|
 |
 |
 |
 |
|
 |
|
معركة قوصووه
كان السلطان مراد الأول الذي حكم الدولة
العثمانية ثلاثين عاماً ، شغوفاً بالجهاد ، فما إن أصبح السلطان عام
761 للهجرة حتى بدأ الجهاد ، وتوغل في بلاد البلقان فاتحاً بنفسه وعن
طريق قواده مما أثار الصرب الذين فشلوا كثيراً في حروبهم ضد العثمانيين
، فتحالف الصرب والبوسنيون والبلغار ، وأعدوا جيشاً أوروبياً صليبياً
كثيفاً لحرب السلطان الذي كان قد وصل بجيوشه إلى منطقة كوسوفو في
البلقان .
ومن الموافقات العجيبة أن وزير السلطان مراد الذي
كان يحمل مصحفاً فتحه على غير قصد ، فوقع نظره على هذه الآية : { يا
أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا
مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا ..} فاستبشر
بالنصر ، واستبشر معه المسلمون ، ولم يلبث أن نشب القتال بين الجمعين ،
وحمي وطيسه ، واشتدت المعركة ، وانجلت الحرب عن انتصار المسلمين
انتصاراً حاسماً .
وبعد الانتصار في قوصووه أو ( قوص أوه )
وتعني ( إقليم كوسوفو ) قام السلطان مراد يتفقد ساحة المعركة ، ويدور
بنفسه بين صفوف القتلى من المسلمين ويدعو لهم ، كما كان يتفقد الجرحى ،
وفي أثناء ذلك قام جندي من الصرب كان قد تظاهر بالموت وأسرع نحو
السلطان فتمكن الحرس من القبض عليه ، ولكنه تظاهر بأنه جاء يريد محادثة
السلطان ويريد أن يعلن إسلامه على يديه ، وعند ذلك أشار السلطان للحرس
بأن يطلقوه ، فتظاهر بأنه يريد تقبيل يد السلطان ، وقام في حركة سريعة
بإخراج خنجر مسموم طعن به السلطان فاستشهد به رحمه الله تعالى في 15
شعبان سنة 791 هـ ، عن عمر يناهز 65 عاماً ، بعد أن دخل 37 معركة في
فترة حكمه لم يخسر منها أي واحدة .
وكانت آخر كلمات السلطان
قبل موته : ( لا يسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله ، إنه علام الغيوب
المتقبل دعاء الفقير ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وليس يستحق الشكر
والثناء إلا هو ، لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الإسلام
.أطيعوا ابني يزيد ، ولا تعذبوا الأسرى ولا تؤذونهم ولا تسلبوهم ،
وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم إلى رحمة الله فهو
الذي يحفظ دولتنا من كل سوء ) .
وكان من دعائه قبل المعركة : ..
تقبل رجائي ، ولا تجعل المسلمين يبوء بهم الخذلان أمام العدو ، يا الله
يا أرحم الراحمين لا تجعلني سبباً في موتهم ، بل اجعلهم المنتصرين ، إن
روحي أبذلها فداء لك يارب ، إني وددت ولا زلت دوماً أبغي الاستشهاد من
أجل جند الإسلام ، فلا ترني يا إلهي محنتهم ، واسمح لي يا إلهي هذه
المرة أن أستشهد في سبيلك ومن أجل مرضاتك .
الدولة
العثمانية لعلي محمد صلابي ، ص103
|
|
|
 |
 |
 |
|