|
|
|
|
|
|
الحــيـاة...........والمــــــــوت |
|
|
|
|
|
|
|
للامام الشيخ المرحوم
محمد متولي الشعراوي
|
|
|
|
|
|
ماهي الحياة ؟
في
محاولتنا لمعرفة معنى الحياة .. يجب أن نعلم أن
الله سبحانه وتعالى لم يقصر الحياة على الإنسان
والجان وحدهما ، بل إن الحياة تمتد في كل رقعة في
هذا الكون . نحن نأخذ الحياة على أنها الحس والحركة
.. والحقيقة أن الحياة هي أن يؤدي كل شيء مهمته في
هذا الكون .
نحن نقول إن الإنسان حي لأنه يتحرك ويمشي ويتكلم
، ونقول إن الحيوان حي لأنه يتحرك وفيه حس ، ونقول
إن النبات حي لأنه يتنفس ، أما باقي الكون فنحن
نعتقد أنه غير حي ، وهذا غير صحيح ، كيف ؟ !
إن مفهوم الحياة في هذا الكون يختلف عن مفهومنا
تماما ، فأجناس الكون أربعة : هي الجماد والنبات
والحيوان والإنسان ، وكل جنس من هذه الأجناس يخدم
الآخر ، ويتوقف عند خصائصه .
فالجماد ـ على سبيل المثال ـ يخدم النبات
والحيوان والإنسان . وآخر خصائصه هي النمو ، إن هذا
تجده في الشعب المرجانية في البحار ، إنها تنمو رغم
أن الجماد ليس له صفة النمو ، ولكن كل جنس من أجناس
الكون ، له ترقيات تتوقف وتنتهي عند بداية خصائص
الجنس الآخر التالي له . الجماد يتوقف في رقيه عند
خصائص النمو ، وهذه أول خاصية بالنسبة للنبات ،
فالنبات يبدأ بالنمو ويتوقف عند الحس . فيوجد نبات
يحس ، مثل (الست مستحية ) كما يسميها أولاد البلد ،
وهي زهرة إذا اقتربت منها باصبعك ضمت أوراقها .
والحيوان يبدأ بالحس ويرتقي فيه حتى مبادئ العقل
، التي تتكون فيه غريزياً ، فنجد أن بعض أنواع
القردة الراقية ، تستطيع أن تقلد الإنسان ولكن بلا
فهم ولاتوريث .
إن في استطاعة الإنسان أن يدرب الحيوان على
القيام بألعاب فيها نوع من الفكر البدائي ، ولكن
هذه المهارات ـ بالنسبة للحيوانات ـ لاتورث ، بمعنى
أن القرد الذي تعلم القفز من فوق الحواجز ، لايلد
قرداً يفعل ذلك دون تدريب ، مما يؤكد لنا أن كل
الأعمال التي تقوم بها الحويانات المدربة ، إنما هي
أشياء مهارية اكتسابية فردية .
يأتي بعد ذلك الإنسان الذي هو سيد هذا الكون الذي
ميزه الله سبحانه وتعالى بالعقل ، ليتدبر في كون
الله ، ويعقل آيات الله ويتبع منهجه سبحانه وتعالى .
نحن ننظر إلى الجماد على أنه ليس فيه حياة وحرك ،
ولا نلتفت الى أن مهمته في الحياة تقتضي ذلك، إننا
إذا تدبرنا قول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز
الذي يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه :
{ كل شيءٍ هالكٌ إلا
وجههُ }
(من الآية 88 سورة القصص )
ندرك عن يقين أن كل مايطلق عليه شيء في هذا الكون
سيهلك يوم ينفخ في الصور ، ومادام الله سبحانه قال (
كل شيء ) سيصبح هالكا ، إذن (فكل شيء) فيه حياة ، لأن
الهلاك ـ كما قلنا ـ هو عكس الحياة أو مقابلها ـ
واقرأ قوله سبحانه :
{ لِيُلهلِكَ من هلك عن
بينةٍ} .
(من الآية 42 سورة الأنفال )
إن هذه الآية الكريمة تدلنا على أن الهلاك مقابل
للحياة ، فإذا قال الله سبحانه وتعالى :"كل شيء
هالك" فمعنى ذلك أن (كل شيء ) كان حياً سوف يهلك
إلا وجه الله سبحانه .
نحن نتحدث عن الحياة على أساس أنها حس وحركة
لأننا نقيس ذلك على أنفسنا نحن ، لكن يجب أن تقاس
(الحياة) على أساس مهمة كل شيء في هذا الكون ،
فالجماد له حياة تناسبه لكي تبقى حقيقة لالبس فيها
ولا جدال .. هي أن هذه الأشياء مسبحة لله سبحانه
وتعالى وذلك مصداقا لقوله .
{ ومامن دابة في الأرض
ولاطائر يطير بجناحيه إلاّ أممٌ أمثالكم مافرطنا
في الكتاب من شيءٍ ثم إلى ربهم يحشرون } .
(سورة الأنعام )
وقوله سبحانه :
{ وإن من شيءٍ إلا يسبح
بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم } .
( من الآية 44 سورة الإسراء )
ولنبدأ بالجماد .. إن له حياته التي تلائم مهمته ،
وإن كنا لانفهما ، إننا نرى الجماد أمامنا
ساكناً لايتحرك ، ولكن هل هذه حقيقة ؟!
لقد كانوا ـ ونحن في المدرسة ـ يعلموننا كيف
نمغنط الحديد أي نجعل منه مغناطيساً ، وكنا نأتي
بأنبوبة فيها برادة الحديد ثم نأتي بمغناطيس وتمر
عليها في اتجاه واحد ، فنجد أن البرادة قد غيرت
حركتها وانتظمت صفاً واحداً وأصبحت ممغنطة ، هذه
العملية التي تحركت فيها جزئيات الحديد تتم في كل
قضيب حديد تمر عليه بمغناطيس في اتجاه واحد ،
هذه العملية البسيطة التي لاحظناها في ( برادة
الحديد) هي نفسها التي تحدث عندما نمرر مغناطيساً
على قضيب من حديد وإن كنا لانلاحظها بسبب كتلة
الحديد وتماسكها .
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|