المستعين بالله أحمد
بن المعتصم 248هـ ـ 252هـ
المستعين بالله : أبو العباس أحمد بن المعتصم بن الرشيد ، و هو أخو المتوكل ، ولد
سنة إحدى و عشرين و مائتين ، و أمه أم ولد اسمها مخارق ، و كان مليحاً أبيض بوجهه
أثر جدري ، ألثغ ، و لما مات المنتصر اجتمع القواد و تشاوروا و قالوا : متى وليتم
أحداً من أولاد المتوكل لا يبقى منا باقية ، فقالوا : مالها إلا أحمد بن المعتصم
ولد أستاذنا ، فبايعوه و له ثمان و عشرون سنة ، و استمر إلى أول سنة إحدى و خمسين
فتنكر له الأتراك ، لما قتل وصيفاً و بغا ، و نفى باغر التركي الذي فتك بالمتوكل ،
و لم يكن للمستعين مع وصيف و بغا أمر حتى قيل في ذلك :
خليفة في قفــص بيــن وصيـــف و بغــا
يقـــول مــا قـــالا له كما تقـــــول الببغـا
و لما تنكر له الأتراك خاف ، و انحدر من سامرا إلى بغداد ، فأرسلوا إليه يعتذرون و
يخضعون له و يسألونه الرجوع ، فامتنع فقصدوا الحبس ، و أخرجوا المعتز بالله و
بايعوه ، و خلعوا المستعين ، ثم جهز المعتز جيشاً كثيفاً لمحاربة المستعين ، و
استعد أهل بغداد للقتال مع المستعين ، فوقعت بينهما وقعات ، و دام القتال أشهراً و
كثر القتل ، و غلت الأسعار ، و عظم البلاء ، و انحل أمر المستعين ، فسعوا في الصلح
على خلع المستعين ، و قام في ذلك إسماعيل القاضي و غيره بشروط مؤكدة ، فخلع
المستعين نفسه في أول سنة اثنتين و خمسين ، و أشهد عليه القضاة و غيرهم فأحدر إلى
واسط ، فأقام بها تسعة أشهر محبوساً موكلاً به أمين ثم رد إلى سامراء ، و أرسل
المعتز إلى أحمد بن طولون أن يذهب إلى المستعين فيقتله ، فقال : و الله لا أقتل
أولاد الخلفاء فندب له سعيد الحاجب ، فذبحه في ثالث شوال من السنة و له إحدى و
ثلاثون سنة ، و كان خيراً فاضلاً ، بليغاً ، أديباً ، و هو أول من أحدث لبس الأكمام
الواسعة ، فجعل عرضها نحو ثلاثة أشبار ، و صغر القلانس و كانت قبله طوالاً .
مات في أيامه من الأعلام : عبد بن حميد ، و أبو الطاهر بن السرح ، و الحارث بن
مسكين ، و البزي المقرئ ، و أبو حاتم السجستاني ، و الجاحظ و آخرون .
|