وحده .. يحيى ويميت إن الله سبحانه وتعالى هو خالق الموت والحياة . أي
أنه سبحانه وحده هو الذي ينقل الإنسان من الحياة
إلى الموت ومن الموت إلى الحياة ، ولذلك فإن من
أسمائه الحسنى سبحانه : المحيي المميت . ويقول سيدنا
إبراهيم عليه السلام قال كما جاء في القرآن الكريم :
{ فإنهُمْ عَدُوٌ إلا رَب
الْعَالَمِينَ * الذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
* وَالْذِي هُو يُطْعِمُني وَيَسْقِينِ * وَإذَا
مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِيِنِ * وَالذِي يُمِتُنِي
ثُم يُحْيِينِ * وَالذيّ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ
لِي خَطِيّئتِي يَوْمَ الدينِ * } . ( سورة الشعراء ) في هذه الآيات الكريمة نلاحظ أن الله سبحانه
وتعالى أكد الأشياء التي يعتقد بعض الناس أن لغير
الله فيها عمل ، أما الأشياء التي لايمكن أن يدعي
إنسان أن له فيها عملاً ، فإنه جاء لها مرسلة . يقول تعالى : الذي خلقني . لايستطيع أحد أن يدعي
أنه يخلق ، ولكنه قال فهو يهدين ، فجاء بضمير الفصل
المؤكد ، لأنه هناك من يدعي أنه يهدي وبغير الحق
ليجعل الناس تتبعه وليتخذوه سبيلا ، إنه سبحانه لم
يأت بهذا الضمير على لسان إبراهيم عليه السلام ..
فلم يقل الذي (هو ) خلقني بل قال (الذي خلقني) ، لأن
قضية الخلق محسومة لله وحده سبحانه وتعالى ، وجاء
الضمير أيضاً في قول إبراهيم عليه السلام عندما قال
: ( والذي هو يطعمني ويسقين ) جاء بلفظ (هو) هنا أيضاً
لأن هناك عملاً للإنسان في نفسه مثل استخراج الطعام
، وإيصال الماء إلى الناس . ثم قال جل جلاله : " وإذا مرضت فهو يشفين "
وجاء بالضمير هنا كذلك حتى لايدعى أحد أن الطبيب
يشفي ، والحقيقة غير ذلك تماماً ، فالطبيب يعالج ،
وإنما الذي يشفي هو الله سبحانه وتعالى ، بل قد يكون
الطبيب سبباً من أسباب الأجل أو أسباب الموت ،
فلربما أعطى المريض دواءً خطأ ، أو يحقنه بما يعتقد
أنه سيشفيه ، فيكون السبب في موته ، ولذلك أكدها
الله تعالى بضمير الفصل .. لأنه كما قلنا يأتي
للتأكيد فقال : " فهو يشفين " . ولكن عندما جاء إلى الموت والحياة ، لم تكن هناك
حاجة لإستعمال ضمير التأكيد فقال :" والذي يميتني
ثم يحيين " لماذا ؟ لأن الموت والحياة لله وحده
لايستطيع أحد أن يدعيهما " .