البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

 ماهي البدايه
 جدل عقيم
 في عالم الذر
 صور الخلق
 الموت والحياة
 ماهي قوانين النوم
 بدايات الحياة
 عطاء الحياة في الروح
 الوجود وادراك الوجود
 ماهي الحياة
 الجماد يبكي ويسمع ويتكلم
 والنبات أيضا
 النمله تتكلم والهدهد يعلم
 حياة لكن لا نعرفها
 علم الله وعلم البشر
 كل ما في الكون حي
 ماهو الموت
 الحياة في القبر
 حياة البرزخ خارج الزمن
 وحده يحيي ويميت
 النمرود وادعاء الحياة والموت
 الانسان والخلود
 سر الحياة ونهايتها
 دورنا الخلق
 أسماء الذات وثبوت الصفات
 كنا قبل أن نكون
 المنتحر والخلود في النار
الحياة الدنيا
لعبوديه الحقه وكيف تكون
من يعد لنا الطعام
المنهج قبل الخلق
مهمة الانسان في الحياة
قوانين الله وعقل الانسان
الحياة من ذكر وأنثى
الحياة الاخره
العقل لا والقدره نعم
السجل لايضيع
البعث بالدليل المادي
الجنـــــــه

 
 

المكتبـــة العـــامـــه

الحــيـاة...........والمــــــــوت

 

 
 

للامام الشيخ المرحوم محمد متولي الشعراوي

 
 

 
 
النمرود .. وإدعاء الموت والحياة
 يروي القرآن الكريم لنا قصة "النمرود" ذلك الذي أتاه الله الملك ، فبدلاً من أن يشكر الله على نعمته ويعمل صالحاً ، أخذه غرور الدنيا ، فادعى أنه يحيي ويميت ، واقرأ قوله تعالى :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذِي حَاّج إِبْرَاهِيمَ في رَبهّ أَنْ ءَاتاهُ اللهُ اْلمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ رَبيَ الذِي يُحيي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَاْ أُحْيي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِن اللهَ يَأْتِي بِالشمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الذِي كَفَرَ وَاللهُ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الظالِمِنَ *} .
(سورة البقرة )
وجاء النمرود بأحد رعاياه وقال لجنوده اقتلوه ، ثم قال لقد أمته !! وقبل التنفيذ قال : اعفوا عنه وقال قد أحييته !!
نقول  له : إنك لم تفرق بين حدثين ولم تفرق بين القتل والموت ، فالقتل ليس موتاً ، وإنما هو هدم لبنيان الجسد فتخرج منه الروح ، لأن الروح لاتبقى إلا في جسد سليم بمواصفات خاصة ، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم :
{ ومَا مُحَمدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسُلُ أَفَإيْن ماتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىّ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُر اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزي اللهُ الشاكِرِينَ * } .
(سورة آل عمران )
فالموت يختلف عن القتل .. الموت هو أن تخرج الروح من الجسد والبنية سليمة ، ولايميت إلا الله سبحانه وتعالى ، ولكن القتل يستطيعه الإنسان بآلة حادة أو بطلقة رصاص  ، وفي الحالتين تغادر الروح الجسد ، في الحالة الأولى (وهي الموت ) تخرج الروح من الجسد والبنية كاملة ، وفي (حالة القتل) لابد أن تهدم البنية أولاً قبل أن تخرج الروح ، وكلاهما : الميت والمقتول يحشران إلى الله يوم القيامة .. مصداقاً لقوله تعالى :
{وَلَئِن متمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِ لَى اللهِ تُحْشَرُونَ * } 
(سورة آل عمران )
وهكذا نرى أنه مهما كانت نهاية الإنسان قتلاً أو موتاًً ، فهو ملاق الله يوم القيامة ، وكما قلنا أن الموت نقض للحياة ، وأن الحياة نقض للموت ، لذلك فهما لايجتمعان في شيء واحد ، ولكن إما حياة وإما موت ، قال سبحانه وتعالى :
{ الذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لَيَبْلُوَكُمْ أَيكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } .
(سورة الملك )
فكأن الحياة اختبار  ، ويأتي بعدها الموت .. لتبدأ أولى مراحل الآخرة ، ثم الحساب ، لكن الله سبحانه وتعالى أخفى عنا موعد الموت بحيث لايدري به أحد ، فقال سبحانه :
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ ماذَا تَكْسِبُ غَدَاً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَي أَرْضٍ تَمُوتُ إِن اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } .
(سورة لقمان)
هذا الإخفاء من الله له حكم بالغة ، أولاً إن الإنسان يتوقع الموت في أية لحظة ، وهذا التوقع هو إعلام بالموت ، فأنت تعلم أنك يمكن أن تموت في الساعة القادمة ، فتسارع إلى فعل الخيرات ، خوفاً من ألا يمهلك أجلك فتقبض وحسناتك قليلة ، كذلك تمتنع عن السيئات خوفاً من أن تفعلها ولا يمهلك القدر حتى تتوب ، فتموت وأنت عاص .
إذن إخفاء موعد الموت هو أكبر  إعلام به ، وفي نفس الوقت أكبر إستعداد لملاقاته في كل لحظة ، فنسرع إلى الخير ونبتعد عن المعصية فيعم الخير الكون وتقل المعاصي ..
ويجب أن تتيقن : أنه لاسبب للموت إلا الأجل لاتصدق أن مرضاً يقتل أو رصاصة تصيب إلا إذا إنتهى أجل الإنسان في هذه الحياة  ، فالإنسان حين يمرض قد يأخذ قرصاً من الأسبرين وكوباً من الشاي  فيشفى لأن له أجلاً ، وقد ينقل إلى المستشفى يحيط به عشرات الأطباء ويموت ، لأن الموت من أقدار الله ، وأقدار الله لايغلبها أحد .
ويقول الله سبحانه وتعالى :
{ قُل لاّأَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرَاً وَلَا نَفْعاً إِلا مَاشَاّءَ اللهُ لِكُل أُمةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاّءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَستَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْتدِمُونَ * } .
(سورة يونس )
لاتأخذ بالأسباب في الموت ، لأن الموت يوم أن يأتي فكل الكون أسبابه ، ولا يستطيع أحد أن يمنعه ، وقد سئل على بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا تخاف الموت ؟ قال : لا ، يوم يأتي لايستطيع أحد أن يمنعه ، ويوم لايأتي لايستطيع أحد أن يأتي به ..
إن الأسباب التي نعدها للموت كالمرض والشيخوخة وغيرها إنما هي أسباب غير حقيقية ، لأن الموت إذا جاء لايحتاج إلى سبب ، ولكن من الحق أن نقول : إنه مات لأن أجله انتهى .
يقول الحق سبحانه وتعالى :
{ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككمُ الْمَوْتُ وَلوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مشيدةٍ } .
(من الآية 78 سورة النساء )
ونجمل مافصلناه فنقول : أن الحياة والموت نقيضان ، ينقض أحدهما الآخر ، وأن الله سبحانه وتعالى قد منح الإنسان خلوداً في الحياة ، فالموت طارئ وينتهي وسيذبح يوم القيامة ، وأن الإنسان خالد في هذا الكون إما في الجنة وإما في النار والعياذ بالله ، وأن حياة القبر فيها نوع من الإدراك ، لذلك نسلم على أصحاب القبورحين نزورهم.كما يعتري الكفار من أصحاب القبور يأساً من رحمة الله ، وفيها خروج عن الزمن لأن أصحاب القبور لايؤثر فيهم الزمن ولا يحسون به وفيها نوع من شهود العذاب ،والموت هو نهاية للفترة التي أعطاها الله للإنسان وجعله مختاراً فيها ، لكنه عندما يحتضر يكون الإختيار البشري قد انتهى ، وفترة الإختبار قد تمت .
وأن المؤمن عندما يحتضر ، تتلقاه ملائكة الرحمة يبشرونه بالجنة ، فيموت وهو منشرح الصدر ، لأنه ذاهب إلى خير مما كان فيه ، والكافر تتلقاه ملائكة العذاب ، فيضربون وجهه وظهره ويذيقونه ألوان العذاب ، فيموت مكفهر الوجه لأنه ذاهب إلى شر مما هو فيه ، والله سبحانه وتعالى هو خالق الحياة والموت ، لايمكن لأحد أن يدعيهما ، ولاأن يقول أنه يحيي ويميت ، فالله سبحانه وتعالى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي .
لقد تحدثنا عن موت الإنسان .. فماذا عن خلوده ؟! وما حقيقة هذا الخلود ؟ هذا ماسوف نفصله في الفصل التالي إن شاء الله .