صور الخلق نعود بعد ذلك إلى صور الخلق من الله تعالى وهي
أربع : خلق بدون ذكر أو أنثى أي من الله سبحانه وتعالى
مباشرة بدون الأسباب .. وهذا هو خلق آدم . وخلق من ذكر وهذا هو خلق حواء . خلقت من ضلع آدم ،
كما أخبرنا بذلك القرآن الكريم في قول الحق تبارك
وتعالى :
{ يآأيها الناسُ اتقوا
ربكُمُ الذي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } . (من الآية الأولى من سورة النساء ) وخَلْق مِن ذكر وأنثى وهو الذي يتم بمشيئة الله
سبحانه وتعالى وبالأسباب . والأسباب هنا هي وجود الذكر والأنثى ، ولكن طلاقة
قدرة الله سبحانه وتعالى ، شاءت ألا تجعل الأسباب
تعمل وحدها بل تعمل بإرادة المسبب ، ولذلك قد يتزوج
الرجل والمرأة ، وتتوافر الأسباب التي توجد
الإنجاب ومع ذلك لايحدث ولا تأتي ذرية ، لأن مشيئة
الله فوق الأسباب ، واقرأ قوله سبحانه :
{ للهِ مُلْكُ
السمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَايَشَآءُ
يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن
يَشَآءُ الذكُورَ * أَويُزَوِجُهُمْ ذُكْرَانَاً
وَإِنَاثَاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً
إِنهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . (سورة الشورى ) حتى نعلم أنه ومع وجود الأسباب المتمثلة في الذكر
والأنثى لايحدث التكاثر إلا بالمشيئة الإلهية
وبطلاقة قدرة الله فيجتمع الذكر والأنثى ولا يتم
الانجاب ، لأنه ليس عملية ميكانيكية بشرية الأسباب
، ولكن فوق كل الأسباب تعلو مشيئة المسبب . واستكمالاً لصور الخلق تأتي الصورة الرابعة وهي
خلق عيسى عليه السلام بن مريم من أنثى بدون ذكر ،
لتتم به معجزات الخلق الأربعة ، ليصبح الخلق بدون
ذكر وأنثى ، ومن ذكر وأنثى ، ومن ذكر دون انثى ، ومن
اجتماع الأثنين ، ومن انثى دون ذكر . هذه هي صور الخلق . الله سبحانه وتعالى أوجد مرحلتين في خلقه هما
الموت والحياة ، فالحياة خلق لله سبحانه وتعالى ،
وكذلك الموت خلق لله ، يقول الحق سبحانه وتعالى :
{ الذي خَلَقَ الْمَوْتَ
وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلاً } . (من الآية 2 سورة الملك إن كل مرحلة من هاتين المرحلتين : الموت أو الحياة
لهما قوانينها التي تحكمها ، ونحن لانعرف من هذه
القوانين إلا ماأخبرنا به الله تبارك وتعالى وهو
أقل القليل ، ولكننا مع ذلك ـ نحكم بأقل القليل هذا
حكما عاما ! وبعض الناس يجزم أنه ليس هناك في الكون إلا
مانراه في حياة اليقظة ، مع أن هذا الشخص الذي يقول
هذا الكلام يتوفى ويرد إلى الحياة كل يوم ، وينتقل
من قانون إلى قانون في ثانية ، ودون أن يدري ، يقول
الحق تبارك وتعالى :
{ اللهُ يَتَوَفى
الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالتي لَمْ تَمُتْ
فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التي قَضَى عَلَيْهَا
الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَىّ إِلىّ أَجَلٍ
مُسَمىً } . ( من الآية 43 سورة الزمر )