البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــة العـــامـــه

الإسـراء والمعــراج

 

 
 

للامام الشيخ المرحوم محمد متولي الشعراوي

 
 

 
   
 

الآية الكـــبرى


مازلنا مع مارآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في معجزة المعراج ووصوله إلى سدرة المنتهى وإذا كنا سنعرض لبعض مارآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا سنعطى أمثلة فقط لأننا لن نستطيع الإحاطة بكل الروايات

والناس في الدنيا مشغولون بشيئين المال يجمعونه من حلال وحرام وأعراض الناس يعتدون عليها قولا وفعلا

إذن فالمال والعرض هما أساس الفساد في الأرض

المال رآه رسول الله صلى اللله عليه وسلم فيما سيتعرض له أكلة الربا فقد رأى رسولنا عليه الصلاة والسلام قوما يسبحون في بحر من دم ويلقفون الحجارة بأفواههم فسأل عنهم جبريل عليه السلام فقال هؤلاء أكلة الربا

وهذا تجسيد مادى لما يفعله أكلة الربا ذلك أن الدم حين يكون فاسدا لافائدة منه فكأن هؤلاء الذين يأكلون الربا هم الذين أخرجوا المال عن وظيفته النافعة في الحياة ليفسدوه بالربا وبذلك يكونون قد منعوا المال من أن يؤدي دوره في حركة الحياة فيضيع الاقتصاد في الأرض ولذلك فهم استبدلو بالغذاء النافع للإنسان لقم الحجارة التي لاتنفع

والربا معناه أن يزداد الغنى غنى والفقير فقرا وليست هذه هي وظيفة المال في الدنيا لأن المال يستخدم في عمارة الأرض وفتح أبواب العمل للناس والتصدق على الفقير والمحتاج ولكن الربا بدلا من أن يجعل الدم يجري في العروق ليعطي الإنسان القدرة على العمل والإنتاج أخرجه من العروق ليصبح وسيلة لعدم العمل وعدم عمارة الأرض

فالمرابي لايزداد ماله بالعمل ولكن باستغلال حاجة الناس وهؤلاء أكلة الربا في بطونهم النار والنار وقودها الحجارة ولذلك فهم يلقمون الحجارة حتى تستمر النار مشتعلة في بطونهم لاتنطفئ أبدا فهم بلقمهم للحجارة ضمان لاستمرار الوقود حتى لاتنطفئ النار

أما عن الأعراض التي تمثل الفساد الثاني في الكون فقد رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الذين يعتدون على أعراض الناس قولا وفعلا والذين يعتدون على أعراض الناس قولا قوم لهم أظافر من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدورهم والوجه هو أكرم شئ في الإنسان

فأنت عندما تريد أن تذل إنسان تقول أنك وضعت أنفه في التراب ومعنى ذلك منتهى الذلة وهؤلاء قد اعتدوا على أعراض الناس قولا وشوهوا صورتهم فيأتي الله بهم يوم القيامة ليشوهوا أكرم شئ فيهم وهو الوجه جزاء بما شوهوا به صور الناس

الحلال و الحرام


ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسا يتركون اللحم الطيب أمامهم ويأكلون اللحم النتن فسأل جبريل عنهم فقال هؤلاء هم الزناة الرجل تكون عنده المرأة حلالا طيبا فيتركها ويذهب إلى المرأة في الحرام والمرأة يكون عندها الرجل حلالا طيبا وتذهب إلى الرجل في الحرام

ورأى رسول الله عليه الصلاة والسلام رجلا يحمل حملا لايقدر عليه ثم يمد يده إلى شئ آخر ليزيد حمله وقال جبريل هؤلاء هم الذين يحملون الأمانات ويعجزون عن أدائها ومع ذلك يحبون أن يزيدوا ظهورهم حملا بقبول أمانات جديدة

هذه هي بعض المرائي التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد يتساءل بعض الناس كيف رأى رسول الله المتكاسل عن الصلاة مع أن الصلاة المكتوبة في الإسلام لم تكن فرضت وكيف رأى كل مارأى مع أنه لم يأت زمانه بعد

نقول إن الله سبحانه وتعالى عالم غيب السموات والأرض كل شئ موجود في علمه

وإذا كنا نحن البشر إذا أردنا أن نبنى عمارة جعلنا لها نموذجا مصغرا يسمى ماكيت وكلما كان المهندس بارعا كان هذا النموذج بالغ الدقة والتفاصيل فكيف بالله سبحانه وتعالى وهو المبدع الأعظم لهذا الكون عنده صورة لما سيحدث في كونه من بداية الخلق إلى الخلود في الجنة أو النار وما سيحدث بعد ذلك مما لايعلمه إلا الله

وإذا كان المهندس البشرى كلما كان بارعا قامت العمارة وفق النموذج الذي أعده لاتختلف عنه كذلك عمارة الكون تتم وفق علم الله القدير الذي لايغيب عنه شئ في الأرض ولا في السموات والتنفيذ هنا بقدرة الخالق ومادام الله سبحانه وتعالى وحده عنده غيب السموات والأرض ففي علمه كل شئ وكما قلنا فإن عنده جل جلاله أمور يبديها ولايبتديها

ماهي سدرة المنتهى


وظل رسول الله صلى عليه وسلم ومعه جبريل يصعدان حتى وصلا إلى سدرة المنتهى وسدرة المنتهى هي المكان الذي ينتهي عنده علم الخلائق كلها ولو بالوحى

إذن فسدرة المنتهى هي التي ينتهي عندها علم خلق الله سبحانه وتعالى إنسا وجانا وملائكة حتى الأشياء التي توحى تقف في العلم عند سدرة المنتهى

يقول الحق سبحانه وتعالى

وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى 13 عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 14 عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى 15

الآيات من 13 -15 سورة النجم

وهنا نسأل من الذي رآه الرسول مرة أخرى يقال أنه جبريل رآه في صورته كما كان ينزل بالوحي طوال رحلة الإسراء ثم رآه في صورته الملائكية الحقيقية مرة أخرى عند سدرة المنتهى

ولابد أن نفهم أن القوانين التي خضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها عند سدرة المنتهى كانت أرقى قوانين الخلق لأنه وصل إلى المكان الذي ينتهي عنده علم الخلق كلهم وعند سدرة المنتهى لايمكن لأى مخلوق من مخلوقات الله أن يصفها أو يصف جنة المأوى

إن العلم لكي ينتقل من بشر إلى آخر لابد له من أسلوب والأسلوب يحتاج إلى اللغة واللغة تحتاج إلى توضيح والتوضيح يوجب علينا أن يوجد المعنى أولا ثم بعد ذلك يوجد له اللفظ وهذه أمور لم تسمعها آذاننا ولم ترها عيوننا ولم تدركها عقولنا ولاخطرت على قلوبنا كيف نضع لها ألفاظا لابد أن نأخذها عن الله سبحانه وتعالى بما أخبرنا به دون أن نسأل كيف أو نحاول الحصول على توضيح لأننا عاجزون فإذا أخبرنا الحق سبحانه وتعالى بشئ يقرب الصورة إلينا فإننا نأخذه عند قول الله تبارك وتعالى

ولذلك عندما يحدثنا الله سبحانه وتعالى عن الجنة لايعطينا صورتها لأنه ليس عندنا معان تعطينا الصورة الحقيقية ولكنه جل جلاله يقول

مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا

من الآية 35 سورة الرعد

ولكن هل هذه هي الجنة إنها مثلها فقط لأن الجنة فيها مالا عين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر فلايمكن أن يستوعب العقل البشرى مافيها ولكن الحق سبحانه وتعالى يقرب الصورة إلينا بقدر ماتفهم عقولنا المحدودة

فإذا وصلنا إلى المرحلة التي يدخل فيها المؤمنون الجنة فإننا سنرى إن شاء الله نعيما لايعرفه أهل الأرض وليس لهم إلف به لأنه فوق قدرة عقولنا جميعا

الأيــــة الكـــبرى


الحق عز وجل يقول

لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى

الآية 18 سورة النجم

وإذا تدبرنا هذه الآية لوجدنا أنها إخبار من الله سبحانه وتعالى لنا وليست إخبارا من رسوله صلى الله عليه وسلم رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يقل رأيت الآية الكبرى ولكن الله عز وجل هو الذي أخبرنا بها ولكن هل أخبرنا الحق سبحانه وتعالى بها لأننا سنفهم أو سنعرف أو تستطيع عقولنا أن تستوعب ماهي الآية الكبرى لله سبحانه وتعالى طبعا لا فنحن قاصرون عن أن نفهم آيات كثيرة لله تبارك وتعالى فما بالك بالآية الكبرى

إن لله جل جلاله آيات لاتعد ولاتحصى آيات نراها وندركها وآيات هي غيب عنا في الأرض وفي السماء لانراها ولاندركها والكون كله آيات قد لانتنبه إلا للقليل منها ولقد ورد اسم الآية الكبرى بالنسبة لموسى عليه السلام في القرآن الكريم في قوله تعالى

وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى*   لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى

الآيتان 22 - 23 سورة طه

نقول إن لله سبحانه وتعالى آيات كبرى في الأرض وآيات كبرى في السماء ولقد رآى موسى عليه السلام الآية الكبرى في الأرض أما رسولنا صلى الله عليه وسلم فلقد رأى آية ربه الكبرى في السماء

أخبرنا الله جل جلاله أنه أرى رسولنا الكريم الآية الكبرى في السماء وهذا الإخبار ليس مقصودا به أن نفهم ونعرف ماهي الآية الكبرى لله سبحانه وتعالى لأنها كما قلنا فوق طاقة عقولنا ولكن المقصود بها هو أن نعرف المنزلة الرفيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه ومادام رسول الله عليه الصلاة والسلام قد رآى الآية الكبرى فلا بد أنه رأى قبلها آيات وآيات ولكن بعض المفسرين يقولون إن معنى قوله تعالى

لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى

الآية 18 سورة النجم

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الآيات الكبرى لله أي الآيات العظيمة لله سبحانه وتعالى وأن الكبرى وصف للآيات بأنها كبرى ولكن السياق يؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الآية الكبرى من آيات ربه فآيات الله التي رآها رسوله الكريم في السموات كلها آيات كبرى وحسبها عظمة أنها منسوبة لله سبحانه وتعالى

ولكن هناك آية كبرى رآها رسولنا عليه الصلاة والسلام تقف العقول عندها بلا حركة لقد رآى من آيات ربه الكبرى لو أخذناها بالسياق اللغوي لكان معناها لقد رأى الآية الكبرى من آيات ربه فكأن الكبرى هي المفعول وليست الآية

ولذلك عندما نقرأ الآية الكريمة لقد رآى من آيات ربه ماذا رأى من هذه الآيات رآى الآية الكبرى ولقد كانت رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم للآية الكبرى هي المرحلة الأخيرة في رحلة المعراج

وقف جبريل وتقدم الرسول


لقد كان جبريل عليه السلام يصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال رحلته في السموات ولكن الآية الكبرى لم يقدر عليها جبريل ولا أحد من الملائكة المقربين لله سبحانه وتعالى بل انفرد برؤيتها رسولنا الكريم ولذلك فإن جبريل كان يتقدم رسولنا الكريم ويسأله الرسول عما يرى ويفيده جبريل طوال رحلة المعراج

وعندما وصلا إلى سدرة المنتهى حيث رأى رسولنا الكريم جبريل على الهيئة التي خلقه الله عليها وليس على الهيئة التي كان ينزل بها في الوحى عندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل إلى سدرة المنتهى لم تكن رحلة المعراج قد انتهت وإنما كان لها بقية فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبريل أن يتقدمه في بقية الرحلة كما حدث في المعراج كله ولكن جبريل امتنع وقال هنا مقامى لو تقدمت لاحترقت وأنت يارسول الله لو تقدمت لاخترقت

مامعنى هذه الجملة معناها أن قوانين ملائكية جبريل لاتسمح له إلا بالوصول إلى سدرة المنتهى وهي كما قلنا التي ينتهى عندها علم الخلائق كلها ولو بالوحي ولذلك فإنه إذا تقدم فإن قانونه لايتحمل فيحترق

درجــة لا تتحـــمـلهـــا الــمـلائكـــــة


ومعنى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصلإلى درجة لاتتحملها ملائكية جبريل عليه السلام فاصبح رسولنا الكريم وحده الذي يستطيع أن يتقدم وأن يخترق

وبهذا تكون الآية الكبرى هي المرحلة الأخيرة للمعراج التي لم يقدر عليها جبريل ولأأحد من الملائكة وانفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بها

ولقد رأى رسولنا صلى الله عليه وسلم خلال رحلة المعراج مشاهد كثيرة رآها رمزا مقدورا وسنراها رمزا مفعولا بالنسبة للناس في الآخرة

والحق سبحانه وتعالى يحكم آياته في كل مايقع في الكون فهو بعلمه وقدرته يحكم الآيات حتى في الأمور التي للبشر اختيار فيها ولذلك عندما نزلت الآية الكريمة

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ 1 مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ 2 سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ 3

الآية من 1- 3 سورة المسد

هذه الآية أخبرتنا بمصير أبي لهب وهو مازال على قيد الحياة أي في فترة الإختيار البشرى ومع ذلك فإن أبا لهب لم يخطر على باله أن يعلن إسلامه ولو نفاقا أو رياء ليهدم قضية الدين بل بقى على كفره ليكون وهو الكافر آية على صدق القرآن الكريم

وعندما نزلت الآية الكريمة

آلم 1 غُلِبَتِ الرُّومُ 2 فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ 4

الآيات 1- 4 سورة الروم

لم يخطر على بال أحد من الروم أو الفرس أن يتقدم لعقد صلح أو إنهاء حرب ليهدم الدين الجديد ورغم أنه قد مر حوالى تسع سنوات بين نزول الآية الكريمة وانتصار الروم وكان هذا الزمن كافيا جدا ليعقد الفرس والروم صلحا ويتجنبوا الحرب فإن هذا لم يحدث ووقعت الحرب وانتصر الروم كما أخبر القرآن

كل هذا يرينا أن المشاهد التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي واقع مقدر أي مازال في قدر الله ستتحقق لما رآها رسولنا الكريم وسنراها واقعا في الآخرة

حقيقة وصاية موسى


إلى هنا ونأتي إلى النقطة الأخيرة وهي فرض الصلاة وكل اركان الإسلام وأحكامه جاءت بالوحى إلا الصلاة فإنها فرضت بالأمر المباشر من الله سبحانه وتعالى فالصلاة هي الصلاة بين السماء والأرض وهي صلة العبد بربه وهي الرمز لعبودية الإنسان للخالق العظيم

وكما قلنا فإن كل الرسالات السماوية جاءت لتبين للناس كيف يعبدون الله العقل البشرى يستطيع أن يصل إلى أن هناك قوة كبرى هي التي خلقت وأوجدت هذا الكون ولكنه لايستطيع أن يصل إلى مايريده الله من خلقه وكيف يعبدونه وماهو منهج الخالق العظيم

والصلاة هي جامعة لأحكام الدين كله وأول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح الدين كله

ولذلك لعظيم قدر الصلاة التي فيها العبودية الحقة لله والسجود له فرضت بالأمر المباشر من الله جل جلاله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم

وسنتحدث تفصيلا عن الصلاة في كتب قادمة تصدر عن هذه المكتبة إن شاء الله

الصلاة المفروضة من الحق سبحانه وتعالى عبادة تقربك من الله أو تقربك من خالقك فهي لاتعطيك مالا ولا جاها ولا أي شئ دنيوى والإنسان صناعة الله تبارك وتعالى فالله هو خالقه وكل صنعة تقف أمام مهندسها وموجدها كل يوم خمس مرات لابد أن تكون على أوفى شئ من الصلاح وإذا كان المهندس من البشر يصلح الآلة بالماديات فالله سبحانه وتعالى يصلح عبده الذي يقف بن يديه خمس مرات كل يوم بالغيبيات فتجد أنك بعد الصلاة قد ارتاحت نفسك وزالت همومك وأصبحت قويا في مواجهة أحداث الحياة

وأركان الإسلام الأخرى قد تسقط عن العبد فالفقير تسقط عنه الزكاة والمريض يسقط عنه الصوم وغير المستطيع يسقط عنه الحج ولكن الصلة لاتسقط عن المؤمن أبدا فإنه إذا لم يستطع أن يصلى واقفا صلى جالسا فإن لم يستطع صلى راقدا فإذا لم يستطع أجرى الصلاة على جوارحه ولذلك فهي لاتسقط أبدا

وإذا أردنا أن ندخل في الموضوع وهو فرض الصلاة فالروايات قالت إن الله سبحانه وتعالى فرض خمسين صلاة في اليوم والليلة وعندما التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عائد بموسى عليه السلام قال له ارجع إلى ربك واسأله التخفيف وكرر هذا حتى صارت خمسا في الأداء وخمسين في الثواب

هنا يجب أن نفرق بين عداوتنا لليهود وموسى عليه السلام فموسى رسول من أولى العزم ولا يجب أن يكون في نفوسنا له إلا الحب والتقدير بصرف النظر عن شعورنا نحو اليهود الذين بدلوا وغيروا في التوراة ولو أن هؤلاء كانوا أتباع موسى حقا لآمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام لأنه مذكور عندهم في التوراة ولكن اليهود أتباع موسى إسما وليسوا أتباعه حقا

لقد قالوا إن لقاء رسولنا صلى الله عليه وسلم بموسى وماتبعه من تخفيف الصلاة هو فرض لوصاية موسى على الإسلام وهذا غير صحيح

ماهي الوصاية هي أن تفرض الشئ الذي تريده ولو قهرا على صاحبه هل فرض موسى عليه السلام شيئا على الإسلام قهرا أو اختيار لم يحدث ذلك وكانت هذه العبارة عبارة الوصاية تكون صحيحة لو أن موسى هو الذي خفف الصلاة من خمسين إلى خمس ولكن من الذي خفض عدد الصلوات إنه الله جل جلاله هو سبحانه وتعالى الذي فرض وهو سبحانه وتعالى الذي خفف فأين الوصاية والأمر كله من الله

رسولنا صلى الله عليه وسلم عاد لمصدر التشريع الأصلي ومنه أخذ الأمر ومنه كان التشريع فيكف يقال إن هناك وصاية من احد والأمر كله لله إذا كان هناك شئ يستدل عن تخفيف عدد الصلوات وإبقاء ثوابها دون أي نقصان فهو أن الله سبحانه وتعالى كان رحيما بأمة محمد عليه الصلاة والسلام فأبقى الثواب كما هو لم ينقص مع تخفيف عدد الصلوات

إذن فالوصاية هنا هي لله سبحانه وتعالى وحده فهو جل جلاله الذي شرع وهو الذي خفف ولايمكن أن يقال أي تفسير آخر

إلى هنا وننتهى من حديثنا عن معجزة الإسراء والمعراج تلكم المعجزة التي فاقت كل المعجزات فقد أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى سدرة المنتهى ورأى من آيات ربه الكبرى

وهنا نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد قال رأى من آيات ربه الكبرى ولم يقل أريناه لماذا لأن رسول الله لى الله عليه وسلم في هذه المنزلة العالية رأى بنفسه ولم يكن في حاجة إلى إراءة لأنها منزلة عالية جدا ليس فيها مايحجب الرؤية

والله نسأل التوفيق والهدى