فتح دمشق
قال ابن جرير : سار أبو عبيدة إلى دمشق ،
وخالد على مقدمة الناس ، و قد اجتمعت الروم على رجل يقال له باهان
بدمشق ، و كان عمر عزل خالداً و استعمل أبا عبيدة على الجميع ، و التقى
المسلمون و الروم فيما حول دمشق ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ، ثم هزم
الله الروم ، و دخلوا دمشق و غلقوا أبوابها ، و نازلها المسلمون حتى
فتحت ، و أعطوا الجزية ، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل
خالد فاستحياأبوعبيدةأن يقرئ خالداً الكتاب حتى فتحت دمشق و جرى الصلح
على يدي خالد ، و كتب الكتاب باسمه ، فلما صالحت دمشق لحق باهان صاحب
الروم بهرقل .وقيل : كان حصار دمشق أربعة أشهر .
وكان صاحب
دمشق قد جاءه مولود فصنع طعاماً و اشتغل يومئذ، و خالد بن الوليد الذي
لا ينام ولا يُنيم قد هيأ حبالاً كهيئة السلالم ، فلما أمسى هيأ أصحابه
و تقدم هو و القعقاع بن عمرو ، و مذعور بن عدي و أمثالهم و قالوا : إذا
سمعتم تكبيرنا على السور فارقوا إلينا و انهدوا الباب .
قال :
فلما انتهى خالد و رفقاؤه إلى الخندق رموا بالحبال إلى الشُرف ، و تسلق
القعقاع و مذعور فلم يدعاأُحبُولة حتى أثبتاها في الشُرف ، و كان ذلك
المكان أحصن مكان بدمشق فاستوى على السور خلق من أصحابه ثم كبروا ، و
انحدر خالد إلى الباب فقتل البوابين ، و ثار أهل البلد إلى مواقفهم لا
يدرون ما الشأن ، فتشاغل أهل كل جهة بما يليهم ، و فتح خالد الباب و
دخل أصحابه عنوة.
و قد كان المسلمون دعوهم إلى الصلح و المشاطرة
فأبوا ، فلما رأوا البلاء بذلوا الصلح ، فأجابهم من يليهم ، و قبلوا
فقالوا : ادخلوا و امنعونا من أهل ذاك الباب ، فدخل أهل كل باب بصلح
مما يليهم ، فالتقى خالد و الأمراء في وسط البلد هذا استعراضاً و نهباً
، و هؤلاء صلحاً فأجروا ناحية خالد على الصلح بالمقاسمة، وكتب إلى عمر
بالفتح ، وكان ذلك سنةأربعةعشرة للهجرة .
نزهة الفضلاء 1 /
51أ
|