المستنجد بالله يوسف
بن المتوكل 859 هـ ـ 884 هـ
المستنجد بالله ، خليفة العصر : أبو المحاسن يوسف بن المتوكل على الله ، ولي
الخلافة بعد خلع أخيه ، و السلطان يومئذ الأشرف إينال ، فمات في سنة خمس و ستين ،
فقلد ابنه أحمد ، و لقب [ المؤيد ] ، ثم وثب خشقدم على المؤيد ، فقبضه في رمضان من
عامه ، فقلده ، و لقب [ الظاهر ] و استمر إلى أن مات في ربيع الأول سنة اثنتين و
سبعين ، فقلد بلباي و لقب [ الظاهر ] فوثق عليه الجند بعد شهرين و قبضوه ، فقلد
تمربغا ، و لقب [ الظاهر ] فوثبوا عليه أيضاً بعد شهرين فقلد سلطان العصر قايتباي ،
لقب [ الأشرف ] فاستقر له الملك ، و سار في المملكة بشهامة و صرامة ما سار بها قبله
ملك من عهد الناصر محمد بن قلاوون ، بحيث إنه مسافر من مصر إلى الفرات في طائفة
يسيرة جداً من الجند ليس فيهم أحد من المقدمين الألوف .
و من سيرته الجميلة : أنه لم يول بمصر صاحب وظيفة دينية ـ كالقضاة و المشايخ و
المدرسين ـ و إلا أصلح الموجودين لها ، بعد طول تروية و تمهلة ، بحيث تستمر الوظيفة
شاغرة الأشهر العديدة ، و لم يول قاضياً و لا شيخاً بمال قط . و كان الظاهر خشقد
أول ما قلد قدم نائب الشام حاتم لموافقة كانت بينه و بين العسكر في سلطنته ، فأمر
الظاهر ـ حين بلغه قدومه ـ بطلوع الخليفة و القضاة الأربعة و العسكر إلى القلعة ، و
أرسل إلى نائب الشام يأمره بالانصرف بعد شروط شرطها ، و عاد القضاة و العسكر إلى
منازلهم ، و استمر الخليفة ساكناً بالقلعة ، و لم يمكنه الظاهر من عوده إلى سكنه
المعتاد ، فاستمر بها إلى أن مات يوم السبت رابع عشري المحرم سنة أربع و ثمانين و
ثمانمائة ، بعد تمرضه نحو عامين بالفالج ، و صلي عليه بالقلعة ، ثم أنزل إلى مدفن
الخلفاء بجوار المشهد النفيسي ، و قد بلغ التسعين أو جاوزها . |