البــدايـــة

القــرآن الكـريــم

الحديث النبوي الشريف

المكتبـه العـامـــه

المكتبـــــة العـــــامـــه

الخــلافـــة العبــاســـــيـة

 

القرن الثاني
القرن الثالث
القرن الرابع

القرن الخامس

القرن السادس
القرن السابع
القرن الثامن
نبذة عن بالأندلس
الدولة العبيدية
دولة بني طبابا
الدولة الطبرستانية
الفتن في كل قرن

الناصر لدين الله الظاهر بأمر الله المستنصر بالله المستعصم عبد الله
المستنصر بالله أحمد لحاكم بأمر الله  شرح حال التتاروقائعهم  

   الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله 575 هـ ـ 622 هـ
الناصر لدين الله : أحمد أبو العباس بن المستضيء بأمر الله ، ولد الاثنين عاشر رجب سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة ، و أمه أم ولد تركية اسمها زمرد ، و بويع له عند موت أبيه في مستهل ذي القعدة سنة خمس و سبعين ، و أجاز له جماعة : منهم أبو الحسين عبد الحق اليوسفي ، و أبو الحسن علي بن عساكر البطايحي ، و شهدة ، و أجاز هو لجماعة فكانوا يحدثون عنه في حياته و يتنافسون في ذلك رغبة في الفخر لا في الإسناد .
و قال الذهبي : و لم يل الخلافة أحد أطول مدة منه ، فإنه أقام فيها سبعة و أربعين سنة و لم تزل مدة حياته في عز و جلالة ، و قمع الأعداء ، و استظهار على الملوك ، و لم يجد ضيماً ، و لا خرج عليه خارجي إلا قمعه ، و لا مخالف إلا دفعه ، و كل من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان ، و كان ـ مع سعادة جده ـ شديد الاهتمام بمصالح الملك ، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيته كبارهم و صغارهم . و أصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة و الباطنة ، و كانت له حيل لطيفة و مكائد غامضة وخدع لا يفطن لها أحد ، يوقع الصداقة بين ملوك متعادين و هم لا يشعرون ، و يوقع العداوة بين ملوك متفقين و هم لا يفطنون ، و لما دخل رسول صاحب مازندران بغداد كانت تأتيه ورقة كل صباح بما عمل في الليل ، فصار يبالغ في التكتم و الورقة تأتيه بذلك ، فاختلى ليلة بامرأة دخلت من باب السر فصبحته الورقة بذلك ، و فيها [ كان عليكم دواج فيه صورة الفيلة ] فتحير و خرج من بغداد و هو لا يشك أن الخليفة يعلم الغيب ، لأن الإمامية يعتقدون أن الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل و ما وراء الجدار ، و أتى رسول خوارزم شاه برسالة مخفية ، و كتاب مختوم ، فقيل له ارجع فقد عرفنا ما جئت به ، فرجع و هو يظن أنهم يعلمون الغيب .
قال الذهبي : قيل : إن الناصر كان مخدوماً من الجن .
و لما ظهر خوارزم شاه بخراسان و ما وراء النهر ، و تجبر و طغى ، و استعبد الملوك الكبار ، و أباد أمماً كثيرة ، و قطع خطبة بني العباس من بلاده ، و قصد بغداد ، فوصل إلى همذان ، فوقع عليهم ثلج عظيم عشرين يوماً ، فغطاهم في غير أوانه ، فقال له بعض خواصه : إن ذلك غضب من الله حيث قصدت بيت الخلافة .
و بلغه أن أمم الترك قد تألبوا عليه ، و طمعوا في البلاد لبعده عنها ، فكان ذلك سبب رجوعه ، و كفي الناصر شره بلا قتال .
و كان الناصر إذا أطعم أشبع ، و إذا ضرب أوجع ، و له مواطن يعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر .
و وصل إليه رجل معه ببغاء تقرأ قل هو الله أحد تحفه للخليفة من الهند ، فأصبحت ميتة و أصبح حيران ، فجاءه فراش يطلب منه الببغاء ، فبكى ، و قال : الليلة ماتت ، فقال : قد عرفنا ، هاتها ميتة ، و قال : كم كان ظنك أن يعطيك الخليفة ؟ قال : خمسمائة دينار ، قال : هذه خمسمائة دينار ، خذها ، فقد أرسلها إليك الخليفة فإنه أعلم بحالك منذ خرجت من الهند . و كان صدر جهان قد صار إلى بغداد ، و معه جماعة من الفقهاء ، و واحد منهم لما خرج من داه من سمرقند على فرس جميلة ، فقال له أهله : لو تركتها عندنا لئلا تؤخذ منك في بغداد ، فقال : الخليفة لا يقدر أن يأخذها مني ، فأمر بعض القوادين أنه حين يدخل بغداد يضربه ، و يأخذها منه ، و يهرب في الزحمة ، ففعل ، فجاء الفقيه يستغيث فلا يغاث ، فلما رجعوا من الحج خلع على صدر جهان و أصحابه و خلع على ذلك الفقيه ، و قدمت له فرسه و عليها سرج من ذهب و طوق ، و قيل له : لم يأخذ فرسك الخليفة إنما أخذها أتوني ، فخر مغشياً عليه و أسجل بكرامتهم . و قال الموفق عبد اللطيف : كان الناصر قد ملأ القلوب هيبة و خيفة ، فكان يرهبه أهل الهند و مصر كما يرهبه أهل بغداد ، فأحيا بهيبته الخلافة و كانت قد ماتت بموت المعتصم ، ثم مات بموته .
و كان الملوك و الأكابر بمصر و الشام إذا جرى ذكره في خلواتهم خفضوا أصواتهم هيبة و إجلالاً ، و ورد بغداد تاجر و معه قناع دمياط المذهب ، فسألوه عنه ، فأنكر ، فأعطي علامات فيه : من عدده ، و ألوانه ، و أصنافه ، فازداد إنكاره ، فقيل له : من العلامات أنك نقمت على مملوكك التركي فلان ، فأخذته إلى سيف بحر دمياط في خلوة و قتلته و دفنته هناك ، و لم يشعر بذلك أحد .
قال ابن النجار : دانت السلاطين للناصر ، و دخل في طاعته من كان المخالفين ، و ذلت له العتاة و الطغاة ، و انقهرت بسيفه الجبابرة ، و اندحض أعداؤه ، و كثر أنصاره ، و فتح البلاد العديدة ، و ملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن الخلفاء و الملوك ، و خطب له ببلاد الأندلس و بلاد الصين ، و كان أشد بني العباس ، تنصدع لهيبته الجبال ، و كان حسن الخلق ، لطيف الخلق ، كامل الظرف ، فصيح اللسان بليغ البيان ، له التوقيعات المسددة ، و الكلمات المؤيدة ، و كانت أيامه غرة في وجه الدهر ، و درة في تاج الفخر . و قال ابن واصل : كان الناصر شهماً ، شجاعاً ، ذا فكرة صائبه ، و عقل رصين ، و مكر و دهاء ، و له أصحاب أخبار في العراق و سائر الأطراف ، يطالعونه بجزئيات الأمور ، حتى ذكر أن رجلاً ببغداد عمل دعوة و غسل يده قبل أضيافه ، فطالع صاحب الخبر الناصر بذلك ، فكتب في جواب ذلك [ سوء أدب من صاحب الدار ، و فصول من كاتب المطالعة ] ، قال : و كان مع ذلك رديء السيرة في الرعية ، مائلاً إلى الظلم و العسف ، ففارق أهل البلاد بلادهم ، و أخذ أموالهم و أملاكم ، و كان يفعل أفعالاً متضادة ، و كان يتشيع و يميل إلى مذهب الإمامية بخلاف آبائه ، حتى ان ابن الجوزي سئل بحضرته : من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال : أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته ، و لم يقدر أن يصرح بتفضيل أبي بكر .
و قال ابن الأثير : كان الناصر سيء السيرة ، خربت في أيامه العراق مما أحدثه من الرسوم و أخذ أموالهم و أملاكهم ، و كان يفعل الشيء و ضده ، و كان يرمي بالبندق ، و يغوي الحمام .
و قال الموفق عبد اللطيف : و في وسط ولايته اشتعل برواية الحديث ، و استناب نواباً في الإجازة عنه و التسميع ، و أجرى عليهم جرايات ، و كتب للملوك و العلماء إجازات ، و جمع كتاباً سبعين حديثاً ، و وصل إلى حلب ، و سمعه الناس .
قال الذهبي : أجاز الناصر لجماعة من الأعيان ، فحدثوا عنه : منهم ابن سكينة ، و ابن الأخضر ، و ابن النجار ، و ابن الدمغاني ، و آخرون .
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي و غيره : قل بصر الناصر في آخر عمره ، و قيل ذهب كله ، و لم يشعر بذلك أحد من الرعية ، حتى الوزير و أهل الدار ، و كان له جارية قد علمها الخط بنفسه ، فكانت تكتب مثل خطه فتكتب على التواقيع .
و قال شمس الدين الجزري : كان الماء الذي يشربه الناصر تأتي به الدواب من فوق بغداد بسبعة فراسخ ، و يغلى سبع غلوات كل يوم غلوة ، ثم يحبس في الأوعية سبعة أيام ، ثم يشرب منه ، و مع هذا ما مات حتى سقي المرقد مرات ، و شق ذكره ، و أخرج منه الحصى و مات منه يوم الأحد سلخ رمضان سنة اثنتين و عشرين و ستمائة : و من لطائفه أن خادماً له اسمه يمن كتب إليه ورقة فيها عتب ، فوقع فيها :
بمن       يمن       يمن       بمن       ثمن       ثمن
و لما تولى الخليفة بعث إلى السلطان صلاح الدين بالخلع و التقليد ، و كتب إليه السلطان كتاباً يقول فيه : و الخادم ـ و لله الحمد ـ يعدد سوابق في الإسلام ، و الدولة العباسية لا يعمرها أولية أبي مسلم لأنه والى ثم وارى ، و لا آخرية طغرلبك لأنه نصر ثم حجر ، و الخادم من كان ينازع رداءها ، و أساغ الغصة التي أذخر الله للأساغة في سيفه ماءها ، فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر ، و أعز بتأييد إبراهيمي فكسر الأصنام الباطنة بسيفه الطاهر .
و من الحوادث في أيامه : منشوره في سنة سبع و سبعين و خمسمائة أرسل الملك الناصر يعاتب السلطان صلاح الدين في تسميه بالملك الناصر مع علمه أن الخليفة اختار هذه التسمية لنفسه .
و في سنة ثمانين جعل الخليفة مشهد موسى الكاظم أمناً لمن لاذ به ، فالتجأ إليه خلق ، و حصل بذلك مفاسد .
و في سنة إحدى و ثمانين ولد بالعلث ولد طول جبهته شبر و أربع أصابع ، و له أذن واحدة .
و فيها وردت الأخبار بأنه خطب للناصر بمعظم بلاد المغرب .
و في سنة اثنتين و ثمانين اجتمع الكواكب الستة في الميزان ، فحكم المنجمون بخراب العالم في جميع البلاد بطوفان الريح ، فشرع الناس في حفر مغارات في التخوم ، و توثيقها ، و سد منافسها على الريح ، و نقلوا إليها الماء و الزاد ، و انتقلوا إليها ، و انتظروا الليلة التي وعدوا فيها بريح كريح عاد ، و هي الليلة التاسعة من جمادى الآخرة ، فلم يأت فيها شيء ، و لا هب فيها نسيم ، بحيث أوقدت الشموع ، فلم يتحرك فيها ريح تطفئها ، و عملت الشعراء في ذلك ، فمما قيل فيه قول أبي الغنائم محمد بن المعلم :
قل لأبي الفضل قول متعرف       مضى جمادى و جاءنا رجب
و ما جرت زعزع كما حكموا       و لا بدا كوكب له ذنب
كلا و لا أظلمت ذكاء ، و لا       بدت إذن في قرونها الشهب
يقضي عليها من ليس يعلم ما       يقضي عليه ، هذا هو العجب
قد بان كذب المنجمين ، و في       أي مقال قالوا فما كذبوا ؟
و في سنة ثلاث و ثمانين اتفق أن أول يوم في السنة كان أول أيام الأسبوع ، و أول السنة الشمسية ، و أول سني الفرس ، و الشمس القمر في أول البروج ، و كان ذلك من الاتفاقات العجيبة .
و فيها كانت الفتوحات الكثيرة ، أخذ السلطان صلاح الدبين كثيراً من البلاد الشامية التي كانت بيد الفرنج ، و أعظم ذلك بيت المقدس ، و كان بقاؤه في يد الفرنج إحدى و تسعين سنة ، و أزال السلطان ما أحدثه الفرنج من الآثار ، و هدم ما أحدثوه من الكنائس ، و بنى موضع كنيسة منها مدرسة للشافعية ، فجزاه الله عن الإسلام خيراً ، و لم يهدم القمامة اقتداء بعمر رضي الله عنه ، حيث لم يهدمها لما فتح بيت المقدس ، و قال في ذلك محمد بن أسعد النسابة :
أترى مناماً ما يعيني أبصر       القدس يفتح ، و النصارى تكسر
و قمامة قمت من الرجس الذي       بزواله و زالها يتطهر
و مليكهم في القيد مصفود ، و لم ير قبل ذاك لهم مليك يؤسر
قد جاء نصر الله و الفتح الذي       وعد الرسول فسبحوا و استغفروا
يا يوسف الصديق أنت لفتحها       فا روقها عمر الإمام الأطهر
و من الغرائب أن ابن برجان ذكر في تفسيره الم * غلبت الروم أن بيت المقدس يبقى في يد الروم إلى سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة ، و ثم يغلبون و يفتح و يصير دار إسلام إلى آخر الأبد ، و أخذ من حساب الآية ، فكان ذلك .
قال أبو شامة : و هذا الذي ذكره ابن برجان من عجائب ما اتفق ، و قد مات ابن برجان قبل ذلك بدهر ، فإن وفاته سنة ست و ثلاثين و خمسمائة .
و في سنة تسع و ثمانين مات السلطان صلاح الدين رحمه الله ، فوصل إلى بغداد الرسول و في صحبته لأمة الحرب التي لصلاح الدين و فرسه ، و دينار واحد ، و ستة و ثلاثون درهماً ، لم يخلف من المال سواها ، و استقرت مصر لابنه عماد الدين عثمان الملك العزيز ، و دمشق لابنه الملك الأفضل نور الدين علي ، و حلب لابنه الملك الظاهر غياث الدين غازي .
و في سنة تسعين مات السلطان طغرلبك شاه بن أرسلان بن طغرلبك بن محمد بن ملك شاه ، و هو آخر ملوك السلجوقية .
قال الذهبي : و كان عددهم نيفاً و عشرين ملكاً ، و أولهم طغرلبك الذي أعاد القائم إلى بغداد ، و مدة دولتهم مائة و ستون سنة .
و في سنة خمسمائة و اثنتين و تسعين هبت ريح سوداء بمكة ، عمت الدنيا ، و وقع على الناس رمل أحمر ، و وقع من الركن اليماني قطعة .
و فيها عسكر خوارزم شاه ، فعدا جيحون في خمسين ألفاً ، و بعث إلى الخليفة يطلب السلطنة ، و إعادة دار السلطنة إلى ما كانت ، و أن يجيء إلى بغداد ، و يكون الخليفة تحت يده ، كما كانت الملوك السلجوقية ، فهدم الخليفة دار السلطنة ، و رد رسوله بلا جواب ، ثم كفي شره كما تقدم .
و في سنة ثلاث و تسعين انقض كوكب عظيم سمع لا نقضاضه صوت هائل ، و اهتزت الدور و الأماكن ، فاستغاث الناس ، و أعلنوا بالدعاء ، و ظنوا ذلك من أمارات القيامة .
و في سنة خمس و تسعين مات الملك العزيز بمصر ، و أقيم ابنه المنصور بدله ، فوثب الملك العادل سيف الدين أيو بكر بن أيوب و تملكها ، ثم أقام بها ابنه الملك الكامل .
و في سنة ست و تسعين توقف النيل بمصر بحيث كسرها ، و لم يكمل ثلاثة عشر ذراعاً ، و كان الغلاء المفرط بحيث كسرها ، بحيث أكلوا الجيف و الآدمين ، و فشا أكل بني آدم و اشتهر ، و رئي من ذلك العجب العجاب ، و تعدوا إلى حفر القبور و أكل الموتى ، و تمزق أهل مصر كل ممزق ، و كثر الموت من الجوع بحيث كان الماشي لا يقع قدمه أو بصره إلا على ميت أو من هو في السياق ، و هلك أهل القرى قاطبة بحيث إن المسافر يمر بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار ، و يجد البيوت مفتحة و أهلها موتى .
و قد حكى الذهبي في ذلك حكايات يقشعر الجلد من سماعها ، قال : و صارت الطرق مزرعة بالموتى ، و صارت لحومها للطير و السباع ، و بيعت الأحرار و الأولاد بالدارهم اليسيرة ، و استمر ذلك إلى أثناء سنة ثمان و تسعين .
و في سنة سبع و تسعين جاءت زلزلة كبرى بمصر و الشام و الجزيرة ، فأخربت أماكن كثيرة و قلاعاً ، و خسفت قرية من أعمال بصرى .
و في سنة تسع و تسعين في سلخ المحرم ماجت النجوم ، و تطايرت تطاير الجراد ، و دام ذلك إلى الفجر ، و انزعج الخلق ، و ضجوا إلى الله تعالى ، و لم يعهد ذلك إلا عند ظهور رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و في سنة ستمائة هجم الفرنج إلى النيل من رشيد ، و دخلوا بلد فوة فنهبوها و استباحوها و رجعوا .
و في سنة إحدى و ستمائة تغلبت الفرنج على القسطنطينية ، و أخرجوا الروم منها ، و كانت بأيدي الروم من قبل الإسلام ، و استمرت بيد الفرنج إلى سنة ستين و ستمائة ، فاستطلقها منهم الروم .
و فيها ـ أي في سنة إحدى و ستمائة ـ ولدت امرأة بقطيعاء ولداً برأسين و يدين و اربعة أرجل و لم يعش .
و في سنة ست و ستمائة كان ابتداء أمر التتار ، و سيأتي شرح حالهم .
و في سنة خمس عشرة أخذت الفرنج من دمياط برج السلسلة .
قال أبو شامة : و هذا البرج كان قفل الديار المصرية ، و هو برج عل في وسط النيل و دمياط بحذائه من شرقيه ، و الجزيرة بحذائه من غربيه ، و في ناحيته سلسلتان تمتد إحداهما على النيل إلى دمياط ، و الأخرى على النيل إلى الجزيرة تمنعان عبور المراكب من البحر المالح .
و في سنة عشرة أخذت الفرنج دمياط بعد حروب و محاصرات ، و ضعف الملك الكامل عن مقاومتهم ، فبدعوا فيها ، و جعلوا الجامع كنيسة ، فابتنى الملك الكامل مدينة عند مفرق البحرين ، سموها المنصورة ، و بنى عليها سوراً ، و نزلها بجيشه ، و في هذه السنة كاتبه قاضي ركن الظاخر ، و كان الملك المعظم صاحب دمشق في نفسه منه ، فأرسل له بقجة فيها قباء و كلوته و أمره بلبسها بين الناس في مجلس حكمه ، فلم يمكنه الامتناع ، ثم قام و دخل داره و لزم بيته ، و مات بعد أشهر قهراً ، و رمى قطعاً من كبده ، و تأسف الناس لذلك ، و اتفق أن الملك المعظم أرسل في عقب ذلك إلى الشرف بن عنين حين تزهد خمراً و برداً ، و قال : سبح بهذا فكتب إليه يقول :
يا أيها الملك المعظم سنة       أحدثتها تبقى على الآباد
تجري الملوك على طريقك بعدها خلع القضاة و تحفة الزهاد       
و في سنة إحدى و عشرين بنيت دار الحديث الكاملية بالقاهرة بين القصرين ، و جعل شيخها أبا الخطاب بن دحية ، و كانت الكعبة تكسى الديباج الأبيض من أيام المأمون إلى الآن ، فكساها الناصر ديباجاً أخضر ، ثم كساها ديباجاً أسود ، فاستمر إلى الآن .
و ممن مات في أيام الناصر من الأعلام : الحافظ أبو طاهر السلفي ، و أبو الحسن بن القصار اللغوي ، و الكمال أبو البركات بن الأنباري ، و الشيخ أحمد بن الرفاعي الزاهد ، و ابن بشكوال ، و يونس والد يونس الشافعي ، و أبو بكر بن طاهر الأحدب النحوي ، و أبو الفضل والد الرافعي ، و ابن ملكون النحوي ، و عبد الحق الإشبيلي صاحب [ الأحكام ] ، و أبو زيد السهيلي صاحب [ الروض الأنف ] ، و الحافظ أبو موسى المديني ، و ابن بري اللغوي ، و الحافظ أبو بكر الحازمي ، و الشرف ابن أبي عصرون ، و ابو القاسم البخاري ، والعتابي صاحب [ الجامع الكبير ] ـ من كبار الحنيفة ، و النجم الحبوشاني المشهور بالصلاح ، و أبو القاسم بن فيرة الشاطبي صاحب القصيدة ، و فخر الدين أبو شجاع محمد ابن علي بن شعيب بن الدهان الفرضي أول من وضع الفرائض على شكل المنبر ، و الرهان المرغيناني صاحب [ الهداية ] ـ من الحنفية ، و قاضيخان صاحب الفتاوي منهم ، و عبد الرحيم بن حجون الزاهد بالصعيد ، و أبو الوليد بن رشد صاحب العلوم الفلسفية ، و أبو بكر بن زهر الطبيب ، و الجمال بن فضلان من الشافعية ، و القاضي الفاضل صاحب الإنشاء و الترسل ، و الشهاب الطوسي ، و أبو الفرج بن الجوزي ، و العماد الكاتب ، و ابن عظيمة المقري ، و الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب [ العمدة ] ، و البركي الطاوسي صاحب الخلاف ، و تميم الحلي ، و أبو ذر الخشني النحوي ، و الإمام فخر الدين الرازي ، و أبو السعادات ابن الأثير صاحب [ جامع الأصول ] و [ نهاية الغريب ] ، و العماد بن يونس صاحب شرح الوجيز ، و الشرف صاحب [ التنبيه ] ، و الحافظ أبو الحسن بن المفضل ، و أبو محمد بن حوط الله ، و أخوه أبو سليمان ، و الحافظ عبد القادر الرهاوي ، و الزاهد أبو الحسن بن الصباغ بقنا ، و الوجيه ابن الدهان النحوي ، و تقي الدين ابن المقترح ، و أبو اليمن الكندي النحوي ، و المعين الحاجري صاحب [ الكفاية ] ـ من الشافعية ، و الركن العميدي صاحب الطريقة في الخلاف ، و أبو البقاء العكبري صاحب [ الإعراب ] ، و ابن أبي أصيعبة الطبيب ، و عبد الرحيم بن السمعاني ، و نجم الدين الكبرى ، و ابن أبي الصيف اليمني ، و موفق الدين بن قدامة الحنبلي ، و فخر الدين بن عساكر ، و خلائق آخرون .      

 
 
 

يتبع لطفا"

 
 
 
 

 

.Powered by Braaum Modern Programming Est

Copy©2001 aslmna.com All Rights reserved webmaster@aslmna.com   .