|
|
السفاح عبد الله بن
محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 132 هـ ـ 136 هـ
السفاح : أول خلفاء بني العباس ، أبو العباس بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد
الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم .
ولد سنة ثمان و مائة ـ و قيل : سنة أربع ـ بالحميمة من ناحية البلقاء ، و نشأ بها ،
و بويع بالكوفة ، و أمه ريطة الحارثية .
حدث عن أخيه إبراهيم بن محمد الإمام .
و روى عنه عمه عيسى بن علي ، و كان أصغر من أخيه المنصور .
أخرج أحمد في مسنده عن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من
الزمان و ظهور من الفتن ، يقال له السفاح ، فيكون إعطاؤه المال حثياً .
و قال عبيد الله العيشي : قال أبي سمعت الأشياخ يقولون
: و الله لقد أفضت الخلافة إلى بني العباس و ما في الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ،
و لا أفضل عابداً و لا ناسكاً منهم .
قال ابن جرير الطبري : كان بدء أمر بني العباس أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم أعلم العباس عمه أن الخلافة تؤول إلى ولده ، فلم يزل ولده
يتوقعون ذلك .
و عن رشدين بن كريب أن أبا هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنيفة خرج إلى الشام ، فلقي
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، فقال : يا ابن عم ، إن عندي علماً أريد أن أنبذه
إليك ، فلا تطلعن عليه أحداً ، إن هذا الأمر الذي ترتجيه الناس فيكم ، قال : قد
علمته فلا يسمعنه منك أحد .
و روى المدائني عن جماعة أن الإمام محمد بن علي بن عبد
الله بن عباس قال : لنا ثلاثة أوقات : موت يزيد بن معاوية ، و رأس المائة ، و فتق
بإفريقية فعند ذلك تدعو لنا دعاة ، ثم تقبل أنصارنا من المشرق حتى ترد خيولهم
المغرب ، فلما قتل يزيد بن أبي مسلم بإفريقية و نقضت البربر بعث محمد الإمام رجلاً
إلى خراسان ، و أمره أن يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه و سلم ، و لا يسمي
أحداً ، ثم وجه أبا مسلم الخراساني و غيره ، و كتب إلى النقباء فقبلوا كتبه . ثم لم
ينشب أن مات محمد ، فعهد إلى ابنه إبراهيم ، فبلغ خبره مروان فسجنه ، ثم قتله ،
فعهد إلى أخيه عبد الله ، و هو السفاح ، فاجتمع إليه شيعتهم ، و بويع بالخلافة
بالكوفة في ثالث ربيع الأول سنة اثنتين و ثلاثين و مائة ، و صلى بالناس الجمعة ، و
قال في الخطبة : الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه فكرمه و شرفه و عظمه ، و
اختاره لنا و أيده بنا و جعلنا أهله و كهفه و حصنه و القوام به و الذابين عنه ، ثم
ذكر قرابتهم في آيات القرآن ، إلى أن قال : فلما قبض الله نبيه قام بالأمر أصحابه
إلى أن وثب بنو حرب و مروان فجاروا و استأثروا ، فأملى الله لهم حيناً حتى آسفوه ،
فانتقم منهم بأيدينا ، ورد علينا حقنا ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض ، و
ختم بنا كما افتتح بنا ، و ما توفيقنا أهل البيت إلا بالله ، يا أهل الكوفة أنتم
محل محبتنا ، و منزل مودتنا ، لم تفتروا عن ذلك ، و لم يثنكم عنه تحامل أهل الجور ،
فأنتم أسعد الناس بنا ، و أكرمهم علينا ، و قد زدت في أعطياتكم مائة مائة ،
فاستعدوا فأنا السفاح المبيح ، و الثائر المبير .
و كان عيسى بن علي إذا ذكر خروجهم من الحميمة يريدون الكوفة يقول : إن أربعة عشر
رجلاً خرجوا من دارهم يطلبون ما طلبنا لعظيمة هممهم ، شديدة قلوبهم .
و لما بلغ مروان مبايعة السفاح خرج لقتاله فانكسر كما تقدم ، ثم قتل ، و قتل في
مبايعة السفاح من بني أمية و جندهم ما لا يحصى من الخلائق ، و توطدت له الممالك إلى
أقصى المغرب .
قال الذهبي : بدولته تفرقت الجماعة ، و خرج عن الطاعة
ما بين تاهرت و طبنة إلى بلاد السودان و جميع مملكة الأندلس ، و خرج بهذه البلاد من
تغلب عليها و استمر ذلك .
مات السفاح بالجدري في ذي الحجة سنة ستة و ثلاثين و مائة ، و كان قد عهد إلى أخيه
أبي جعفر ، و كان في سنة أربع و ثلاثين قد انتقل إلى الأنبار ، و صيرها دار الخلافة
.
و من أخبار السفاح : قال الصولي : من كلامه : إذا عظمت
القدرة قلت الشهوة ، و قل تبرع إلا معه حق مضاع .
و قال : إن من أدنياء الناس و وضعائهم من عد البخل حزماً ، و الحلم ذلاً .
و قال : إذا كان الحلم مفسدة كان العفو معجزة ، و الصبر حسن إلا على ما أوقع الدين
و أوهن السلطان ، و الأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة .
قال الصولي : و كان السفاح أسخى الناس ، ما وعد عدة
فأخرها عن وقتها ، و لا قام من مجلسه حتى يقضيها .
و قال له عبد الله بن حسن مرة : سمعت بألف درهم و ما
رأيتها قط ، فأمره بها فأحضرت ، و أمر بحملها معه إلى منزله .
قال : و كان نقش خاتمه [ الله ثقة عبد الله و به يؤمن ] و قل ما يروى له من الشعر .
و قال سعيد بن مسلم الباهلي : دخل عبد الله بن حسن على
السفاح مرة ، و المجلس غاص ببني هاشم و الشيعة و وجوه الناس ، و معه مصحف ، فقال :
يا أمير المؤمنين ، أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف ، قال له : إن
علياً جدك كان خيراً مني و أعدل ، ولي هذا الأمر ، أفأعطى جديك الحسن و الحسين ـ و
كانا خيراً منك ـ شيئاً ؟ و كان الواجب أن أعطيك مثله ، فإن كنت فعلت فقد أنصفتك ،
و إن كنت زدتك فما هذا جزائي منك ، فانصرف و لم يحر جواباً ، و عجب الناس من جواب
السفاح .
قال المؤرخون : في دواة بني العباس افترقت كلمة الإسلام ، و سقط اسم العرب من
الديوان ، وأدخل الأتراك في الديوان ، و استولت الديلم ، ثم الأتراك ، و صارت لهم
دولة عظيمة ، و انقسمت ممالك الأرض عدة أقسام ، و صار بكل قطر قائم يأخذ الناس
بالعسف ، و يملكهم بالقهر .
قالوا : و كان السفاح سريعاً إلى سفك الدماء ، فأتبعه في ذلك عماله بالمشرق و
المغرب ، و كان مع ذلك جواداً بالمال .
مات في أيامه من الأعلام : زيد بن أسلم ، و عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، و ربيعة
الرأي فقيه أهل المدينة ، و عبد الملك بن عمير ، و يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، و
عبد الحميد الكاتب المشهور ، قتل ببوصير مع مروان ، و منصور بن المعتمر ، و همام بن
منبه . |
|
|