|
|
المتوكل على
الله عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل 884هـ ـ 903هـ
المتوكل على الله : أبو العز عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل على الله .
ولد سنة تسع عشرة و ثمانمائة ، و أمه بنت جندي اسمها حاج الملك ، و لم يل والده
الخلافة و نشأ معظماً مشاراً إليه محبوباً للخاصة و العامة بخصالة الجميلة ، و
مناقبه الحميدة ، و تواضعه ، و حسن سمته ، و بشاشته لكل أحد ، و كثرة أدبه ، و له
اشتغال بالعلم ، قرأ على والدي و غيره ، و زوجه عمه المستكفي بابنته ، فأولدها
ولداً صالحاً ، فهو ابن هاشمي بين هاشميين ، و لما طال مرض عمه المستنجد عهد إليه
بالخلافة ، فلما مات بويع بها يوم الأثنين سادس عشر المحرم بحضرة السلطان و القضاة
و الأعيان ، و كان أراد أولاً التقليب بـ [ المستعين بالله ] ثم وقع التردد بين
المستعين و المتوكل ، و استقر الأمر على المتوكل ، ثم ركب من القلعة إلى منزله
المعتاد و القضاة و المباشرون و الأعيان بين يديه ، و كان يوماً مشهوداً ، ثم عاد
من آخر يومه إلى القلعة حيث كان المستنجد ساكناً بها .
ففي هذه السنة سافر السلطان الملك الأشرف قايتباي إلى الحجاز برسم الحج ، و ذلك أمر
لم يعهد لملك أكثر من مائة سنة ، فبدأ بزيارة المدينة الشريفة ، و فرق بها ستة آلاف
دينار ، ثم قدم مكة و فرق بها خمسة آلاف دينار ، و قرر بمدرسته التي أنشأها بمكة
شيخاً و صوفية ، و حج و عاد ، و زينت البلد لقدومه أياماً .
و في سنة خمس و ثمانين خرج عسكر من مصر عليهم الدوادار يشبك إلى جهة العراق فالتقوا
مع عسكر يعقوب شاه بن حسن بقرب الرها ، فكسر المصريون ، و قتل منهم من قتل ، و أسر
الباقون ، و أسر الداوادار ، و ضرب عنقه ، و ذلك في النصف الثاني من رمضان ، و
العجيب أن الداوادار هذا كان بينه و بين قاضي الحنفية شمس الدين الأمشاطي بمصر وقعة
كبيرة ، و كل منها يود زوال الآخر ، فكان قتل الدوادار بشاطىء الفرات و موت
الأمشاطي بمص في يوم واحد .
و في سنة ست و ثمانين زلزلت الأرض يوم الأحد بعد العصر سابع عشر المحرم زلزلة صعبة
ماجت منها الأرض و الجبال و الأبنية موجاً ، و دامت لحظة لطيفة ، ثم سكنت ، فالحمد
لله على سكونها بسببها شرافة من المدرسة الصالحية على قاضي القضاة الحنفي شرف الدين
بن عيد ، فمات ، فأنا لله و إنا إليه راجعون .
و في هذه السنة في ربيع الأول قدم إلى مصر من الهند رجل يسمى خاكي ، و زعم أن عمره
مائتان و خمسون سنة ، فاجتمعت به ، فإذا هو رجل قوي ، لحيته كلها سوداء ، لا يجوز
العقل أن عمره سبعون سنة ، فضلاً عن أ كثر من ذلك ، و لم يأت بحجة على ما يدعيه ، و
الذي أقطع به أنه كذاب ، و مما سمعته منه أنه قال : أنه حج و عمره ثمان عشرة سنة ،
ثم رجع إلى الهند ، فسمع بذهاب التتار إلى بغداد ليخذوها ، و إنه قدم إلى مصر زمن
السلطان حسن قبل أن يبني مدرسته ، و لم يذكر شيئاً يستوضح به على قوله .
و فيها ورد الخبير بموت السلطان محمد بن عثمان ملك الروم ، و أن والديه اقتتلا على
الملك ، فغلب أحدهما ، و استقر في المملكة ، و قدم الآخر إلى مصر ، فأكرمه السلطان
غاية الإكرام و أنزله ، ثم توجه من الشام إلى الحجاز برسم الحج .
و في شوال قدمت كتب من المدينة الشريفة تتضمن أن في ليلة ثالث عشر رمضان نزلت صاعقة
من السماء على المئذنة فأحرقتها و أحرقت سقوف المسجد الشريف و ما فيه من خزائن و
كتب ، و لم يبق سوى الجدران ، و كان أمراً مهولاً .
مات يوم الأربعاء سلخ الهحرم سنة ثلاث و تسعمائة ، و عهد بالخلافة لابنه يعقوب ، و
لقبه [المستمسك بالله ]
.
و هذا آخر ما تيسر جمعه في هذا التاريخ ، و قد اعتمدت في الحوادث على
تاريخ الذهبي ، و انتهى إلى سنة سبعمائة ، ثم على
تاريخ ابن كثير ، و انتهى إلى سنة ثمان و ثلاثين و
سبعمائة ، ثم على المسالك و ذيله إلى سنة ثلاث و سبعين ، ثم على [ أنباء الغمر ]
لابن حجر إل سنة خمسين ثمانمائة .
و أما غير الحوادث فطالعت عليه تاريخ بغداد للخطيب عشر
مجلدات ، و تاريخ دمشق لابن عساكر سبعة و خمسين مجلداً
، و الأوراق للصولي سبع مجلدات ، و
الطيوريات ثلاث مجلدات ، و
الحلية لأبي نعيم تسع مجلدات ، و المجالسة للدينوري
، و الكامل للمبرد مجلدين ،و
أمالي ثعلب مجلد ، و غير ذلك . و قد عمل بعض الأقدمين
أرجوزة في أسماء الخلفاء و وفياتهم انتهى إلى أيام المعتمد . |
|
|