البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الخــلافـــة العبــاســـــيـة

 

القرن الثاني
القرن الثالث
القرن الرابع

القرن الخامس

القرن السادس
القرن السابع
القرن الثامن
نبذة عن بالأندلس
الدولة العبيدية
دولة بني طبابا
الدولة الطبرستانية
الفتن في كل قرن

المعتصم  الواثق بالله  المتوكل على الله المنتصر بالله
 المستعين بالله  المعتز بالله المهتدي بالله  المعتمد على الله
المعتضد بالله المكتفي بالله    

المعتضد بالله بن الموفق طلحة بن المتوكل بن المعتصم 279 هـ ـ 289 هـ
المعتضد بالله : أحمد أبو العباس ابن ولي العهد الموفق طلحة بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ، ولد في ذي القعدة سنة اثنتين و أربعين و مائتين .
و قال الصولي : في ربيع الأول سنة ثلاث و أربعين و مائتين ، و أمه أم ولد اسمها صواب ، و قيل : حرز ، و قيل ضرار ، و بويع له رجب سنة تسع و سبعين و مائتين بعد عمه المعتمد ، و كان ملكاً شجاعاً ، مهيباً ، ظاهر الجبروت ، وافر العقل ، شديد الوطأة ، من أفراد خلفاء بني العباس ، و كان يقدم على الأسد وحده لشجاعته ، و كان قليل الرحمة : إذا غضب على قائد أمر بأن يلقى في حفيره و يطم عليه ، و كان ذا سياسة عظيمة .
قال عبد الله بي حمدون : خرج المعتضد يتصيد ، فنزل إلى جانب مقثأة ـ و أنا معه ـ فصاح الناطور ، فقال : علي به ، فأحضر ، فسأله ، فقال : ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها ، فجيء بهم فضربت أعناقهم من الغد المقثأة ، ثم كلمني بعد مدة فقال : أصدقني فيما ينكر علي الناس ، قلت : الدماء ، قال : و الله ما سفكت دماً حراماً منذ وليت ، قلت أحمد بن الطيب ؟ قال : دعاني إلى الإلحاد ، قلت : فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة ؟ قال : و الله ما قتلتهم ، و إنما قتلت لصوصاً قد قتلوا ، و أوهمت أنهم هم .
و قال إسماعيل القاضي : دخلت على المعتضد و على رأسه أحداث صباح الوجوه روم ، فنظرت إليهم ، فلما أردت القيام قال لي : أيها القاضي و الله ما حللت سراويلي على حرام قط .
و دخلت مرة ، فدفع إلي كتاباً ، فنظرت فيه ، فإذا هو قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء ، فقلت : مصنف هذا زنديق ، فقال : أمختلق ؟ قلت : لا ، و لكن من أباح المسكر لم يبح المتعة ، و من أباح المتعة لم يبح الغناء ، و ما من عالم إلا و له زله ، و من أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه ، فأمر بالكتاب فأحرق .
و كان المعتضد شهماً ، جلداً ، موصوفاً بالرجلة ، قد لقي الحروب ، و عرف فضله ، فقام بالأمر أحسن قيام ، و هابه الناس ، و رهبوه أحسن رهبة ، و سكنت الفتن في أيامه لفرط هيبته .
و كانت أيامه طيبة ، كثيرة الأمن و الرخاء .
و كان قد أسقط المكوس ، و نشر العدل ، و رفع الظلم عن الرعية .
و كان يسمى [ السفاح الثاني ] ، لأنه جدد ملك بني العباس ، و كان قد خلق و ضعف ، و كاد يزول . و كان في اضطرب من وقت قتل المتوكل . و في ذلك يقول ابن الرومي يمدحه :
هنيئاً بني العباس إن إمامكم       إمام الهدى و البأس و الجود أحمد
كما بأبي العباس أنشئ ملككم       كذا بأبي العباس أيضاً يجدد
إمام يظل الأمس يعمل نحوه       تلهف ملهوف و يشتاقه الغد
و قال في ذلك ابن المعتز أيضاً :
أما ترى ملك بني هاشم       عاد عزيزاً بعدما ذللا
يا طالباً للملك كن مثله       تستوجب الملك ، و إلا فلا
و في أول سنة استخلف فيه منع الوارقين من بيع كتب الفلاسفة و ما شاكلها ، و منع القصاص و المنجمين من القعود في الطريق ، و صلى بالناس صلاة الأضحى ، فكبر في الأولى ستاً ، و في الثانية واحدة ، و لم تسمع منه الخطبة .
و في سنة ثمانين دخل داعي المهدي إلى القيروان ، و فشا أمره ، و وقع القتال بينه و بين صاحب إفريقية ، و صار أمره في زيادة .
و فيها ورد كتاب من الدبيل أن القمر كسف في شوال ، و أن الدنيا أصبحت مظلمة إلى العصر ، فبهت ريح سوداء ، فدامت إلى ثلث الليل ، و أعقبها زلزلة عظيمة أذهبت عامة المدينة ، فكان عدة من أخرج من تحت الردم مائة ألف و خمسين ألفاً .
و في سنة إحدى و ثمانين فتحت مكورية في بلاد الروم .
و فيها غارت مياه الري و طبرستان ، حتى بيع الماء ثلاثة أرطال بدرهم ، و قحط الناس ، و أكلوا الجيف .
و فيها هدم المعتضد دار الندوة بمكة ، وصيرها مسجداً إلى جانب المسجد الحرام .
و في سنة اثنتين و ثمانين أبطل ما يفعل في النيروز : من وقيد النيران ، و صب الماء على الناس ، و أزال سنة المجوس .
و فيها زفت إليه قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون ، فدخل عليها في ربيع الأول . و كان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة ، و عشر صناديق جوهر .
و في سنة ثلاث و ثمانين كتب إلى الآفاق بأن يورث ذوو الأرحام ، و أن يبطل ديوان المواريث ، و كثر الدعاء للمعتضد .
و في سنة أربع و ثمانين ظهرت بمصر حمرة عظيمة حتى كان الرجل ينظر إلى وجه الرجل فيراه أحمر ، و كذا الحيطان ، فتضرع الناس بالدعاء إلى الله تعالى ، و كانت من العصر إلى الليل .
قال ابن جرير : و فيها عزم المعتضد على لعن معاوية على المنابر ، فخوفه عبيد الله الوزير اضطراب العامة ، فلم يلتفت ، و كتب كتاباً في ذلك ، ذكر فيه كثيراً من مناقب علي ، و مثالب معاوية ، فقال له القاضي يوسف : يا أمير المؤمنين أخاف الفتنة عند سماعه ، فقال : إن تحركت العامة وضعت السيف فيها . قال : فما تصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك ؟ و إذا سمع الناس هذا من فضائل أهل البيت كانوا إليهم أميل ، فأمسك المعتضد عن ذلك .
و في سنة خمس و ثمانين هبت ريح صفراء بالبصرة ، ثم صارت خضراء ، ثم صارت سوداء ، و امتدت في الأمصار ، و وقع عقبها برد ، زنة البردة مائة و خمسون درهماً ، و قلعت الريح نحو خمسمائة نخلة ، و مطرت قرية حجارة سوداً و بيضاً .
و في سنة ست و ثمانين ظهر بالبحرين أبو سعيد القرمطي ، و قويت شوكته ـ و هو أبو أبي طاهر سليمان الذي يأتي أنه قلع الحجر الأسود ـ و وقع القتال بينه و بين عسكر الخليفة ، و أغار على البصرة و نواحيها ، و هزم جيش الخليفة مرات .
و من أخبار المعتضد ما أخرجه الخطيب و ابن عساكر عن أبي الحسين الخصيبي ، قال : وجه المعتضد إلى القاضي أبي حازم يقول : إن لي على فلان مالاً ، و قد بلغني أن غرماءه أثبتوا عندك و قد قسطت لهم من ماله ، فاجعلنا كأحدهم ، فقال أبو حازم : قل له : أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ذاكر لما قال لي وقت قلدني إنه قد أخرج الأمر من عنقه و جعله في عنقي ، و لا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدع إلا ببينة ، فرجع إليه فأخبره ، فقال : قل له : فلان و فلان يشهدان ـ يعني رجلين جليلين ـ فقال : يشهدان عندي ، و أسأل عنهما ؟ فإن زكيا قبلت شهادتهما ، و إلا أمضيت ما قد ثبت عندي ، فامتنع أولئك من الشهادة فزعاً ، و لم يدفع إلى المعتضد شيئاً .
و قال ابن حمدون النديم : غرم المعتضد على عمارة البحيرة ستين ألف دينار ، و كان يخلوا فيها مع جواريه و فيهن محبوبته دريرة ، فقال ابن بسام :
ترك الناس بحيره       و تخلى في البحيره
قاعداً يضرب بالطبـ       ـل على حر دريره
فبلغ ذلك المعتضد فلم يظهر أنه بلغه ، ثم أمر بتخريب تلك العمارات . ثم ماتت دريرة في أيام المعتضد ، فجزع عليها شديداً . و قال يرثيها :
يا حبيباً لم يكن يعـ       ـدله عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد       و من القلب قريب
ليس لي بعدك في شـ      ـيء من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلـ       ـبي و إن بنت رقيب
و خيال منك مذ عبـ       ـت خيال لا يغيب
لو تراني كيف لي بعـ       ـدك عول و نحيب؟
و فؤادي حشوه من       حرق الحزن لهيب
لتيقنت بأني       فيك محزون كئيب
ما أرى نفسي و إن سلـ ـيتها عنك تطيب
لي دمع ليس يعصيـ       ـني و صبر ما يجيب
و قال بعضهم يمدح المعتضد ، و هي على جزء جزء :
طيف ألم       بذي سلم
بين الخيم       يطوي الأكم
جاد نعم       يشفي السقم
ممن لئم       و ملتزم
فيه هضم       إذا يضم
داوى الألم       ثم انصرم
فلم أنم       شوقاً و هم
اللوم ذم       كم ثم كم
لوم الأصم ؟      أحمد لم
كل الثلم       مما انهدم
هو العلم       و المعتصم
خير النسم       خالاً و عم
حوى الهمم       و ما احتلم
طود أشم       شمح الشيم
جلا الظلم       كالبدر تم
رعى الذمم       حمى الحرم
فلم يؤم       خص و عم
بما قسم       له النعم
مع النقم       و الخير جم
إذا ابتسم       و الماء دم
       إذا انتقم
اعتل المعتضد في ربيع الآخر سنة تسع و ثمانين علة صعبة ، و كان مزاجه تغير من كثرة إفراطه في الجماع ، ثم تماسك . فقال ابن المعتز :
طار قلبي بجناح الوجيب       جزعاً من حادثات الخطوب
و حذاراً أن يشاك بسوء       أسد الملك و سيف الحروب
ثم انتكس ، و مات يوم الاثنين لثمان بقين منه .
و حكى المسعودي قال : شكوا في موت المعتضد ، فتقدم إليه الطبيب و جس نبضه ففتح عينيه ، و رفس الطبيب برجله ، فتدحاه أذرعاً فمات الطبيب ثم مات المعتضد من ساعته ، و لما احتضر أنشد :
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى       و خذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا
و لا تأمنن الدهر إني أمنته       فلم يبق لي حالاً و لم يرع لي حقا
قتلت صناديد الرجال فلم أدع       عدواً و لم أمهل على ظنة خلقا
و أخيلت دور الملك من كل بازل       و شتتهم غرباً و مزقتهم شرقا       
فلما بلغت النجم عزاً و رفعة       و دانت رقاب الخلق أجمع لي رقا
رماني الردى سهماً فأخمد جمرتي       فها أنا ذا في حفرتي عاجلاً ملقى
فأفسدت دنياي و ديني سفاهة       فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى ؟
فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى       إلى نعمة الله أم نارة ألقى ؟
و من شعر المعتضد :
يا لا حظي بالفتور و الدعج       و قاتلي بالدلال و الغنج
أشكو إليك الذي لقيت من ال       وجد فهل لي إليك من فرج
حللت بالطرف و الجمال من الن      اس محل العيون و المهج
و له ، أنشده الصولي .
لم يلق من حر الفراق       أحد كما أنا منه لاق
يا سائلي عن طعمه       ألفيته مر المذاق
جسمي يذوب و مقلتي       عبرى و قلبي ذو احتراق
ما لي أليف بعدكم       إلا اكتئابي و اشتياقي
فالله يحفظكم جميعـ       ـاً في مقام و انطلاق
و لابن المعتز يرثيه :
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحداً       و أنت والد سوء تأكل الولدا
أستغفر الله ، بل ذا كله قدر ،       رضيت بالله رباً واحداً صمدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة       بالظاهرية مفصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تنجبها ؟       أين الكنوز التي أحصيتها عددا
أين السرير الذي قد كنت تملؤه ؟       مهابة من رأته عينه ارتعدا
أين الأعادي الأولى ذللت مصعبهم ؟       أين الليوث التي صيرتها بددا
أين الجياد التي حجلتها بدم ؟       و كن يحملن منك الضيغم الأسدا
أين الرماح التي غديتها مهجا ؟       مذ مت ما وردت قلباً و لا كبدا
أين الجنان التي تجري جداولها ؟       و تستجيب إليها الطائر الغردا
أين الوصائف كالغزلان راتعة ؟       يسحبن من حلل موشية جددا
أين الملاهي ؟ و أين الراح تحسبها ؟ يا قوتة كسيت من فضة زردا
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغياً ؟       صلاح ملك بني العباس إذ فسدا
ما زلت تقسر منهم كل قسورة       و تحطم العالي الجبار معتمدا
ثم انقضيت فلا عين و لا أثر       حتى كأنك يوماً لم تكن أحدا
مات في أيام المعتضد من الأعلام : ابن المواز المالكي ، و ابن أبي الدنيا ، و إسماعيل القاضي ، و الحارث بن أبي أسامة ، و أبو العيناء ، و المبرد ، و أبو سعيد الخراز شيخ الصوفية ، و البحتري الشاعر ، و خلائق آخرون .
و خلف المعتضد من الأولاد أربعة ذكور ، و من الإناث إحدى عشرة .

 
 
 

يتبع لطفا"

 
 
 
 

 

.Powered by Braaum Modern Programming Est

Copy©2001 aslmna.com All Rights reserved webmaster@aslmna.com   .