المستنصر بالله
أحمد بن الظاهر بأمر الله بن الناصر لدين الله 659هـ ـ 661هـ
المستنصر بالله : أحمد أبو القاسم بن الظاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن الناصر لدين
الله أحمد .
قال الشيخ قطب الدين : كان محبوساً ببغداد ، فلما أخذت التتار بغداد أطلق فهرب ، و
صار إلى عرب العراق ، فلما تسلطن الملك الظاهر بيبرس وفد عليه في رجب و معه عشرة من
بني مهارش ، فركب السلطان للقائه و معه القضاة و الدولة ، فشق القاهرة ، ثم أثبت
نسبه على يد قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز ، ثم بويع له بالخلافة ، فأول من
بايعه السلطان ، ثم قاضي القضاة تاج الدين ، ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، ثم
الكبار على مراتبهم ، و ذلك في ثالث عشر رجب ، و نقش اسمه على السكة ، و خطب له ، و
لقب بلقب أخيه ، و فرح الناس ، و ركب يوم الجمعة و عليه السواد إلى جامع القلعة ، و
صعد المنبر ، و خطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس ، و دعا فيها للسلطان و المسلمين
، ثم صلى بالناس ، ثم رسم بعمل خلعة خليفة السلطان ، و بكتابة تقليد له ، ثم نصب
خيمة بظاهر القاهرة ، و ركب المستنصر بالله يوم الاثنين رابع شعبان إلى الخيمة ، و
حضر القضاة و الأمراء و الوزير ، فألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده و طوقه ، و نصب
منبر فصعد عليه فخر الدين بن لقمان فقرأ التقليد ، ثم ركب السلطان بالخلعة ، و دخل
من باب النصر ، و زينت القاهرة ، و حمل الصاحب التقليد على رأسه راكباً و الأمراء
مشاة . و رتب السلطان للخليفة أتابكاً ، و استاداراً ، و شرابياً ، و حاجباً ، و
كاتباً ، و عين له خزانة ، و جملة مماليك ، و مائة فرس ، و ثلاثين بغلاً ، و عشرة
قطارات جمال ، إلى أمثال ذلك .
قال الذهبي : و لم يلي الخلافة أحد بعد ابن أخيه إلا
هذا و المقتفي .
و أما صاحب حلب الأمير شمس الدين أقوش ، فإنه أقام بحلب خليفة و لقبه الحاكم بأمر
الله ، و خطب له ، و نقش اسمه على الدراهم .
ثم إن المستنصر هذا عزم على التوجه إلى العراق ، فخرج معه السلطان يشيعه إلى أن
دخلوا دمشق ، ثم جهز السلطان الخليفة و أولاد صاحب الموصل ، و غرم عليه و عليهم من
الذهب ألف ألف دينار و ستين ألف درهم ، فسار الخليفة و معه ملوك الشرق و صاحب سنجار
، فاجتمع به الخليفة الحلبي الحاكم ، و دان له ، و دخل تحت طاعته ، ثم سار ففتح
الحديثة ، ثم هيت ، فجاءه عسكر من التتار ، فتصافوا له ، فقتل من المسلمين جماعة ،
و عدم الخليفة المستنصر ، فقيل : قتل و هو الظاهر ، و قيل : سلم و هرب فأضمرته
البلاد ، و ذلك في الثالث من المحرم سنة ستين ، فكانت خلافته دون ستة أشهر ، و تولى
بعده بسنة الحاكم الذي كان بويع بحلب في حياته . |