النملة تتكلم .. والهدهد
يعلم ؟ إننا إذا انتقلنا بعد ذلك إلى الحشرات نجد أن لها
نظاماً دقيقاً وأن لها لغة تتفاهم بها مع نسها .. ألم
تقل النملة عندما رأت جنود سليمان :
{ ياّأيها النملُ ادخلوا
مساكنكم لايحُطمنكمْ سليمان وجُنُوُدهُ وهم
لايشعرونَ } . (من الآية 18 سورة النمل ) من الذي عرف النملة أن هذا سليمان ، وأن من معه هم
جنوده ؟ ومن الذي أعلمها أنهم حين يطأون النمل
سيحطمونه ويقتلونه دون أن يشعروا بذلك ؟ من الذي
جعل النملة تدرك ذلك ، ويأي عقل أدركت إلا أن تكون
لها حياة لانعرف عنها نحن شيئاً ، وأشياء تدرك ،
ولكننا لانفهمها ؟ إنك لو قرأت قصة الهدهد وسليمان لأحسست بمدى
العلم الذي يمكن أن يكون عند خلق الله من غير بني
الإنسان . ماذا قال الهدهد لسليمان ؟ يقول الله
تبارك وتعالى :
{ أَحَطتُ بما لم تُحِطْ
بِهِ وجئْتُكَ منن سبَإٍ بِنَبَإٍ يقينٍ * إني
وجدتُ امْرأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُل
شيءٍ وَلها عَرْشٌ عظيمٌ * وَجَدتُها وقَومَها
يسْجُدُونَ للشمسِ من دُونِ اللهِ وَزَينَ لَهُمُ
الشيطانُ أعمالَهُم فَصَدهُمْ عَنِ السَبِيلِ
فَهُمْ لاَيهْتَدُونَ * } . (سورة النمل ) ولنتدبر ماجاء في هذه الآيات ..لقد أعطى الله
سليمان عليه السلام ملكاً لم يعطه لأحد من العالمين
، ومع ذلك فقد أحاط ـ سبحانه ـ الهدهد بما لم يعرفه
سليمان حتى يعلم سليمان أن الله سبحانه لايقصر علمه
على أحد ، وأن الإنسان إن علم شيئاً غابت عنه أشياء . من الذي علم الهدهد أن هذه المملكة تسمى مملكة
سبأ ، وأن هؤلاء القوم تحكمهم امرأة وأن لها عرشاً
عظيماً ، وأنهم يسجدون للشمس من دون الله ، وأن ذلك
من عمل الشيطان الذي زين لهم أعمالهم ؟! كل ذلك علم
أعطاه الله تعالى للهدهد بينما نحن نعتقد أن الطير
لاعلم لها ، وأنها تجوب السماء بحثاً عن رزقها ، وأن
هذا هو كل عملها ! إن الله يطلعنا أن للنمل لغة يتكلم بها ، ولو
فهمنا لعرفنا مايقول ، وأن الهدهد له علم ، ولو
عرفنا أن نخاطبه لعرفنا الكثير مما هو غائب عنا وأن
كل هؤلاء يسبحون لله سبحانه وتعالى ! فالحياة
لاتشمل الإنسان وحده ولكنها تشمل أجناس الكون كله ،
وإن كنا لانعرف عنها إلا قدراً بسيطاً .