الحياة .. والمؤثر من الله
:تأمل قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الشعراء
الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ 78 وَالَّذِي هُوَ
يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ 79 وَإِذَا
مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ 80 وَالَّذِي
يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ 81
الآيات من 78 - 81 من سورة الشعراء
وإذا أردنا أن نتأمل ما جاء فى هذه الآيات - ونستعرض الإعجاز فيها بإيجاز - نجد أن قضية الخلق محسومة لله سبحانه وتعالى .. فهو وحده الخالق .. والكل عاجز .. ولا أحد يستطيع أن يدعى أنه يقدر على خلق شئ ولكن قضية الموت فيها جدل .. فإذا قرأت قوله
تعالى
أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ
الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي
وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا
مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 258
من الآية 258 من سورة البقرة
والآية تروى قصة الحوار بين من آتاه الله الملك وإبراهيم عليه السلام فلما قال له إبراهيم : ربى يحيى ويميت .. أخذت من أتاه الله ..الملك والعزة فقال : أنا أحيى وأميت .. وجاء برجل من رعيته ، فحكم عليه بالإعدام وقال : هو ميت .. ثم عفا عنه وقال : أحييته
نقول إن الناس لا تتنبه للفرق بين القتل والموت .. فالقتل هو إفساد لجسد الإنسان يجعل الجسد غير صالح لبقاء الروح فيه فتغادره ، :ولكن الموت هو إخراج الروح من الجسد دون هدم أو إفساد للجسد .. ولذلك فرق الله بين الاثنين فى القرآن الكريم فقال
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ
قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ
عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ
الشَّاكِرِينَ 144
الآية 144 من سورة آل عمران
:وقال جل جلاله
وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى
الله تُحْشَرُونَ 158
الآية 158 من سورة آل عمران
.إذن الموت لله وحده ، هو الذى يميت ، ولكن القتل - وهو غير الموت - يمكن أن يتم على يد عباد الله
..ولأن الله هو الذى يميت .. فلا أحد ينجو من الموت أبدا .. لأن أمر الله نافذ على كل خلقه .. ولأن الإنسان يمكن أن يتم على يده القتل
.(فهناك من ينجو من القتل مرة ومرات لأن أمر الإنسان غير نافذ فى الكون .. ثم تقول الآية الكريمة
(والذى هو يطعمنى ويسقين
ويلاحظ فى الآية الأولى أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فقال
الذى خلقنى ولم يقل هو الذى خلقنى لأنه لا أحد ..ينازع الله فى الخلق ولكن الطعام والشراب جعلهما الله أسباباً للإنسان .. فجاء التأكيد هنا ليلفتنا إلى أن هذه الأسباب ليست هى الأصل
وإنما كل شئ من الله .. فالحبة فى أى نبات خلقها الله سبحانه وتعالى ووضع فيها خصائصها
وخزن فيها الغذاء الذى يلزمها حتى تستطيع جذورها أن تضرب فى الأرض لتأخذ منها عناصر الحياة
وهو الذى أعطاها خصائصها .. وخلق لها الأرض التى تزرع فيها .. وأنت تضع الحبة فى الأرض فتظل تتغذى على المخزون فيها من الغذاء الذى وجد فيها بقدرة الله .. ثم بعد ذلك تمتص من عناصر الأرض مايلزمها فقط وتترك الباقى ثم تظل تنمو وتنمو حتى تثمر بقدرة الله وليس بجهد بشر
فكأن الطعام كله من الله سبحانه .وتعالى
أعلى