البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

ماهي المعجزه
لاشئ زاد في الكون
العقل قاصر....ومحدود
المعجزه....للتحدي
استمرارية الرساله
معجزة القرأن
معجزات حسيه لا تتكرر
الفرق بين معجزات الرسل
معجزة حرب الروم والفرس
القرأن خاطب كل الاجناس
المعجزات الماديه لرسول الله
تنبؤات المستقبل اعجاز للرسول
العلامات الصغرى للآخره تحققت
معجزه حسيه ومعجزه مستقبليه
الرسول انفرد بمعجزة كبرى
عالم الجــن
معجزات مع أجناس الارض
حساب الزمن يختلف
ونبع الماء من بين أصابعه
أنين الجذع في المسجد
البركه في الطعام
معجزات بلا حصر
ومعجزات مع الكائنات الحيه
أحناس الكون وشهادتها للرسول
البركه....للرسول الكريم
ومعجزات لم تحدث
ولكن...هل اجدت المعجزات
ولو أستجاب لهلكو
آيات تحققت لغيرهم
المعجزه الرابعه لن تفيد شيئا"
الصعود الى السماء

 
 

المكتبـــة العـــامـــه

معجــزات الرســــول- صلى الله عليه وسلم

 

 
 

للامام الشيخ المرحوم محمد متولي الشعراوي

 
 

 
 
 العقل قاصر .. ومحدود


أنت بعقلك لاتسطيع أن تسمي خالق هذا الكون ، ولايمكنك أن تعرف الغاية من الخلق ، ولكن الرسول يأتي ليعلمك هذا كله . ومادامت هذه هي مهمة الرسل ، كان الواجب على الانسان ان يرحب بهم ، وينصرهم ، لاأن يكذبهم ويحاربهم . ولكن الحق سبحانه وتعالى يلفتنا الى نقطة هامة في السلوك البشري ، نقطة تبين طبيعة البشر . فيقول جل جلاله .
{كلا ءان الانسان ليطغى* أن رآه استغنى }
               (الآيتان 6،7 من سورة العلق)
ذلك أن الانسان حين يجد النعم تحيطه لايسأل عن مصدرها !! بل يكتفي بالتمتع بها . وكأنه حق مكتسب له ! انه يعيش مع النعمة وينسى المنعم ! لذلك يأتي الحق سبحانه وتعالى ليخرجنا عما ألفناه من نعم .
اننا نشاهد مناطق لايتوقف فيها المطر . ومع ذلك تصاب بالجفاف ، حتى يلفت الناس الى أن نعمة المطر لها خالق تخضع له ، وأن البشر عاجزون عن يسيطروا على الأمطار ، فيجعلوها تمطر هنا ولا تمطر هناك، وأنهم لابد أن يلتفتوا الى مصدر النعمة ولايعبدوا النعمة ذاتها . وحين يحدث الجفاف وتغور الآبار ، وتقل مياه الأنهار ، حينئذ لابد أن يتجه الانسان الى خالق النعمة ، ويحس الغافلون أن هذا الكون ، لاتحدث فيه الأشياء بذاتيتها ، ولكن بأمر ربها ، والانسان في الأزمات لايكذب نفسه ، وانه يتجه الى الله سبحانه وتعالى صاحب النعمة .
بعض الناس يتساءل : لماذا نقيم صلاة الاستسقاء عندما ينقطع المطر ؟ وما علاقة الصلاة بهذه الظاهرة الكونية ؟
نقول ان الصلاة هي التوجه لخالق هذه الظواهر الكونية .. فهو الذي أوجدها .. وهي لاتعمل الا بارادته ، وتشاء ارادته العليا أن تعطلها لفترة قصيرة . انها مجرد لفتة عسى أن يهتدي الناس الى خالقهم.
ونلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى لايلفتنا بتعطيل أشياء يختل معها نظام الكون .. فلا يمنع الشمس مثلا" من الشروق أو الهواء الذي يتنفسه الانسان والحيوان .. لأنه في هذه الحالة يحدث خلل في الكون كله .
اذن وجود الرسول كان ضروريا" . لنعرف من الذي خلق الكون ، وماذا يريد هذا الخالق منا ؟ ولكن لكي تتم الرسالة لابد للرسول أن يكون من جنس المرسل اليهم ، لأنه مبلغ وأسوة في  تطبيق المنهج ، فلابد أن يكون المرسل اليهم ولو كان مخالفا" فانه لايصلح .
انا نقول لأولئك الذي يدعون ألوهية البشر : اذا قلتم عن الرسول انه ءاله فلا تصلح رسالته .. لأنه اذا طالب الناس بأن يتخذوه أسوة ويقتدوا به ، ويفعلوا مثل مايفعل لقالوا له ، لقد حملتنا فوق طاقتنا .. اننا لانستطيع أن نفعل مثلك ، لأنك اله ونحن بشر . لك قدرات نعجز منها ، ولا نستطيع أن نجاريك فيها .. لهذا لابد أن يكون الرسول بشرا" لتصح رسالته ، وليكون مبلغا" وأسوة وحتى يمكنه أن يلتقي بقومه ، ويكلمهم ويكلموه ..
والحق سبحانه وتعالى ، لايمكن أن يكون قد خلق هذا الكون عشوائيا" . أو بغير  هدف . واقرأ قول الحق تبارك وتعالى :
{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين*
       لو أردنا أن نتخذ لهوا" لاتخذناه
          من لدنآ ان كنا فاعلين }
                      (الآيتان 16،17 من سورة الأنبياء )
اذن فهذا الكون لم يخلق عبثا" ، ولكن له مهمة . والانسان لم يخلق عبثا" . ولكن وضع له منهج ، والله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن يقول :
{ الرحمن   علم القرآن  خلق الانسان  علمه البيان }
اذن فالقرآن وجد أولا" ، لأنه هو المنهج الذي سيطبقه الانسان في الحياة . ولا يمكن أن تحقق هدفا" في الدنيا الا اذا وضعت له المنهج المطلوب منه . فأنت قبل أن تنشئ مدرسة لابد أن تحدد أولا" : ماهو الهدف من انشائها ؟ والمناهج التي ستدرس فيها ؟ وعدد التلاميذ الذين سيسمح لهم بدخولها ؟ وما هي تخصصاتهم ؟ ثم بعد ذلك تبنى المدرسة لتحقق ماتريد فتأتي الفصول واسعة لتستقبل عددا" كبيرا" من التلاميذ . أو ضيقة اذا كان عدد التلاميذ في الفصول محدودا" . وتنشئ المعامل اذا كانت الدراسة فيها عملية . فاذا بدأنا البناء دون تخطيط مسبق ودون مراعاة منهج أو هدف .. فان البناء لايصلح لشيء .
ونفس الشيء يحدث اذا أردت أن تبني عمارة . لابد أن تخطط لها أولا" . أتريدها بناء" فاخرا" . أم شعبيا" . أتجعل كل شقة حجرتين . أم خمس حجرات ؟
ان الحضارة البشرية لايمكن أن ترتقي الا اذا وضعت لها الأهداف أولا" . فالذي صنع آلة لابد أن يكون قد حدد لها الهدف أولا" . فالذي صنع غسالة مثلا؟ ، كان هدفه تخفيف المعاناة عن الناس ، بجهد أقل . وفي زمن أسرع . والذي أطلق قمرا" صناعيا" الى الفضاء حدد الهدف من اطلاقه وهو تصوير أماكن معينة في الأرض . أو نقل صور من أماكن بعيدة الى الأرض في فترة وجيزة . ثم بعد ذلك جهز الصاروخ بالأجهزة التي سيتم بها تحقيق هذا الهدف . ثم بعد ذلك أطلقه . اننا قبل أن نبدأ ابحاثنا عن أي صنعة جديدة ، فلابد أن نعرف  ماهو الغرض منها .. فلا أحد يصنع جهازا" ثم بعد أن يصنعه يبدأ تجاربه ليحدد في أي مجال يمكن أن ينتفع به ! انما هو ـ كما قلنا ـ يحدد طريقة تشغيله . وقانون صيانته . وكل مايتعلق به .
لقد أوجد الله تبارك وتعالى القرآن أولا" . ثم أوجد من سيعلمه . وضع المنهج للانسان . ثم بعد ذلك خلقه ليطبق هذا المنهج في الكون . لقد أوجد لنا المنهج قبل أن نوجد ، وحدد لنا في المنهج ماذا نفعل ، حتى نعرف مهمتنا في الحياة . ووضع لنا في المنهج قانون صيانتنا ، حتى اذا اختلت الموازين وامتلأ الكون بالشقاء .. رجعنا الى قوانين الصيانة التي تنظم حياتنا وتجعلها مستقيمة خالية من اخطاء .. يقول الحق تبارك وتعالى :
{يــــآأيها الذين آمنوا اطيعو الله وأطـــــــيعو الرسول
 وأولي الأمر منكم  فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله
والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير
وأحسن تأويلا" }
          ( الآية 59 من سورة النساء)
ان الحق تبارك وتعالى يقول لنا .. اننا اذا اختلفنا في شيء وأتعبنا ، فلا بد أن نرجع الى المنهج حتى نصلح المسار .. واذا أصابت الأمراض المجتمع ، لابد أن نعود الى صيدلية القرآن لتجد الدواء والشفاء . والانسان الذي جعله الله سبحانه وتعالى سيد هذا الكون ، وجعل كل أجناس الوجود تخدمه .. الجماد يخدمه والنبات يخدمه ، والحيوان يخدمه ، لابد أن يكون له منهج وهدف ، لأن الأجناس التي هي أقل من الانسان لها عمل وهدف . والحق سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي :

"يا ابن آدم . خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي . فلا تشتغل بما هو لك عما أنت له " . ولذلك من العجيب أن نجد كل أجناس الكون ، تؤدي مهمتها للانسان ، والانسان لايؤدي مهمته نحو ربه ! مع أن هذه المهمة .. مهمة الانسان لله لاينتفع منها الحق سبحانه وتعالى . ولكن ينتتفع منها الانسان ، ليعيش بعد ذلك حياة أبدية . في نعيم مقيم .
انك " بقانون الأسباب في الدنيا " تأخذ على قدر مجهودك وعلمك . فان كنت تعلمت صنعة بسيطة ، فانك تأخذ من خير الدنيا على قدر هذه الصنعة . وكلما ازددت رقيا" في الحياة أخذت حظا" أكثر من العلم ، يزداد الخير الذي تأخذه من الحياة ، ولكن في الآخرة لاتأخذ حسب قدراتك وعلمك ، ولكن تأخذ منها بقدرات الله سبحانه وتعالى وبقدر ماتبعت منهجه في الدنيا.

وقد يكلفك اتباع المنهج بعض المشقة ، ونقول لك أيها الانسان : ان هذه المشقة فترتها ـ مهما طالت ـ  محدودة . والله سبحانه وتعالى ان كان يريد أن يتعبك فترة قصيرة ـ وهي فترة التكليف ـ فانما ليريحك راحة أبدية لاتتعب بعدها أبدا" . وتتمتع فيها بنعيم الجنة . أنت في الجنة ، بمجرد أن يخطر الشيء على بالك تجده أمامك . وهذا لايوجد في الدنيا فمهما ارتقينا في العلم والحضارة لايمكن أن نصل الى الدرجة التي اذا خطر الشيء على بالك تجده أمامك .
والله سبحانه وتعالى بعث الرسل لنفع الانسان ، بأن يدلوهم على الخالق ليعبدوه ، وعلى المنهج ليصلوا الى النعيم الأبدى في الآخرة .
ولكي يصدق الناس الرسل ، كان لابد للرسول أن يأتي بمعجزة . بشيء يثبت لقومه أو للعالم كله أنه مرسل من الله سبحانه وتعالى .
ولكن كيف تأتي المعجزة ؟ هل هناك قوانين محدودة ومهمة وأهدافا" وضعها الحق تبارك وتعالى ؟
نقول انه لاشيء في الدنيا وجد بالهدف ، بل كل خلق الله له مهمة يؤديها ليستقيم هذا الكون ، ولذلك كانت المعجزة تتناسب دائما" مع مانبغ قوم الرسول فيه .
والناس متفاوتون في قدراتهم ، وكل أمة من الأمم نبغت في شيء ، بمعنى أنها ارتقت فيه ، ووصلت الى درجة كبيرة من التقدم . فاذا أرسل رسول الى أمة من هذه الأمم ، وكذبوه في رسالته ، فانه يقول لهم : أنتم نبغتم في هذه الناحية ، ولايستطيع أحد من البشر أن يتفوق عليكم فيها ، والرسول القادم اليكم ، ليس له حظ فيما نبغتم فيه . فان كنتم نابغين في الطب ، فالرسول لابد أن يكون بعيدا" عن هذا المجال . وليس من الذين اشتهروا فيه أو يمارسونه . واذا كنتم قد نبغتم في السحر مثلا" فالله يرسل اليكم رسولا" ، لم يمارس السحر ، ولا يعرف عنه شيئا" . وتكون هذه المسألة معروفة لكم . وحتى لايقال انه أتى بمعجزة عن علم تعلمه على يد بشر ، أو يقال ان المعجزة في ارتقاء حضاري لانسان درس وتعلم .
وحتى لايقال نبوغ بشر ، وارتقاء حضارة ، يأتي هذا الرسول بأمر خارق لما نبغوا فيه .. لكنهم يعجزون عن مجاراته أو الاتيان بمثل ماتحداهم به ولو تعاونوا جميعا" .. ووضعوا كل قدراتهم ، واستعانوا بمن يشاءون .