدد البشر يتناقص ويتناقص حتى نصل إلى ..نقطة البداية التى بدأت عندها حياة البشر .. فتكون هذه النقطة من ذكر وأنثى

إذن التناقص فى عدد البشرية الذى عرفناه وسجلناه بالاحصاءات لابد أن ينتهى إلى البداية التى بدأ منها تكاثر هذا الخلق وهما الذكر .والأنثى .. وكلما مر الزمن زادت أعداد البشر حتى وصلنا إلى تعداد العالم الأن

فلو أن تعداد البشر كان يتناقص مع الزمن .. أى أن الدنيا بدأت بألف مليون إنسان وانتهت فى عصرنا هذا بمائة مليون .. لكان ذلك يؤكد لنا أنه من المستحيل أن تكون البشرية قد بدأت بذكر وأنثى .. لأن الدليل العلمى سيكون فى هذه الحالة شاهداً على أن ذلك لا يمكن .أن يحدث

ولكن كون البشر يتزايد عددهم مع مرور الزمن ويتناقص عددهم كلما عدنا إلى الوراء فى الماضى  حتى أنه فى العصور الأولى لم .تكن إلا أجزاء صغيرة من الأرض يعيش فيها الناس .. والباقى لا يوجد فيه أحد فهذا يعطينا الدليل على أن البداية كانت من ذكر وأنثى

أعلى

معجزة جيش أبرهة

فإذا ذهبنا إلى التاريخ فنحن نجد فيه الدليل المادى على وجود الله سبحانه وتعالى .. وعلى علمه وعلى معجزاته .. أقرأ قوله تعالى فى هذه السورة الكريمة .. سورة الفيل

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ 1 أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ 2 وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ 3 تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ 4 فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ 5

سورة الفيل

هذه معجزة لم يأت بها رسول .. ولم تنزل لتثبيت الإيمان على قوم نبى كان يدعو قومه للإيمان وهم لا يؤمنون .. ولكنها حدثت لإثبات .القدسية والحماية لبيت الله الحرام

ولقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عام الفيل .. وكانت هذه المعجزة علامة على أن دين الله الذى سينزل على هذا الرسول إذا .تخلى عنه البشر جميعاً .. فإن الله جل جلاله سيحميه ويحفظه

والقصة معروفة وبطلها ملك الحبشة فى ذلك الوقت أبرهه .. الذى بنى بيتاً ليحج إليه الناس بدلا من الكعبة .. وجاء بعض الأعراب وألقوا فيه قاذورات ، فصمم أبرهه أن ينتقم بهدم الكعبة .. وأخذ جيشاً ضخماً وعدداً كبيراً من الأفيال وذهب إلى مكة .. فلما رأى أهل .مكة هذا الجيش هربوا وفروا فجاء الطير وألقى عليهم بحجارة من جهنم قضت على أبرهه وجيشه وأفياله فى دقائق

القصة يرفض تصديقها العقل غير المؤمن .. إذ كيف يمكن لطير صغير أن يقضى على جيش من الأفيال .. بينما لو وقفت مئات من الطير على جسد فيل واحد لا يحس بها .. ولقد توقف بعض العلماء عند هذه السورة الكريمة فقالوا : إن الله أرسل جراثيم لتقضى على أبرهة وجيشه .. وكأنهم يريدون أن يسهلوا الأمر على الله ! ، مع أن الله على كل شئ قدير .. نقول : لقد ولد رسول الله صلى الله عليه ..وسلم فى عام الفيل .. وبعث فى الاربعين .. ونزلت هذه السورة فى مكة فى بداية الدعوة الإسلامية .. وكان الكفار هم القوة والعزة

.والمسلمون هم القلة والضعف .. وكان الكفار يبحثون عن أى شئ للطعن فى الدين الإسلامى

نقول : إن هذه السورة نزلت فى مكة .. والرسول صلى الله عليه وسلم كلفه الله بالرسالة وعمره أربعون سنة .. أى أن هناك من أهل مكة من كان يبلغ الخامسة والخمسين والخامسة والستين والخامسة والسبعين وهم قد شهدوا هذه المعجزة ، ورأوها رؤية العين .. ولو أن الطير لم تأت وجيش أبرهة لم يتم إفناؤه فى لحظات .. لقال هؤلاء الناس : إن هذا الكلام غير صحيح .. ولقد كنا موجودين فى مكة ..فى هذا الوقت ولم نر طيرا جاءت ولا جيشا أفنى .. ولطعنوا بذلك فى الإسلا م وفى القرآن وفى أنه كلام الله ولكن كون الطير جاء

.وكون المعجزة تمت .. لم يجرؤ أحد من أعداء الإسلام أن يطعن فيه

وهكذا يعطينا الحق سبحانه وتعالى دليلا من التاريخ لمعجزة مشهودة حدثت .. ويعطينا معها الدليل على صدق حدوثها .. فإذا أضفنا إلى :ذلك ما ذكرناه سابقاً عن قوله تعالى

ألم غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون

.لوجدنا دليلا تاريخيٌّا آخر .. ثم يأتى بعد ذلك دليل ثالث يضيف إلى هذه الأدلة التاريخية

أعلى

شهادة التاريخ

..نلاحظ الحق سبحانه وتعالى عندما يذكر فى القرآن الكريم شيئاً عن حاكم مصر فى عصر موسى عليه السلام .. كان يسميه فرعون

:أى أن الذين حكموا مصر أطلق عليهم القرآن اسم الفراعنة .. فيقول تعالى

وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ 51

الآية 51 من سورة الزخرف

وهذا يتفق مع التاريخ فى أن الذين حكموا مصر فى العصور القديمة هم الفراعنة .. إذن حكام مصر القدامى فراعنة .. والقرآن سماهم فراعنة .. فإذا أتينا إلى سورة يوسف عليه السلام وجدنا أن الله سبحانه وتعالى ، وهو يروى لنا فى القرآن الكريم قصة يوسف فى مصر .. لم يلقب حاكم مصر بفرعون .. بل لقبه بالملك فقال تعالى

وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ 54

الآية 54 من سورة يوسف

:وقوله تعالى

وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ 43

من الآية 43 من سورة يوسف

إذن فثابت من القرآن الكريم أن يوسف عاش فى مصر .. وأنه خلال وجوده فى مصر اختلف فى القرآن الكريم اسم حاكم مصر .. فلم يكن يلقب بفرعون .. بل لقب باسم الملك ويمضى الزمن ويكتشف حجر رشيد ثم تحل رموز اللغة المصرية القديمة .. ويثبت أن يوسف عليه السلام عاش فى مصر فى الفترة التى احتلها فيها الهكسوس .. وأن هؤلاء لم يكونوا من الفراعنة .. وأن حاكمهم كان يطلق عليه اسم الملك .. ولم يكن يطلق عليه اسم فرعون .. وأن المصريين طردوا الهكسوس  وعاد الفراعنة إلى الحكم مرة أخرى .. من الذى أنبأ محمداً عليه الصلاة والسلام بهذه الحقائق التاريخية التى لم يعرفها العالم إلا فى الفترة الأخيرة بعد اكتشاف حجر رشيد ؟! . وكيف ..علم أن يوسف كان فى عهد الهكسوس .. وأن موسى كان فى عهد الفراعنة

وهكذا يأبى الحق سبحانه وتعالى إلا أن يعطينا الدليل المادى التاريخى على إعجاز هذا القرآن  وعلى أن الله يعلم ما فى الدنيا والآخرة .. وأنه بكل شئ عليم .. وحتى يظهر ذلك لعباده وبالدليل المادى جاء بحقيقة تاريخية لم يكن يعلمها أحد من البشر وقت نزول القرآن .. وذكرها فى كتابه العزيز .. حتى إذا تقدم الزمن وكشف الله لخلقه ما شاء من علمه .. ظهرت لهم هذه الحقيقة لتكون عطاء وإعجازاً جديداً للقرآن الكريم .. فى الوقت الذى تظهر فيه هذه الحقيقة وتخرج إلى علم البشر  حتى تكون معجزة من معجزات .القرآن يظهرها الله بعد نزول القرآن الكريم بقرون عديدة

على أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى من أسرار ملكه ماشاء لمن يشاء وكشف عما شاء من علمه لمن شاء .. ولكنه احتفظ لنفسه بعلم بدء الحياة أو الخلق . وبعوامل استمرار الحياة .. وبنهاية الحياة وهى الموت .. فمهما تقدم العلم وازدهر .. وكشف الله من أسرار كونه.. فإن الله هو الذى يحيى ويميت  وسيظل يحيى ويميت إلى أن تأتى الآخرة ويتم الحساب .. وتقبض روح ملك الموت .. فلا .يصبح هناك موت  ولكن خلود .. إما فى الجنة وإما فى النار

أعلى

الحياة .. والمؤثر من الله

:تأمل قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الشعراء

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ 78 وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ 79 وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ 80 وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ 81

الآيات من 78 - 81 من سورة الشعراء

وإذا أردنا أن نتأمل ما جاء فى هذه الآيات - ونستعرض الإعجاز فيها بإيجاز - نجد أن قضية الخلق محسومة لله سبحانه وتعالى .. فهو وحده الخالق .. والكل عاجز .. ولا أحد يستطيع أن يدعى أنه يقدر على خلق شئ ولكن قضية الموت فيها جدل .. فإذا قرأت قوله تعالى

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 258

من الآية 258 من سورة البقرة

والآية تروى قصة الحوار بين من آتاه الله الملك وإبراهيم عليه السلام فلما قال له إبراهيم : ربى يحيى ويميت .. أخذت من أتاه الله ..الملك والعزة فقال : أنا أحيى وأميت .. وجاء برجل من رعيته ، فحكم عليه بالإعدام وقال : هو ميت .. ثم عفا عنه وقال : أحييته

نقول  إن الناس لا تتنبه للفرق بين القتل والموت .. فالقتل هو إفساد لجسد الإنسان يجعل الجسد غير صالح لبقاء الروح فيه فتغادره ، :ولكن الموت هو إخراج الروح من الجسد دون هدم أو إفساد للجسد .. ولذلك فرق الله بين الاثنين فى القرآن الكريم فقال

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ 144

الآية 144 من سورة آل عمران

:وقال جل جلاله

وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ 158

الآية 158 من سورة آل عمران

.إذن الموت لله وحده ، هو الذى يميت ، ولكن القتل - وهو غير الموت - يمكن أن يتم على يد عباد الله

..ولأن الله هو الذى يميت .. فلا أحد ينجو من الموت أبدا .. لأن أمر الله نافذ على كل خلقه .. ولأن الإنسان يمكن أن يتم على يده القتل

.(فهناك من ينجو من القتل مرة ومرات لأن أمر الإنسان غير نافذ فى الكون .. ثم تقول الآية الكريمة  (والذى هو يطعمنى ويسقين

ويلاحظ فى الآية الأولى أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فقال  الذى خلقنى ولم يقل هو الذى خلقنى لأنه لا أحد ..ينازع الله فى الخلق ولكن الطعام والشراب جعلهما الله أسباباً للإنسان .. فجاء التأكيد هنا ليلفتنا إلى أن هذه الأسباب ليست هى الأصل

وإنما كل شئ من الله .. فالحبة فى أى نبات خلقها الله سبحانه وتعالى ووضع فيها خصائصها  وخزن فيها الغذاء الذى يلزمها حتى تستطيع جذورها أن تضرب فى الأرض لتأخذ منها عناصر الحياة  وهو الذى أعطاها خصائصها .. وخلق لها الأرض التى تزرع فيها .. وأنت تضع الحبة فى الأرض فتظل تتغذى على المخزون فيها من الغذاء الذى وجد فيها بقدرة الله .. ثم بعد ذلك تمتص من عناصر الأرض مايلزمها فقط وتترك الباقى ثم تظل تنمو وتنمو حتى تثمر بقدرة الله وليس بجهد بشر  فكأن الطعام كله من الله سبحانه .وتعالى

أعلى

والشراب أيضاً

من الله

فإذا جئنا إلى الشراب نجد أن كل مايشربه الإنسان هو من الله سبحانه وتعالى .. فالماء ينزل من السماء عذباً سائغاً بقدرة الله .. واللبن .نأخذه من الحيوان وهو مخلوق بقدرة الله

ولقد حاول العلم أن يصنع اللبن فجاء باللبن الطبيعى وحلله إلى عناصره .. ثم جاء بهذه العناصر وخلطها مع بعضها البعض بنفس النسب الموجودة فى اللبن الطبيعى .. ثم جاء بعشرين فأراً سقى عشرة منها اللبن الطبيعى .. والعشرة الباقية سقاها اللبن المصنوع من .نفس عناصر اللبن الطبيعى .. فنمت الفئران التى سقيت اللبن الطبيعى وماتت الفئران التى أعطيت اللبن الصناعى

وما زال العلم حتى الأن عاجزاً عن أن يصنع نقطة لبن واحدة .. بل إن بعض دول العالم التى تعانى نقصاً شديداً فى اللبن . لا تستطيع أن تحل الأزمة .. فتحرم اللبن على الكبار ليكون متوفراً للأطفال .. ومنها الاتحاد السوفيتى والصين وكوريا الجنوبية وغيرها من دول العالم .. ومن اإعجاز الإلهى أن هذا اللبن تعطيه لنا حيوانات يجرى فى عروقها الدم .. فلا يختلط اللبن والدم أبداً .. وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى

 وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ 66

الآية 66 من سورة النحل

على أن العلم البشرى كله عاجز حتى الأن عن أن يسقى الناس الماء أو اللبن .. فالإنسان الذى وصل إلى القمر عاجز عن أن يصنع ترعة صغيرة .. أو كوباً من اللبن .. أما باقى الإشياء الأخرى التى يشربها الإنسان فهى مما أوجدها فيها من ثمر يضاف إليها الماء أو .لا يضاف

أعلى

الشفاء والمرض بين القدرة والطب

.(فإذا جئنا إلى قوله تعالى  (وإذا مرضت فهو يشفين

نجد أن هناك جدلا كثيراً حول هذه الآية .. فلناس تقول إن الطبيب هو الذى يشفى . ولكن الحقيقة هى أن الشفاء بيد الله وحده .. وأن .الطبيب يعالج فقط .. وقد يأتى على يده الشفاء .. وقد يخطئ فى العلاج فيكون على يده الموت

والله سبحانه وتعالى جعل لكل داء أجلا فى الشفاء .. ولذلك يحدث كثيراً أن طبيباً مبتدئاً يكتب الدواء الصحيح لمريض عرض نفسه .على أكبر الأطباء فلم يعرفوا لدائه دواء وفى هذه الحالة قد يتعجب الناس ويقولون : إن هذا الطبيب حديث التخرج أعلم من أساتذته

نقول لهم : هذا تفسير خاطئ . فالاستاذ قطعا أعلم من تلميذه . وهو الذى علمه .. ولكن قدر الله سبحانه وتعالى بالشفاء جاء فكشف الله .عن الداء لهذا الطبيب المبتدئ .. فكتب الدواء وتم الشفاء

وليس معنى أن الله هو الشافى ألا نلتمس الوسيلة للعلاج . فنحن فى هذه الدنيا أمرنا الحق سبحانه وتعالى أن نأخذ بالأسباب .. ثم بعد .ذلك نتوكل على الله فى النتائج

.(والآية الكريمة تقول بعد ذلك : (والذى يميتنى ثم يحيين

ونلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فيقول : وهو الذى يميتنى ثم يحيين .. لأنه لا أحد يستطيع أن ينازع الله فى الموت أو البعث .. فإذا جاء الموت فلا أحد يستطيع أن يتأبى عليه .. أو يقول : لن أموت .. وإذا جاء البعث ، فالله وحده القادر على بعث الموتى .. وبذلك نكون قد أثبتنا بالدليل المادى أن بداية الحياة واستمرار الحياة ونهاية الحياة  هى من قدرات الله سبحانه .وتعالى وحده

وإذا كنا قد جئنا إلى نهاية هذا الكتاب .. فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون قد هدانا إلى ما يثبت الإيمان فى القلوب .. وما يرد على أولئك الملحدين الذين يدعون أنه لا توجد أدلة مادية فى الكون على وجود الله .. ونرجو من الحق جل جلاله أن يتقبل منا .. إنه .هو السميع العليم

أعلى