|
|
|
|
|
|
الحــيـاة...........والمــــــــوت |
|
|
|
|
|
|
|
للامام الشيخ المرحوم
محمد متولي الشعراوي
|
|
|
|
|
|
الإنسان والخلود
الله
سبحانه وتعالى خلق الإنسان خالداً .. هذه حقيقة
لايتنبه لها الكثيرون . فالناس تقيس عمر الإنسان
بالحياة في الدنيا .. ولكن هذا زعم خاطئ .. الحياة في
الدنيا لاتمثل إلا مرحلة بسيطة جداً من حياة
الإنسان في هذا الكون .. بشمسه وقمره ونجومه ـ التي
خلقت لتكون في خدمة الإنسان منذ ملايين السنين ـ
لايمكن أن يكون عمرها أطول من عمر من خلقها الله له
وسخرها لخدمته .. ولايمكن أن تحسب حياة الإنسان ببضع
سنين أو بعشرات السنين التي يقضيها في هذا الكون ..
وإنما تمتد ـ بعد ذلك ـ لتكون حياة أبدية ..
إن كل من جاء الى هذا الكون من الإنس والجن ..
أعطاه الله سبحانه وتعالى الخلود .. لافرق في ذلك
بين مؤمن وكافر .. الفرق ـ فقط ـ هو أن المؤمن يخلد في
الجنة والكافر يخلد في النار .. الفرق سيكون في
المكان الذي سيكون فيه هذا الخلود ..
الخلود أعطاه الله تبارك وتعالى للإنسان حين نفخ
فيه من روحه ، ولكن حياتنا شاء لها ربنا أن تكون
مراحل : موت ، فحياة ، فموت ، فخلود ، .. لكن ـ لغفلتنا
ـ نحن نأخذ مرحلة واحدة وهي مرحلة الحياة الدنيا
لنجعلها هي الحياة والحقيقة أن الحياة ـ كما قلت ـ
مرحلة ، أو جزء صغير جداً من رحلة الحياة الكبرى
الأبدية .
لقد كنا أمواتاً في عالم الذر .. ثم شاء الحق
سبحانه وتعالى أن نأتي إلى هذه الحياة .. ثم بعد ذلك
يميتنا فنعيش حياة البرزخ ونحن أموات .. ثم بعد ذلك
يبعثنا ليتم الحساب الذي على أساسه تتحدد المواقف
ونكون خالدين إما في الجنة وإما في النار والعياذ
بالله .
حين يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الحياة ، إنما
يقصد بذلك الحياة الخالدة في الآخرة .. فالدنيا هي
دار اختبار .. والآخرة هي الحياة الحقيقية التي لابد
أن يسعى إليها كل واحد منا .. ورسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول في حديثه الشريف :
" مالي وللدنيا ماأنا
في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها
" .
والموت والحياة هما لله وحده .. لاينازعه أحد
فيهما .. لقد أعطى الله سبحانه وتعالى الإنسان من
أسرار كونه ماشاء ، ولكنه احتفظ لنفسه بثلاثة أشياء
: الحياة ، وعوامل استمرار الحياة والموت .. فهذه
الثلاث لايستطيع أحد أن يدعيها لأن الله تبارك
وتعالى هو الذي خلق .. وضمن لخلقه عوامل استمرار
حياتهم .. ثم عندما يأتي الأجل يكتب عليهم الموت
فيموتون .. بداية الخلق في يد الله سبحانه وتعالى ..
وتلك قضية محسومة لله . . فلا يمكن أن يوجد من يهب
الحياة لأي خلق إلا الله سبحانه وتعالى .. والله
تحدى البشرية كلها في هذا .
يقول الحق سبحانه وتعالى :
{ ياّأيها الناسُ ضُرِبَ
مَثَلٌ فَاْسْتَمِعُواْ لَهُّ إَن الذِينَ
تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَن يَخْلُقُواْ
ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن
يَسْلُبْهُمُ الذبابُ شَيْئاً لايَسْتَنقِذُوهُ
مِنْهُ ضَعُفَ الطالِبُ وَالمْطْلُوبُ } .
( سورة الحج )
لقد تحدى الله تبارك وتعالى البشرية كلها ..
بعلمائها وأساطينها وكل من له حول وقوة فيها
ليخلقوا ذبابة واحدة .. وقال سبحانه وهو العليم
بقصورهم وضعفهم .. والخطاب فيه تحد للعلم والعلماء
منذ نزل القرآن وحتى تقوم الساعة بأنهم لن يستطيعوا
.
ولقد كشف الله من أسرار خلقه لبعض العلماء علم
الوراثة أو الجينات . وكان المفروض أن وصولهم إلى
هذا العلم يزيدهم إيماناً بأن الله سبحانه وتعالى
وضع لكل مخلوق شفرة حياته .. ولكنهم بدلاً من ذلك
أخذوا يستخدمون هذا العلم في محاولة تشويه خلق الله
، فتنشأ عنه ذبابة لها أجنحة في عينيها .. وهم يدعون
أنهم يغيرون جنس المولود من أنثى إلى ذكر .. ولكنه
يكون ذكراً مشوهاً لايصلح لشيء وأن الشيطان سيغري
الإنسان ليحاول العبث وتغيير خلق الله .. كإفساد
لمهمة هذا الخلق في الكون .. والله تبارك وتعالى يصف
لنا ذلك في كتابه العزيز فيقول سبحانه وتعالى :
{ وَلَأُضِلنهُمْ
وَلَأُمَنينهُمْ وَلَأََمُرَنهُمْ فَلَيُبَتِكُن
ءَاذَانَ الأَنْعَامِ وَلَأَمُرَنهُمْ
فَلَيُغَيِرن خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتخِذِ
الشيْطانَ وَلِياً مِن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِرَ
خُسْرِاناً مبِيِناً } .
( سورة النساء )
فأذا كان علم الجينات قد حقق في الستينات شيئاً ..
فإنه لن يحقق شيئاً لا في الحيوان ولا في الإنسان .
ولن يأتي منه إلا تشويه لخلق الله بلا فائدة .. فكون
العبث بالجينات قد جعل ذبابة لها جناح مكان عينيها
.. فهذا لايؤدي إلى تحسين مهمتها في الكون .. أوجعلها
أكثر قدرة ، وإنما هي عملية إفساد وتشويه ! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|