مهمة الإنسان في الحياة كل أجناس الأرض من نبات وجماد وحيوان مسخرة لك
أيها الإنسان ، خادمة تطيعك في كل ماهو مطلوب منها ..
مهمتها في كل الدنيا أن تخدم المؤمن والكافر ..
الطائع والعاصي حتى تقوم الساعة .. فيفقد الإنسان
هذه الميزة وينتهي هذا التسخير . الشمس في الدنيا لاتعطي أشعتها للمؤمنين فقط ..
والأرض لاتخرج الزرع لمن آمن وتمنعه عمن كفر ..
أجناس الأرض تنفعل للإنسان وبالإنسان ، بصرف النظر
عن عقيدته واتجاهه نحو ربه .. فمن يحسن الأخذ
بالأسباب تعطيه الأسباب .. لافرق بين من قال لاإله
إلا الله .. ومن رفض أن يقولها . أما في الآخرة فالوضع يختلف .. الأجناس تخدم
المؤمن وحده ولاتخدم الكافر .. لكن عندما يحاول
الكافر ان يكذب على الله ويقول أطعت .. تقول قدماه
لاياربي .. لقد كان يسير بي كل يوم لى الخمارة ..
وتقول يداه لاياربي .. لقد كان يبطش بي بالضعفاء ..
ويقول لسانه لاياربي .. لقد كان ينطق بي كلمة الكفر ..
وهكذا تنتهي سيطرته حتى على جسده .. وإقرأ قوله
سبحانه :
{ حَتىّ إذَا
مَاجَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ
وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوْا
يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِم لِمَ
شَهِدتُمْ عَلَيْنَا قَالُواّْ أَنْطَقَنَا اللهُ
الذِيّ أَنْطَقَ كُل شِيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكم أَولَ
مَرةٍ وَإَلَيْهِ تُرْجَعُونَ * } . (سورة فصلت ) إذن اختيار الإنسان وخدمة أجناس الكون له .. هو
للناس كل الناس فس الدنيا .. ولكن في الآخرة هو
للمؤمنين وحدهم . الكافر إذا أراد أن يهرب يوم القيامة لاتتحرك
قدماه .. وإذا اراد أن يبتعد عن النار قادته قدماه
إلى النار رغماً عنه .. وإذا أراد أن يشرب جاءه ماء
يغلي يقطع أمعاءه .. وإذا اراد أن يلبس . فصلت له
ملائكة النار رداء من نار ملتصق على جسده . أجناس الكون لاتخدم الكافر يوم القيامة .. بل
تلعنه وتحرقه وتعذبه . . والله سبحانه وتعالى كرم
الإنسان بأن جعل له حياة أخرة .. حياة لاتعطى
بالأسباب .. ولكن تعطى من الله سبحانه وتعالى مباشرة
.. فيها نعيم لايفوت الإنسان ولايفوته الإنسان ..
الحياة التي تناسب في عطائها الإنسان المؤمن الذي
أعطاه الله السيادة في الكون .. حياة لاتنتهي فليس
فيها موت . وعمر الإنسان لاينتهي بالموت بعد الحياة الدنيا
.. ولكن له حياة أخرى هي المقصودة .. ولكن من يصل إلى
هذه الحياة وإلى هذا النعيم ؟ إنه من يؤدي مهمته في
الدنيا التي خلقه الله من أجلها .. وهي طاعة الله في
إفعل ولاتفعل .. تلك الطاعة هي التي تقود الإنسان
إلى الخلود في النعيم . لقد خلق الله هذا الكون ليطاع فيه .. ويسبح الكون
كله بحمده .. فإذا انضممت إلى أجناس الكون وكنت
عابداً لله إنسجمت مع هذه الأجناس في الحياة الدنيا
.. ثم أعطاك الله سبحانه الخلود في الآخرة . ولكن إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلقنا لنعبده
.. فهل معنى ذلك أن الله ـ سبحانه ـ في حاجة إلى هذه
العبادة ؟! ونقول : إن الله مستغن بذاته عن جميع خلقه
.. لاتضره معصية ، كما لاتنفعه طاعة .. لقد خلقنا
مختارين .. فمن شاء فليؤمن .. من شاء فليكفر .. ليأتيه
من شاء عن حب لاعن قهر ..يقول الحق جل جلاله :
{ إِن نشَأْ نُنَزلْ
عَلَيْهِم مِنَ السمَاءِ ءَايَةً فَظَلتْ
أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِنَ * } . (سورة الشعراء )